رمضان "تندوجة"- لمرابط محمد الخديم

      تندوجة، تلك القرية الخضراء  التي تبعد حوالي 75 كيلومترًا عن بوتلميت، تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا وروحانية عميقة. اختارها الشيخ سيديا الكبير، أحد أبرز علماء المنطقة، مقرًا لسكنه وتعليم تلاميذه العلوم الشرعية، مما جعلها مركزًا علميًا وروحيًا مرموقًا.  بالاضافة الى مكانتها السياسية التي تجلت في مؤتمر تندوجة عام 1856م، الذي جمع زعماء إمارات اترارزة ولبراكنة وآدرار في محاولة لتوحيد الصفوف.

      لكن ما يهمنا هنا هو الحديث عن جو رمضان في تندوجة، حيث تتحول القرية إلى ملتقى للطلاب من مختلف الشرائح الاجتماعية، يجتمعون تحت سقف العلم والإيمان. 

    لا فرق بين أبيض أو أسود، ولا بين فلان أو علان، فالمقياس الوحيد هو التحصيل العلمي والاجتهاد في طلب المعرفة. 

     يتكفل آل الشيخ سيديا بالإنفاق على الطلاب والأساتذة، وهي سمة تميز محاظر أهل داداه وأهل الشيخ سيديا، حيث العلم يُقدَّم بلا مقابل مادي، بل بروح الإخلاص والتقوى.

    عندما تكون في تندوجة، تشعر وكأنك في عالم آخر، حيث يملأ القرآن الكريم الأجواء، وتستيقظ على ذكر الله. هذا الجو الروحي يغذي العاطفة الإيمانية، ويشعل شعلة الإيمان في القلوب، ويعيد شحن النفوس التي قد تكون تعبت من هموم الدنيا. هنا، في هذا المكان الطاهر، تجد النفس فرصتها لأداء واجباتها نحو الله، وتجديد حبها وانقيادها لرب العالمين.

     رمضان في تندوجة ليس مجرد صيام وصلاة، بل هو تجربة روحانية عميقة، حيث يتجلى الإيمان في كل لحظة، وتتحول القرية إلى مدرسة للقلوب قبل العقول.

 للتعلم والتأمل، ولتجديد الروابط مع الله ومع المجتمع. 

      هذه القرية، بفضل تاريخها وروحانيتها، تظل مكانًا مميزًا لكل من يبحث عن الهدوء الروحي والمعرفة الدينية في أجواء رمضان المبارك.