قال الخبير المالي الدكتور محمدن ولد حمينه إن هناك الكثير من المعوقات التي ما زالت تحول دون وجود مصارف إسلامية ،فالتجربة لازالت ناشئة وتنمو في محيط غير ملائم فلا البنك المركزي متعاون ولا السوق متعاونة ولا المحيط الدولي متعاون.
وأوضح ولد حمينه أن الموجود حتى الآن بدائل عن الربا يستخدمها البروالفاجر، مؤكدا أن الترتيبات القانونية المتعلقة بالمعاملات الإسلامية كما وردت في الباب الثالث من القانون المصرفي الموريتاني 2018 لم تفعل حتى الآن ولم تصدر المراسيم المطبقة لها، مضيفا أن القانون يحمل الكثير من النواقص لاختلاف البنوك التقليدية عن البنوك الإسلامية على مستوى السيولة والمساهمين، ومع ذلك فالموجود من المعايير الشرعية يمكن أن يكون مادة لتوحيد الرقابة بين المصارف الإسلامية لانعدام ما يجمعها إذا استثنينا المعايير الشرعية.
وانتقد ولد حمينه فتح بعض البنوك "نوافذ إسلامية" واصفا لها بالسيئة لأنها تخير الشخص بين ما هو ربوي وما هو مباح أو فيه شبهة،إلا إذا كان فتحها في إطار التحول إلى مصرف إسلامي
وحول التأمين أوضح ولد حمينه إن الجائز منه هو التأمين التعاوني وبصيغة تقوم على الفصل التام بين صندوق التأمين وصندوق الشركة التي تسير التأمين
وعن الاستغناء بالزكاة عن الضرائب قال ولد حمينه إنه لا يمكن الاستغناء عن الضريبة والتي هي مقابل الخدمات الاجتماعية للدولة كالتعليم والصحة والبنى التحتية، فالدولة اليوم تختلف عن الدولة الإسلامية والتي كانت دولة راعية في أغلب أشكالها،.
وعبر ولد حمينه عن رأيه في مؤسسة الزكاة والجهات التي ينبغي أن تتبع لها ،وعن رؤيته للتعليم والأمن بالبلد إضافة إلى تقييمه لسنتين من حكم الرئيس غزواني ...وذلك في هذه المقابلة الخاصة.
الفكر: نود منكم أن تعرفوا المشاهد بشخصكم الموقر من حيث الإسم وتاريخ ومحل الميلاد والدراسة والوظائف التي تقلدتم؟
د. محمدً بن حمينَ: أشكرلكم هذه الاستضافة، وأرحب بكم والاسم كما تفضلتم، اسمي هو محمدن بن سيد محمد بن حمًينَ ولدت سنة 1957م، ودرست في المحاظر التقليدية القرءان الكريم والمتون المعروفة كطرة ابن بونا وكفاف المبتدئ ومختصر خليل بن إسحاق وبعض الكتب الأخرى والمعلقات.
ودراستي في المحظرة لا أقول إنها معمقة، ولكني أقول إنها دراسة على كل حال.. ثم التحقت بالتعليم النظامي باكرا في السبعينات، وحصلت على شهادة البكلوريا، فدرست في مصر ثم في المغرب على فترتين فترة قبل التوظيف وفترة بعده وكانت هذه الدراسة متوجة بشهادة الدكتوراه في الفقه المعاصر، أو المالية الإسلامية المعاصرة، وكان موضوعها من المواضيع ذات الصلة بالمالية الإسلامية عن أحكام المعاملات في البورصات، وعملت في عدة مصارف إسلامية، فكنت مديرا في مصرف إسلامي هو مصرف باميس وعملت أيضا مدرسا جامعيا، وعملت كذلك مدرسا في المدرسة الوطنية للإدارة وفي جامعة نواكشوط وجامعة شنقيط العصرية حيث أتولى الآن تنسيق قسم الاقتصاد الإسلامي أو المالية الإسلامية، وأعمل مراقبا شرعيا في مصارف إسلامية محلية وعملت مدققا شرعيا في مصرف دبي الإسلامي فترة من الزمن وأمارس حاليا مهنة الرقابة الشرعية في مصارف وشركات تأمين محلية.
موقع الفكر : ما هي أهم الأمور التي أثرت في حياتكم؟
د. محمدً بن حمينَ: على كل حال الحياة اكتشافات وكل اكتشاف له تأثير في الحياة، وأعتقد أن أهم شيء أثر في حياتي هو عندما ابتعثت لدراسة الهندسة في الأكاديمية العربية للنقل البحري ولم أستطع الاستمرار في هذا النهج لأنه لم يكن يلائمني لا جسميا ولا ثقافيا، وغيرت مساري الدراسي إلى دراسة القانون والاقتصاد فانفتحت أمامي مجموعة من الأمور فكأنما كشف الغطاء بالنسبة لي عن الحياة الجديدة المعاصرة وعن أمور كنت في جهل مطبق عنها وكان ذلك في مصر نهاية السبعينات.
وبدأت أنظر إلى العالم نظرة أخرى ولم تكن لدي هذه النظرة قبل ذلك وهذا شيء معقول لأني بدأت أنتقل من فترة المراهقة إلى فترة الشباب وفترة نضج العقل نوعا ما واستيعاب المعارف واستيعاب الأمور من حولي.
ولما جئت إلى مصر كانت الحركة الإسلامية في عنفوان نشاطها وتأثرت كثيرا بما أسمع وأشاهد في الجامعات والمساجد وبعض خطب الشيخ كشك في حدائق القبة وأستمع إلى مصطفى إسماعيل يحاضر في الدقهلية، وحقيقة هذا الأمرأثر في تأثيرا طبع حياتي في الغالب.
موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الرقابة الشرعية وهل هي مجرد واجهات دعائية؟
د. محمدً بن حمينَ: ليس هنالك أمر كلي في هذا الموضوع بحيث لا تشذ عنه ولا تتولد عنه جزئية وهذا الذي تفضلت به يصدق ويصدق عكسه ،وهناك مصارف تكتفي فعلا بجعل مشائخ في وثائقها ولا تستشيرهم ،وإنما تروج بهم لدى المتعاملين معها الذين يحجمون عن التعامل بصريح الربا.
وهنالك أيضا مصارف تلتزم إلى حد كبير بالرقابة وأنا أتحدث عن تجربة شخصية فأنا أمارس الرقابة في بعض المصارف المحلية وهذه المصارف التي أمارس فيها الرقابة يمكن أن أفيد بأنها تلجأ إلي تذليل صعوبات شرعية وإعطاء بدائل شرعية وعندما آمرهم بالكف عن معاملة معينة يلتزمون بما أقوله، وأحيانا إذا أعددت تقريرا وبينت فيه بعض النواقص يهرعون إلى تصحيحها، ويوزعون التقرير على الدوائر المختصة لمعالجة النواقص التي تحصل وهذه تجربتي مع المؤسسات التي أتعامل معها.
ولا أقول إن الأمر كما ينبغي بل أبعد من ذلك حتى على مستوى كل البنوك العالمية لأن التجربة ناشئة ونبتة في محيط غير ملائم ,فلا البنك المركزي متعاون ولا السوق متعاونة ولا المحيط الدولي متعاون، وعلى كل حال في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب كما يقال. والذي يحصل فيه مندوحة عن صريح الربا "ما أمرتكم به فاتوا منه ما استطعتم " واتقوا الله ما استطعتم " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" إذن فالمصاريف الإسلامية تتعثر وتخطئ وتصيب شأنها في ذلك شأن بقية المؤسسات، فالذي يحصل في المساجد لا نستطيع أن نقول إنه مقبول كليا وصحيح من الناحية الشرعية ، بل تقع منكرات كبيرة ولكن ينبه عليها ونفس الشيء يحصل في المصارف. والمسطرة التي أعدت مسبقا للمصرف مسطرة إسلامية أو غير ربوية إن صح ولا أحب أن أستخدم كلمة إسلامي فيما يتعلق بالعمل المصرفي والتأمين، لما قد يكون فيها من دعاية رخيصة لا أحبها ولكن أقول إنها بدائل عن الربا يستخدمها البر والفاجر.
موقع الفكر: هل هناك نموذج موحد للرقابة، ومن حيث التصنيف، رقابة داخلية أو خارجية، أم كلاهما؟
د. محمدً بن حمينَ: هنالك قانون صدر قبل سنتين أو ثلاث، أظنه صدر في سنة 2018م، ينظم معاملات المصارف الإسلامية فيه باب يسمى الباب الثالث وهذا الباب ينص في بعض مواده على أن تكون هناك هيئة رقابة شرعية على مستوى البنك المركزي وأن تكون هنالك هيئات للمطابقة الشرعية على مستوى البنوك المحلية ودور هذه الهيئات إنما هو أن تطابق عملياتها مع ما رسم على مستوى البنك المركزي، لكن هذا القانون لم يفعل حتى الآن بما ينبغي ولم تصدر اللوائح والتعليمات اللازمة المتعلقة به وفيه كثير من النواقص تتعلق بطريقة الرقابة الشرعية لأن البنوك الإسلامية تختلف عن البنوك التقليدية في كثير من الأمور خاصة فيما يتعلق بالسيولة وما يتعلق بالمساهمين في الشركات لأنها بنوك تجارية وليست بنوك سيولة وهي بنوك في معاملات مالية ذات اقتصاد حقيقي وليست اقتصادا نقديا ،و القانون فيه نواقص و الإجراءات والمساطر والتعليمات التي تطبقه لم تصدر حتى الآن.
والذي يحصل الآن هو أن كل مصرف لديه شخص أو اثنان أو ثلاثة ،والقانون ينص على ثلاثة أشخاص لكنهم لا يلتزمون بذلك لأن الإجراءات التي تنظم هذا القانون لم تصدر و على كل حال مرجعيتهم واحدة وهي "المعايير الشرعية" ما عدا بعض الاجتهادات من هنا وهناك، لأننا نعلم أن القضية ليست محتكرة من جهة عن جهة.
وأعتقد أن ما يوجد من معايير شرعية يمكن أن يصبح مادة لتوحيد الرقابة الشرعية بين المصارف الإسلامية لأنه ينعدم وجود ما يجمعها إذا استثنينا المعايير الشرعية.
موقع الفكر: ماذا عن الرقابة هل هي داخلية أم خارجية ؟
د. محمدً بن حميْنه: المراقب الداخلي هو موظف عند المصرف والمهم هو الرقابة الخارجية ونحن مررنا بمرحلتين مرحلة الاستشارات الشرعية في مرحلة الثمانينات فكان لدى البنوك مستشارون شرعيون يقدمون استشارات شرعية والبنوك غير ملزمة بها، و المرحلة الثانية تتوجه فيها اللجان الشرعية لأن تكون فتاواها ملزمة، لأنها إذا لم تكن ملزمة فما فائدتها ؟ وإذا كانت الرقابة الشرعية داخلية وخاضعة للإدارة العامة فلن يكون هناك استقلال وبالتالي لن تكون هناك فائدة. والطريقة المتبعة أن يكون هناك عين في الداخل موظف يوافي الجهة الخارجية بالأخطاء والاختلالات والانحرافات التي تحصل داخل المؤسسة والجهة الخارجية هي التي تبين وتفتي وتبحث عن البدائل الشرعية وهنالك على مستوى البنك المركزي لجنة هي اللجنة العليا على مستوى البلد،
وهذا النظام هو المطبق في المملكة المغربية فهناك مجلس أعلى على مستوى البنك المركزي، وهناك لجان على مستوى كل بنك محلي و مهمتها مراقبة و مطابقة المعاملات مع ما يتم إصداره من الفتاوى من قبل المجلس الأعلى وهذه الطريقة أكمل، لأنه في البنوك وكل المؤسسات هناك محاسب خارجي مهمته النظر في حسابات المؤسسة هل تطابق الخطة المحاسبية الوطنية وهل تطابق قوانين البنك المركزي وهنالك اتجاه لتوحيد المحاسب الخارجي والمدقق الخارجي وأعتقد أن هنالك بعض المعاهد في العالم تدرس المحاسبة والتدقيق الشرعي الخارجي في آن واحد.
موقع الفكر: ما المعوقات التي تواجه الرقابة الشرعية، هل هي نتيجة لنقص الخبرة أو نقص في الرؤية أو هما معا؟
د. محمدً بن حمينَ: المعاملة الإسلامية لكي تتم لا بد أن يكون المصرف ملتزما، الموظف داخل المصرف ملتزم، الزبون يريد معاملة إسلامية، و المحيط القانوني والمحيط التجاري مساعدان وإذا لم يكن هنالك محيط مساعد يتم التحايل وتتم الصورية، وإذا لم يكن هناك بنك مركزي يراقب ويدقق، يمكن لهذه الانحرافات ألا تجد من يقف في وجهها ولتفادي كل هذا تم تصميم برامج محاسبية معلوماتية لا يمكن معها الانحراف أو الالتفاف على المسطرة التي لا يمكنها تجاوزها وفيها على سبيل المثال المرابحة والسلم والمشاركة و"الحاسوب، لا يسمح بتجاوزها ، لكن إذا كان العنصر البشري غير مقتنع فلا يمكن أن يقف شيء أمامه.
إذن، النواقص هي على مستوى الموظفين لأنهم ليسوا كلهم مدربين أو مؤهلين ،وأنا بالمناسبة أشرف على تكوين العمال في المؤسسات التي أمارس فيها الرقابة الشرعية وفي كل مرة أستدعيهم وأناقش معهم الأمور و فلسفة المعاملة نفسها، لأنهم لا يفهمون فلسفة المرابحة ولا فلسفة السلم ويفهمون الأمور على أنها عملية رتيبة فلا بد أن يكون هناك شراء قبل البيع وإلا كان بمثابة وضع العربة أمام الحصان ولا بد أن يكون الموظف مكونا والزبون مكونا ولا بد للبنك أن يكون زبناءه، ولا بد أن تكون هناك إرادة من أصحاب البنوك بقصد الكسب الحلال لا أن يكون الدافع هو البحث عن الزبناء الراغبين في المعاملات الشرعية والإحجام عن الربا، وإذا كان هذا هو الغرض فمعنى هذا أنهم لن يلتزموا بالمعاملة الشرعية ما دام الزبون راضيا وأن يكون الجو مساعدا على مستوى المساطر القانونية وعلى مستوى التعاملات المالية التي تحصل في السوق، وعلى كل حال هناك تغير كبير لما كنا فيه فأمس أحسن من أول أمس وبالتالي بالقياس غدا سيكون أحسن من اليوم وبعد غد أحسن من غد.
موقع الفكر: ما الذي يؤخر إصدار المراسيم التطبيقية لهذا القانون؟
د. محمدً بن حمينَ: هذا السؤال وارد والإدارة في موريتانيا بطيئة وهناك عدم استقرار وظيفي رتيب وشديد وبداوة وهذا يؤدي إلى عدم الاستمرارية لأن من خلف شخصا في أمر ما ينبغي أن يبدأ من حيث انتهى لا أن يستأنف من جديد وأعتقد أن هنالك عدم متابعة والمجتمع المدني ليس بتلك القوة وليست هناك جمعيات للمالية الإسلامية ضاغطة ورجال الأعمال منشغلون بأمورهم اليومية وليس لديهم وقت وأغلبهم ليست لديه هذه الثقافة لا عن قصد ولا عن سوء نية بل بسبب الضغط اليومي للعمل.
موقع الفكر: ما رأيكم في فتح بعض البنوك "نوافذ إسلامية"؟
د. محمدً بن حمًيْنَه: القانون الجديد يمنع فتح النوافذ، بل ينص على أن أي مصرف لا بد له من رأس مال مستقل و ما دام المصرف له رأس مال مستقل فمعنى ذلك أن له شخصية اعتبارية خاصة به،وما دام له شخصية اعتبارية فهو مستقل والنوافذ سيئة لأنها في الواقع تخير الشخص بين ما هو ربوي وما هو مباح أو فيه شبهة، و فتح النوافذ إذا كان في إطار التحول إلى مصرف إسلامي فهو مرحلي وكتاب المعايير يبوب على التدرج في تحول البنك الربوي إلى مصرف إسلامي.
موقع الفكر: هناك بعض فقهاء البلد يطعن في صحة عقد التأمين، وحتى "كتاب المعاييرالشرعية" يشترط اشتراطات كثيرة لجواز التأمين؟
د. محمدً بن حمينَ: التأمين التجاري أغلب فقهاء المسلمين على تحريمه لأنه يجمع بين الربا والغرر،والتأمين التعاوني لديه صيغة يمكن أن يكون بها مقبولا وهذه الصيغة تقوم على الفصل التام بين صندوق التأمين وصندوق الشركة التي تسير التأمين على اعتبار أن هنالك جمعية متعاونة على أساس مجرد التعاون والتعاضد وليس على أساس المتاجرة ثم هناك شركة مستعدة للمتاجرة في أن تنمي هذه الأموال بنسبة معينة وإذا اعتمد هذا المبدأ وهو عسير يمكن أن يقال إنه تأمين إسلامي أو تأمين تعاوني أو تكافلي إن صح التعبير.
موقع الفكر: في ضوء تجربتكم هل هناك من يطبق هذا؟
د. محمدً بن حمينَ: هنالك من يحاول الفصل بين الصندوقين والمشكلة تأتي في أن المتعاونين المتضامنين عبارة عن صندوق اجتماعي تعاوني وليس شركة وليس فيهم من يعرف الآخر ولكنهم بتوقيعهم على القسيمة يعتبرون مشتركين وهذا الصندوق هو الذي يعوض الضحايا وأصحاب الأضرار، والشركة دورها هو تسيير هذا الصندوق مقابل نسبة من استثمار أمواله لكن غالبا يرفعون هذه النسبة لتصل إلى نسبة 90% أو 80% وقد لا تفي النسبة الباقية بتعويض المشتركين فتلجأ الشركة المسيرة إلى إقراضه وبالتالي يحصل الخلط بين الصندوقين ويجعل عملية الفصل صورية احتيالية.
ولو كانت الأمور منضبطة فهذا صندوق لمجموعة من المتعاونين وهذه شركة مرخصة لتسييره لديها عمالها ومقراتها وتؤجرمقراتها وأجهزتها لهذا الغرض وتأخذ منه شيئا مقابل أعمالها فلا أرى فيه بأسا.
والفقهاء المعاصرون قاسوها على حديث "إن الأشعريين كانوا إذا أرملوا في الغزو جمعوا أزوادهم فاقتسموها، فهم مني وأنا منهم" ويسمى "النهد" ويعني أنهم يجمعون أموالهم بينهم فيأكلون منها وأكلهم غير متساو وأزوادهم غير متساوية.
موقع الفكر: ما مآل أموال شركات التأمين بعد التصفية؟
د. محمدً بن حمينَ: هذا الموضوع بحث كثيرا من الناحية الشرعية، أنا شخصيا رأيت أن هذا العائد لا يعود إلى المتبرعين وأن يصرف في أوجه الخير، فلا يعود إلى أصحابه لأنهم تبرعوا به ولا يعود إلى المؤسسة ،لأنه لو عاد إليها لاكتملت صورة الاحتيال، وبعض المؤسسات التي اطلعت على أنظمتها تقول إنه يعود إلى فعل الخير.
موقع الفكر : المؤسسات التي تشرفون عليها هل لها جمعيات خيرية؟
د. محمدً بن حمينَ : لا أعرف إن كانت لديهم مؤسسات خيرية.
موقع الفكر: كيف تصرف غرامة التأخير؟
د. محمدً بن حمًيْنه: غرامة التأخير التي أجازها الفقهاء المعاصرون درءا وجزرا للمواطنين مرجعها إلى أوجه الخير و تتصرف فيها هيئة الرقابة كما هو منصوص عليه والذي اطلعت عليه أنها توضع في حساب جانبي وليس حساب الأرباح أو الخسائر،
ويستفيد البنك من عائداتها في انتظار أن تجتمع اللجنة وهي توضع في حساب انتظار، وما يسمى بالحسابات النظامية وهي من الحسابات المعلقة وبالتالي للمصرف أن يستفيد من عائداتها، لأنه يضمنها وهي تساعد في سيولة البنك.
موقع الفكر : ألا ترى أن قانون البنك المركزي المتعلق بالمالية الإسلامية معيب لأنه لم ينص على صرف غرامة التأخير؟
د. محمدً بن حمينَ: لا أذكر أن القانون تكلم عن غرامات التأخير..
موقع الفكر : ما هي المعلومات المتوفرة لديكم حول صندوق الزكاة؟
د. محمدً بن حمينَ: كل ما لدي من المعلومات أنها من اهتمامات الدولة وأن الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني أعطى الأمر بإنشائها وعقدت اجتماعين أو ثلاثة في منزل وزير التوجيه الإسلامي وأعطيت لمكتب مغربي بتمويل من برنامج الأمم المتحدة للتنمية ونظمت وزارة الشؤون الإسلامية ندوة حول المؤسسة وشاركت فيها بورقة، وأعتقد أن الدراسة لم تنته بعد وهي من سيحدد طبيعة المؤسسة، هل هي مؤسسة عامة أو خاصة وهل تتبع للقطاع العام أو الخاص أو هي مختلطة ومن حيث التبعية (فعليها وصايات عديدة) و طريقة الجباية وتقاطعها مع الضرائب وكيف يحسب الوعاء الضريبي من الزكاة فهذه أمورلا بد من أن تبت فيها الدراسة.
موقع الفكر: هل يمكن الاستغناء بالزكاة عن الضرائب؟
د. محمدً بن حمينَه: في رأيي أنه لا يمكن الاستغناء عن الضريبة لأن الدولة الحديثة مقابل الخدمة التي تؤديها تختلف عن الدولة الإسلامية التي أخذت أشكالا عديدة ولكنها كانت في معظمها دولة راعية، بمعنى أنها دولة منظمة والدولة اليوم بالإضافة إلى دورها في الرعاية والتنظيم لديها دور اجتماعي في توفير التعليم والصحة والبنى التحتية ومجموعة كبيرة من الالتزامات وبعضها لا يتقاطع مع مصاريف الزكاة فمثلا تشييد الطرق بعض الفقهاء أدخلها في ابن السبيل وعلى كل حال الزكاة واجبة والضريبة تكملة لها، ويتكلم الفقهاء أنه يجب على بيت المال سداد حاجيات المسلمين ولا يعني عدم وجودها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ،والدول التي تعاقبت بعدهم أنها لا يمكن أن تقبل لأنها من الخطاب الوضعي وليس من باب الخطاب الشرعي حصل أو لم يحصل.
موقع الفكر: البعض يقول إن مؤسسة الزكاة ولدت ميتة لأنها أحيلت إلى جهة ضعيفة هي وزارة الشؤون الإسلامية؟
د. محمدً بن حمينَ: هي لم تحل إلى وصاية وزارة الشؤون الإسلامية تلك وصاية خلقية وهذا من المسائل المتروك للدراسة اقتراحها..
موقع الفكر : أي الجهات تفضلون أن تتبع لها هذه المؤسسة؟
د. محمدً بن حمينَ: أرى أنها يجب أن تتبع لرئاسة الجمهورية وتكون مؤسسة مختلطة فيها رجال الأعمال وفيها القطاع الخاص والقطاع العام، لأنها تطرح إشكالا على مستوى التاريخ الإسلامي وهي أن الأموال نوعان مال ظاهر ومال صامت، فالمال الظاهر تسعى الدولة إلى جمع زكاته والمال الصامت توكل زكاته إلى أصحابه وأغلب الأموال اليوم أموال صامتة وإذا لم يقتنعوا في أوجه صرف زكاتهم، فلن يدفعوا زكاتهم وإن كنت لا أرى أن مسألة المال الصامت و المال الظاهر ما زالت مطروحة بسبب وجوب الإفصاح المالي والمحاسبي الذي يفرض على كل مؤسسة أن تعلن عن ميزانياتها لدى مصالح الضرائب ،والقاعدة الشرعية تقول إن المال الصامت هو ما لا يمكن أن يطلع عليه إلا صاحبه وهو مصدق فيه ومع ذلك فينبغي حضور رجال الأعمال لهذه المؤسسة خاصة مع توجه الدولة لسياسة السوق المفتوحة.
موقع الفكر: هل يزكى مال الدولة؟
د. محمدً بن حمينَ: المال العام لا يزكى لأنه لا مالك له..
موقع الفكر: البعض يقول إن الدولة ليست محل ثقة من الناس فرجال الأعمال كانوا يؤدون زكاة أموالهم إلى أرحامهم وتحل لهم بعض المشاكل ما رأيكم؟
د. محمدً بن حمينَ : قلت في ندوة سابقة إن الزكاة هي الشعيرة الغائبة الحاضرة، فأغلب الناس يؤدي زكاة أمواله و هي غائبة كشعيرة والمطلوب حاليا إقامتها كما نقيم شعيرة الصلاة في المساجد والجمع، فينبغي أن تكون موجودة و أما باعتبارها فريضة فقد كانت تؤدى فأغلب الناس كان يزكي.
موقع الفكر: لماذا لا تطلبون مع زملائكم من الرئيس والبنك المركزي التسريع في إصلاح هذا القانون وإصدار المراسيم المطبقة؟
د. محمدً بن حمينَ: أتحفظ على كلمة زملاء لأني لا أعرف إن كانوا موجودين ،لأن كل مؤسسة لديها أشخاص تثق بهم وقد لا يكونون فاعلين ،والقانون لم يفعل والبنك المركزي أعلن في وقت سابق عن مسابقة لمجموعة من المراقبين والمدققين يتبعون للبنك المركزي ويكونون على صلة بالمالية الإسلامية لكي يدققوا ويراقبوا البنوك الإسلامية، لأن التدقيق والرقابة في البنوك الربوية تختلف عن التدقيق والرقابة في البنوك الإسلامية.
مسطرة الرقابة في البنوك الربوية لا يمكن أن تطبق على البنوك الإسلامية لأن البنك الربوي تطبق فيه نسبة السيولة بينما تطبق في البنك الإسلامي نسب أخرى.
و كذلك البنك الإسلامي ينبغي أن يكون بنكا تجاريا وأحسن ما قيم به في الصيرفة الإسلامية هو تجربة بيت التمويل الكويتي، لأنه بيت مغلق محيطة به مجموعة من الشركات يملك أكثر من نصف رأس مالها وهذه الشركات متخصصة في كل الميادين وليست مطروحة لهم مسألة "العينة" فإذا أردت أن تشتري ثلاجة أو سيارة أو منزلا أو أرضا فسيبيعونها لك لم يخرجوا نقودا ليستوردوا لك البضاعة، وهذا نموذج من الاقتصاد الحقيقي وما طبق في العالم الآخر هي مصارف إسلامية ،وعلى كل نحن ما زلنا في بداية الطريق وأتوقع خيرا وأظن أن الأمور في تقدم.
موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم؟
د. محمدً بن حميْنًه : واقع التعليم مزرفالمستويات متدنية والعاملون في حقل التعليم الأساتذة والمعلمون في ظروف لا يحسدون عليها وما لم يوضع المعلم الأساس المربي للنشء في ظروف ترفع عنه حرج الحاجة لن يكون هناك إصلاح، فالأجور متدنية في هذه القطاع وهناك خلبطة تسبب فيها التعليم الخصوصي وأرى أنه يجب على الدولة دمج التعليم الخصوصي في منظومتها التعليمية وما دام هناك تعليم خصوصي لن يكون هناك إصلاح لأن 70% من الناس يدرسون أبناءهم في المدارس الخصوصية وحتى الأساتذة الذين يدرسون في التعليم النظامي يذهبون إلى العمل في المدارس الخصوصية، وأعتقد أن الدولة يجب أن تخصص لكل ميدان من الميادين شهورا لدراسته والتعليم في أولوية الأولويات،
ومخرجات التعليم يجب أن تتأقلم مع حاجيات السوق ويجب أن لا يدرس إلا ما هو مطلوب ولا يطلب إلا ما هو مدروس. الفرنسة المفروضة في تعليم المواد العلمية تطرح إشكالية الاستيعاب لأن الكثير من التجارب أثبتت أن لغة الأم يستوعب بها ما لا يستوعب بسواها،
والمشاكل ولا يمكن حصرها وعلى كل حال يمكن القول إن المستويات متدنية جدا وإن الظروف الاقتصادية والمالية للعاملين في هذا القطاع مزرية أيضا.
موقع الفكر: ما تقويمكم لسنتين من حكم الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني؟
د. محمدً بن حميْنًه: أعتقد أن الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني له نية حسنة ولكن لا أعتقد أنه يحسن اختيار الأشخاص فاختيار الأشخاص ملكة أخرى قد يكون ذلك من قلة اندماجه في المجتمع وخبرته، بما يجري في المجتمع وقد يكون السبب في هذا بعده عن الناس وقد يكون ممن يعرض عليه من الناس، ولا أظنه أحسن الاختيار في المجمل العام وهنالك استثناءات ولكن الأشخاص الذين اختيروا وأسندت إليهم وظائف وزارية في مجملهم ليسوا على مستوى المطلوب في تحديات المرحلة و التحدي، لا أنكر أنهم قد يكونون نزيهين وقد تكون لديهم مؤهلات معرفية لا بأس بها ، ولكن نحن في حاجة إلى أشخاص تحد، وليس أشخاصا عاديين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول الناس "كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة"، وينبغي لنا أن نبحث عن الرواحل وينبغي أن يكون هناك مستوى من الصرامة في تطبيق القانون والإرادة القوية والإرادة في وقف نزيف الفساد، وأعتقد أنه صاحب نية حسنة ولكن النية وحدها لا تكفي.
موقع الفكر: هل حددت أوجه صرف الزكاة في نظم المؤسسة الزكوية الجديدة؟
د. محمدً بن حميْنه: لا يمكن أن يحسم إلا بعد أن يناقشه الفقهاء والخبراء والاقتصاديون. والضريبة بالإضافة لاستهدافها الربح قد تستهدف المال كضريبة المبيعات وضريبة الدخل وغيرها ومصالح الضرائب تأخذ بعين الاعتبار من أثبت لهم أنه أدى زكاة أمواله وإن كان صندوق النقد الدولي يأبى لهم ذلك وقد سمعت المختار بن اجاي أيام كان مديرا للضرائب ذكرأنهم يقومون بها فعلقت له بأن وعاءهما ليس واحدا ولكن ينبغي أن تؤخذ الزكاة في عين الاعتبار عندما تريد فرض الضرائب وعند الزكاة ينبغي أن تأخذ كذلك الضرائب في عين الاعتبار و أعلم أن توسيع مضامين الآية صعب لأنه ليس هناك رجال مجتهدون يستطيعون تفسير مضامين تلك الآية وهناك رأي يقول إن ابن السبيل يمكن أن يدخل فيه إنشاء الطرق والجسور والحنفيات والفنادق في الطرق التي ينزل فيها الناس والغارمون يمكن أن تسدد منها ديون المؤسسات المفلسة، وحتى إن بعضهم يقول إن زبناء البنوك المفلسين يمكن أن تقضى عنهم منها ديونهم.
موقع الفكر: هل ترون أن الجريمة تطورت أو أن الأمر مجرد دعاية إعلامية؟
د. محمدً بن حميْنه: أظن الأمر مجرد دعاية إعلامية فالجريمة كانت وما زالت موجودة وأتذكرأني قرأت دراسة عن الجريمة منذ 2010 وعدد صاحب الدراسة جرائم عشناها ورأيناها، وعلى كل حال الجريمة موجودة، وموجودة دواعيها فنحن على مفترق طرق بين إفريقيا والعالم العربي و أوربا والجريمة متطورة والمدينة كبيرة والفقروالجنوح والدعاية والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والعنصرية الموجودة في كل الأطراف كلها من دواع الجريمة ومع ذلك لا أعتقد أن فيها تطورا كبيرا.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
د. محمدً بن حمًيْنه: أشكركم وأتنمى لكم مزيدا من الازدهار والتقدم..