المغرب الصحة: ​​نقص الأدوية الحيوية

يمر المغرب بأزمة صحية عمومية خطيرة غير مسبوقة، تتمثل في النقص المستمر في الأدوية الحيوية، خاصة تلك المخصصة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة. لعدة أشهر، أدت انقطاعات الإمدادات هذه إلى زيادة القلق لدى المرضى وأسرهم، مما كشف عن عيوب النظام الصحي الضعيف بالفعل.

ويقول بوعزة الخراطي، رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، إن انقطاع الإمدادات يؤثر على العلاجات الحيوية لأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وحتى أمراض الطفولة الشائعة، مما يترك المرضى وعائلاتهم في معاناة متزايدة. وبدون بدائل موثوقة، يتعرض العديد من المرضى لخطر تدهور صحتهم، في حين يتعافى أخصائيو الرعاية الصحية بلا حول ولا قوة في مواجهة حالة الطوارئ.

يجب بناء السيادة الدوائية

ويمتد هذا النقص أيضًا إلى العلاجات الأساسية للأطفال الرضع، الذين يكونون حساسين بشكل خاص خلال فترة الشتاء هذه. ويؤدي عدم وجود حلول إلى تعريض رفاهية الصغار للخطر، مما يؤدي إلى تفاقم محنة الوالدين. إن تقاعس السلطات وصمتها يزيد من المخاوف من وقوع كارثة صحية حقيقية.

ومن بين المنتجات التي لا يمكن الحصول عليها العلاجات الأساسية اللازمة لمرضى القلب. ويؤدي هذا النقص المستمر منذ أكثر من شهرين إلى تفاقم معاناة المرضى. ومن الصعب أن نتخيل تداعيات حالات الغياب هذه، لا سيما على الفئات السكانية الأكثر ضعفا، والتي تواجه بالفعل رعاية طبية غير كافية في كثير من الأحيان.

وبحسب العديد من الخبراء فإن أسباب هذه الحالة متعددة. فمن ناحية، كان للاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، والتي تفاقمت بسبب المنافسة المتزايدة في سوق المواد الخام الصيدلانية، تأثير الدومينو على المخزونات الوطنية. من ناحية أخرى، فإن مرسوم تنظيم أسعار الأدوية لعام 2013، على الرغم من أنه تم تقديمه بهدف جعلها أكثر سهولة، إلا أنه جاء بنتائج عكسية على أهدافه. ومن خلال تفضيل شركات الأدوية المتعددة الجنسيات، ساهم هذا المرسوم في تآكل الإنتاج المحلي وتفاقم اعتماد المغرب على الواردات.

نظام تحت الضغط

إن التوسع الأخير في التغطية الصحية الشاملة، على الرغم من الترحيب به باعتباره خطوة كبيرة إلى الأمام، لم يؤد إلا إلى زيادة الطلب على الأدوية. الصيدليات، التي غمرتها هذه الزيادة في الحاجة، غالبا ما تجد نفسها مضطرة إلى التوضيح لعملائها أن المنتجات التي يبحثون عنها غير متوفرة. وفي الوقت نفسه، فإن المرضى، الذين تُركوا دون بدائل قابلة للتطبيق، يشهدون تدهور صحتهم.

ولمعالجة هذا الوضع، أعلنت وزارة الصحة عن خطة استراتيجية وطنية تهدف إلى تشجيع استخدام الأدوية الجنيسة وتعزيز قدرات التخزين. لكن هذه الإجراءات بطيئة في إحداث نتائجها، مما يفسح المجال أمام أزمة تتفاقم يوما بعد يوم.

وفي مواجهة هذا الوضع المثير للقلق، ترتفع الأصوات، بما في ذلك صوتي مثل بوعزة الخراطي، للتنديد بعجز السلطات عن توقع هذا النقص. يجب على المغرب أن يعيد التفكير بشكل مطلق في سياسته الصيدلانية وأن يشرع في السير على طريق السيادة الصحية. ويتطلب ذلك استثمارات ضخمة في الإنتاج المحلي للأدوية، وإصلاح سياسات التسعير وتنظيم الواردات بشكل أفضل.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد حان الوقت لكي تضع السلطات آليات مراقبة فعالة لرصد المخزونات المتاحة في الوقت الحقيقي وتوقع النقص. ومن شأن هذا النهج الاستباقي أن يمنع آلاف المرضى من العيش في حالة من عدم اليقين، من خلال استعادة ثقة الجمهور في النظام الصحي المغربي.

المسؤولية الجماعية

ومن الضروري أن يُنظر إلى هذه الأزمة على أنها دعوة للعمل لجميع الأطراف المعنية: الدولة والمصنعين والمهنيين الصحيين والمواطنين. الصحة حق أساسي، ولا ينبغي أن يكون الدواء ترفًا أبدًا.

وباعتباري جهة فاعلة في المجتمع المدني، سأستمر في التحذير من هذه الانتهاكات والدعوة إلى إصلاحات هيكلية عاجلة. لأنه إذا كان هذا النقص في العلاجات الحيوية في المغرب يعكس الاختلالات الحالية، فيجب قبل كل شيء أن يكون بمثابة درس لبناء نظام أكثر مرونة، قادر على ضمان حصول الجميع على الرعاية والعلاج اللازمين. وهذه ليست مجرد مشكلة لوجستية بسيطة: فهي تكشف عن اختلالات عميقة في إدارة قطاع الأدوية وتسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى الإصلاح البنيوي.

وللاستجابة لهذه الأزمة، يجب أن يصبح إنشاء نظام مراقبة معزز، قادر على توقع الاضطرابات، أولوية وطنية. ولكن بعيدًا عن الحلول التقنية، فهي مسألة مسؤولية سياسية: يجب على الدولة أن تضمن الوصول إلى العلاج وأن تطمئن السكان أيضًا على قدرتها على حماية صحتهم.

ويواجه المغرب تحديا يتجاوز النقص الحالي. ويجب أن تكون هذه الأزمة بمثابة حافز لإعادة بناء سياسة صيدلانية قوية ومرنة، قادرة على حماية المرضى، وكذلك ثقة الشعب المغربي الذي يستحق رعاية أفضل.

ترجمة موقع الفكر 

أصل الخبر 

https://fr.hespress.com/397960-maroc-sante-la-penurie-de-medicaments-vit...