لماذا انتعشت التجمعات والأحلاف القبلية والفئوية بعد خطابي "جول" و "ودان".. موقع الفكر

قال الوزير الأول المختار ولد اجاي في خطابه المتضمن للسياسة العامة للحكومة أمام البرلمان، إن حكومته "فيما يخص الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي ستعمل على جبهتين أساسيتين:

الجبهة الأولى: ستركز على القضاء على رواسب العقليات البائدة والتراتبيات الوهمية والصور النمطية الزائفة من خلال العمل على ترسيخ قيم ومبادئ خطاب وادان وإعلان جول وترجمتهما في خطة عمل تتكامل مختلف محاورها في مواجهة النفس القبلي والفئوي والتعصب الشرائحي والطبقي والتمييز على أي أساس كان. 

وفي هذا الإطار ستعمل الحكومة على المشاركة الفعالة للعلماء والمثقفين وقادة الرأي، والمجتمع المدني، لكسب هذه المعركة الفكرية الاجتماعية. وقبل هذا وذاك، ستعزز سيادة القانون، والمساواة أمامه، وفي الكرامة والحقوق والواجبات." هـ 

الغريب أن الحكومة وهي تتوعد المفسدين تباشر تدويرهم، وفي نفس الوقت الذي تتحدث فيه عن النفس القبلي بوصفه مشين فاختياراتها منبثقة من محاصصة قبلية جهوية فئوية.

فلم تنتعش التجمعات القبلية إلا لأنكم تشجعونها عندما تجعلونها إطارا خلفيا للوظيفة، 

ألم يكن تعيين فلان ابن فلان لأن قبيلته وافرة وذات شوكة وهو فيها منيع.

ألم يكن تعيين فلان ابن فلان لأنكم أقلتم ابن عمه فلان ابن فلان.

ألم يكن حرمان فلان ابن فلان لأن قبيلته ضعيفة وليست فيها بنية وحاضنة انتخابية..

وبالتالي نفقد الكفاءة والنزاهة لأن صاحبها لاقبيلة له ولانسب ولا نشب.

ألم يختر أحد الوزراء بعد خطاب جول زعيما لقبيلة..

ما الذي تغير بعد الخطابات الجميلة من هرم السلطة..

ألم تطلبوا من كل زعيم تسجيل حاضنة الانتخابية في مكاتب محددة وراقبتم الأمر حتى انتهت آخر انتخابات..

الإصلاح لايحتاج لتنظير بقدر ما يحتاج لقناعة راسخة أنه هو المصلحة وإن بدى متعارضا معها في لحظة فارقة.

فالمبادئ والمصالح لايمكن الجمع بينهما على حساب المبادئ.

فالإصلاح يحتاج لقرار شجاع  وصرامة في التنفيذ وأن يدرك صاحبه أن الطريق ليس مفروشا بالورود.

وما قيل في جول وودان ربما يكون مثل كلام اليل يمحوه النهار..

ولأهمية الموضوع أعيد نشر هذه المادة التي نشرنا من قبل في ذروة التجمعات القبلية المحضرة للانتخابات الرئاسية:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لماذا انتعشت التجمعات والأحلاف القبلية بعد خطابي "جول" و "ودان".. افتتاحية موقع الفكر

بين الحين والآخر تفرض قوى ومجموعات قبلية وعرقية، نفسها في تنظيمات تتناقض في أهدافها وعمقها مع روح الدولة وهيبتها وكونها الإطار الجامع للمواطنين.

هنالك في الجنوب أو الشمال أو الشرق تجمعات تعيد صياغة الآصرة القبلية لتطبعها بلبوس سياسي شفاف، وعلى مرأى ومسمع من الدولة، تعود الأمجاد الغابرة وذكريات وأساطير الحروب والفتكات، والتفاضل على أساس عرقي ونسبي وجهوي.

في أحيان كثيرة تقوم نزاعات قبلية على أراض هي ملك عمومي للدولة الموريتانية، بحكم القوانين التي صدرت، ثم أسقطتها قوة القبيلة وسطوتها.

أكثر من مهرجان قبلي تم تنظيمه خلال الفترة الأخيرة تحت عناوين مختلفة، تنتهي بشكل إلى تمجيد مجموعة أو إحياء ثقافة غابرة لا علاقة للدولة بها من قريب ومن بعيد.
وغالبا ما تكون النتائج سلبية ولا تتجاوز  المطاعم وغناء القنيات والتشرف لأن " تسمع بنا العرب"

لقد كان المرحوم المختار ولد داداه حاسما أكثر عندما أقال عددا كبيرا من المسؤولين الذين حضروا حفلة "آوليك" الشهيرة التي تضمنت مصالحة قبلية بين مجموعتين.

صلح الافتضاح..

لقد تربت خلال هذه الفترة أجيال لا تعرف القبيلة ولا تؤمن بها ولا تسعى لتمكينها، قبل أن تتدفق مجموعات أخرى كبيرة وقوية من القبليين حتى النخاع، دخلت القبلية في العمق، حيث يتم تقاسم المناصب الوزارية تبعا للمحاصصة القبلية، والمناصب النيابية وفقا لها أيضا، وبموجبها تتحول الإدارات العمومية إلى ميدان للصراع القبلي، وهكذا يقوم وزير جديد، باستهداف مجموعة قبلية بالتصفية، والتمكين للقبيلة.

لقد أصبحت قبيلة الرئيس والوزير والنائب والمدير هي المسيطر،  دائما وصاحبة النفوذ والقوة، وأصبحت السند البراق الذي يرفع من لا سند له من علم ولا مكانة ولا شهادة، يكفي أنك ابن المسؤول الذي يمثل قبيلته، وأن كان له أب ومات رحمة الله عليه .

يكفيه فخرا أنه مفرد   وجده هو العالم المفرد.

من بطأ به عمله لا ينبغي أن يسرع به نسبه..

طبيعي أنه لا يمكن القضاء على القبيلة، لأنها آصرة مجتمع، لكن القبلية كأسلوب ونمط في إدارة العلاقات والوصولية السلبية ينبغي أن يتوقف، ومن المؤسف جدا أنها عادت بقوة مع نظام الرئيس الذي تحدث في "وادان"  و"جول"  بما أثلج صدور المواطنين، ورفع سقف الآمال، وجميل التوقعات،  لكنها آمال سقطت في شراك القبلية للأسف..

كان من المؤسف ان تتعامل السلطة بأريحية مع التجمعات القبلية، ترخيصا ودعما وعناية وهي التي منعت قبل فترة ترخيص مهرجان وطني ثقافي للشيخ الحاج ولد  محمد المشري، واستفزته السلطات الإدارية، وهاهي الآن السلطات نفسها تغض الطرف عن تجمعات بنيت على أساس المحسوبية واختطاف الشعارات القبلية.

فهل اختلت حساباتنا و تبخرت آمالنا حين عولنا على الرئيس الغزواني في إيقاف غوغاء ورعاء القبلية عند قدرهم، وهو غير كبير.. فهل سينحاز صاحب الفخامة إلى الشعب والأمة،  أم أنه  سيفتتح  حملته بالتجمعات القبلية وألوية العشائر  المتنافسة.