قال القاضي عبد الله ولد الركاد إن أهم الأهداف التي أسست من أجلها الجمعية الثقافية الإسلامية هي تحصين الشباب ضد الأفكار التي تخالف شريعة الإسلام، وأضاف ولد الركاد أن الشباب الذين كانوا يبتعثون إلى الخارج كانوا يأتون بأفكار مستوردة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، مما دفع ببعض العلماء والشباب إلى تأسيس الجمعية الثقافية الإسلامية بغية تحصين الشباب من تلك الأفكار.
وعن علاقة إدارة الجمعية بالرئيسين هيدالة ومعاوية قال ولد الركاد إنهم كنوا يعقدون معهما لقاءات بهدف تسهيل عمل الجمعية وتنقلات رحلاتها الدعوية التي جابت مختلف أرجاء البلد.
وقال ولد الركاد إن دعم الجمعية كان بفضل جهود مجموعة من رجال الأعمال كانت تقوم بدعم الجمعية وتجمع لها التبرعات مثل عبدو بن محم ومحمد الشيخ بن الديده ومحمد عبد الله بن الخرشي، ومولاي أحمد بن الغرابي رحمه الله، ومحمد المختار بن عبد الدائم وهم أعضاء في الجمعية الثقافية الإسلامية وقد قاموا فيما بعد بإنشاء لجنة المساجد والمحاظر وكان لديها معهد اقرأ ومعهد ابن عباس.
وقال إن القضاة الشرعيين كتبوا عريضة يطالبون فيها بتطبيق الشريعة الإسلامية وطلبوا من القضاة أن يوقعوا عليها، غير أن أحد القضاة الوضعيين اعتذر عن توقيعها قائلا إنها ستسبب قطع رزقه.
إلى غير ذلك من القضايا والمواضيع التي طرقناها في لقائنا هذا مع فضيلة القاضي عبد الله ولد الركاد، وهو أحد أبرز القضاة الموريتانيين الذين عايشوا أيام تطبيق الشريعة الإسلامية بموريتانيا وكان عضوا في المحكمة الجنائية الإسلامية المختصة في الحدود الشرعية التي أنشأها الرئيس السابق محمد خونه بن هيداله.
موقع الفكر: حبذا لو عرفتم المشاهد بشخصكم الكريم من حيث تاريخ ومحل الميلاد والدراسة وأهم التي شغلتم؟
القاضي عبد الله بن الركاد: الاسم عبد الله بن الركاد ولدت سنة 1937م. وتخرجت من كلية الشريعة في ليبيا سنة 1966م. ولم أعمل في البداية؛ لأن من يحصل على شهادات ولم يكن مبتعثا من قبل يحتاج إلى معادلة الشهادة ولم تصادق عليها لجنة معادلة الشهادات إلا سنة 1976م. وألحقوني بسلك القضاء ومارست القضاء من مكان إلى مكان وكان أكثر فترات العمل في نواكشوط وكنت مستشارا في المحكمة الابتدائية ونائبا لوكيل الجمهورية، ومرة كنت مستشارا، وقد عملت في عدة ولايات كان آخرها ولاية الحوض الشرقي في مدينة النعمة سنة 1983م. لأعين بعد ذلك مستشارا في محكمة الاستئناف المنشأة حديثا آنذاك، ثم عينت عضوا في المحكمة الجنائية الإسلامية المختصة في الحدود الشرعية التي أنشأها الرئيس السابق محمد خونه بن هيداله حفظه الله ورعاه.
موقع الفكر: بوصفكم أحد مؤسسي الجمعية الثقافية الإسلامية نود منكم أن تحدثونا عن الظروف التي واكبت نشأة هذه الجمعية؟
القاضي عبد الله بن الركاد: أنشئت الجمعية الثقافية الإسلامية عام 1980م. في الشهر الخامس خلال فترة الرئيس محمد خونه بن هيداله، يمكن أن نقول إن موريتانيا ابتعثت الكثير من أبنائها بعيد الاستقلال فعاد كل من متأثر بالتوجه السائد في البلد الذي كان يدرس فيه، فمن كان يدرس في مصر عاد ناصريا ومن كان يدرس في العراق جاء بعثيا وهكذا اليساريون وغيرهم.. وهذا هو سبب نشأة هذه الحركات التي لم تكن معروفة في موريتانيا ويمكن أن نقول إن هذه الحركات القومية بجناحيها الناصري والبعثي كان لها الفضل في ميلاد الحركة الإسلامية في موريتانيا. كيف ذلك؟ فهذا البلد علماؤه من كان حيا أو من مات منهم لم يدرس أحد منهم في الخارج، وحتى الشباب الذين حملوا لواء الحركة الإسلامية في ذلك التاريخ كالأستاذ محمد فاضل بن محمد الأمين والأستاذ بوميه بن ابياه والأستاذ أبو بكر بن أحمد وأمثالهم كان دافعهم لإنشاء هذه الحركة رد فعل على هذا الفكر الوافد ولم يأت أحد من الخارج بهذا الفكر وإنما كانت ردة فعل على تلك الحركة التي دخلت البلد وبدأت تزرع الفكر القومي واليساري بين الطلاب وبدأت المجابهة وبناء على هذا أحب أن أبين أن كل حركة لا تريد أو لا تعمل أن تكون كلمة الله فهي ناكبة عن المحجة البيضاء، وهكذا أفهم الأمر.
وفي ذلك المناخ كان الرئيس المختار بن داداه يسعى إلى استبدال القوانين الوضعية بالقوانين الشرعية وفي آخر يوم من أيامه في الحكم صادق على إنشاء لجنة لتطبيق الشريعة الإسلامية وتركه المختار بن داداه على مكتبه وأحياه الرئيس محمد خونه بن هيداله وذبح القانون الوضعي من الوريد إلى الوريد، وأغلق القسم المختص بتخريج القضاة الشرعيين في المدرسة الوطنية للإدارة وأنشأ قسما في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية للقضاة الشرعيين وأنشأ المحكمة الإسلامية لتطبيق الحدود الشرعية وفي هذا المناخ نشأت الجمعية الثقافية و كنت قاضي تحقيق فيها و كان يترأسها القاضي الفاضل عبد الله بن اعل سالم، وكان القضاء الموريتاني طبقتين قضاء شرعي وقضاء وضعي وكان القضاء الشرعي يختص في موضوع الأحوال الشخصية ولا يتجاوز في الأموال مبلغ 300 ألف أوقية والأعراض والأرواح والأموال كانت تذهب إلى القانون الوضعي قبل فترة الرئيس محمد خونه بن هيداله، فجاء الرئيس محمد خونه وغير هذا الوضع ووحد القضاء وجعله قانونا واحدا واستوى فيه الطرفان في إطار واحد، وغيرت النصوص وأنجز قانون جنائي شرعي قائم على الحدود وحتى الآن ما زال موجودا رحم الله من أيقظه، واستبدل بالسجن وهذا هو الموجود حتى الآن.
وفي هذ المناخ نشأت الجمعية الثقافية الإسلامية وكان يترأسها أخونا محمد المختار بن كاكيه حفظه الله ورعاه و كان من أهم محركيها وأكثرهم تحمسا لها أخونا أحمد بن عبد الله وهو آنذاك الأمين العام لوزارة العدل، وتأسست الجمعية على عنصرين عنصر ثقافي، وعنصر من رجال الأعمال، مجموعة من المثقفين ما بين الأساتذة والمعلمين ورجال الأعمال وأذكر من رجال الأعمال عبدو بن محم ومحمد الشيخ بن الديده ومحمد عبد الله بن الخرشي، ومولاي أحمد بن الغرابي رحمه الله، ومحمد المختار بن عبد الدائم وهم أعضاء في الجمعية الثقافية الإسلامية وأنشئت فيما بعد لجنة المساجد والمحاظر وكان لديها معهد اقرأ ومعهد ابن عباس، وكانت المقارعة شديدة بين الجمعية الثقافية والحركات التي ذكرت سابقا، وكما قلت إن الفضل في وجود الشباب الإسلامي والجمعية يعود إلى هؤلاء الذين جاءوا بفكر دخيل وافد وهذا هو فهمي للمرحلة.
و نسيت أن أقول إن المستعمر لما غادر هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين ترك فيها نخبة تحمل ثقافته وبقيت تحكم بلاد الإسلام، وأضرب مثلا لهم بعمال الصيانة، فإذا أنشأت مشروعا واكتمل لا بد له من صيانة حتى يبقى وهؤلاء تركهم المستعمر لكي يحفظوا البلاد في مجالين أساسيين المجال التقيد بقوانينه والمجال الثاني التقيد بالثقافة الاستعمارية، وسأعطي مثالا على هذين المجالين، فلما سقط نظام المختار ضجت البلاد بتأييد اللجنة العسكرية من قبائل وشخصيات عامة ولم تكن الأحزاب قد نشأت بعد فقالت مجموعة من القضاة إنهم سيؤيدون اللجنة العسكرية شريطة أمر واحد وهو أن تطبق الشريعة الإسلامية وكتبوا في ذلك في بيان من سطرين، وكلفوني أنا والقاضي ابين بن بابانا بجمع توقيعات على هذا البيان ودخلنا على بعض القضاة الوضعيين ووقع لنا بعضهم وأذكر أن أحدهم قال لنا إنه يعرف أن ما قدمنا فيه أمر حق ولكنه لا يستطيع التوقيع لنا فسألناه لماذا؟ فقال إنه يغذو أطفاله من هذه الوظيفة وبالتالي لا يمكنه أن يوقع لنا.
ولذلك فالمستعمر ترك أناسا يرتبط عيشهم بالقانون الوضعي ولذلك سيدافعون عنه و يستميتون في الدفاع عنه، ومن باب الثقافة فهناك مصطلح شاع لدى العامة وهو الغزو الفكري والغزو من مصطلحاتنا نحن بل هو عدوان فكري وفيه ظلم للناس ومحاولة استبدال دينهم وثقافتهم بدين وثقافة أخرى؛ ولذلك يقولون "لا شكر على واجب"، وعلماء الوصول يعرفون الواجب بأنه هو الذي يمدح فاعله ويذم تاركه، وهذا من العدوان الفكري وكلمة شكرا استبدلت بكلمة جزاك الله خيرا وهناك كلمة أخطر وهي نزع النسبة فيقولون محمد عبد الله بدلا من محمد بن عبد الل،ه ولم يفطن لها الإعلاميون لأن الصليبيين من كثرة أبناء الحرام صاروا يطلقون الاسم المركب الكل حتى لا يفرقون بين من له أب ومن لا أب له، وهذا من تشويه ثقافتنا.
نعود إلى الجمعية الثقافية الإسلامية في ذلك التاريخ نستنقص جهودها آنذاك ولكنها كانت شوكة في حلق الحركات التي كانت تسعى إلى نسف القيم الموجودة في هذا البلد، وكما قلت لكم سابقا إن أي توجه أو حركة لا يتجه إلى أن تكون كلمة الله هي العليا ناكب عن المحجة البيضاء. وهكذا عاشت الجمعية حتى انتهت فترة الرئيس محمد خونه بن هيداله وكانت فترة خمسة أعوام إلا قليلا ورغم القرار الذي اتخذ فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية إلا أنه وقع للأسف الشديد بين فكي رحى كان فكها الأسفل البطانة السيئة وفكها الأعلى الصليبية العالمية التي رمته عن قوس واحدة، وأرسلت إليه آلاف الرسائل انزعاجا من قراره الذي اتخذه، ونتيجة للضغط الهائل بدأ خط التراجع ـ وإن كانت هذه الفقرة من التاريخ لا يعلمها الكثير من الناس ولكني كنت حاضرا لها ـ فأغلق قسم القضاة الشرعيين في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وافتتح القسم الوضعي في المدرسة الوطنية للإدارة وألغيت المحكمة الإسلامية للحدود وما بقي من تلك الإجراءات هو القانون الجنائي وتوحيد سلك القضاء وكان آخر تطبيق للحدود في الخامس عشر من الشهر الثامن سنة 1984م. قبيل أشهر من الإطاحة بنظام محمد خونه بن هيداله، وكان حادثا مروعا بسبب أن رجل أعمال كان يستأجر أحد العمال واتهمه بأنه سرق عليه بعض المال واعتقلت الشرطة العامل فاعترف بأنه سرق على رجل الأعمال، ولكنه قال إنه كان يطالب رجل الأعمال ببعض الحقوق ولم يسددها له فاقتضى لنفسه حقه وأطلقت الشرطة سراح العامل، ولكن رجل الأعمال لم يزل يحاول حتى اعتقل العامل من جديد وحكمت عليه المحكمة بالقطع، وذلك قبيل وقف القرارات، ووقعه الرئيس محمد خونه بن هيداله وللتنفيذ اجتمع والي لبراكنه ومدير التوجيه الإسلامي مع وزير العدل في مكتبه واتفقوا على أن يرسلوا مجموعة من الشباب من بينها ممرضين إلى سجن آلاك الذي يحتجز فيه العامل ويقومون بإخراجه ليلا وقطع يده وتضميد جرحه وإعادته إلى السجن، ومن ثم يعودون إلى أعمالهم في نواكشوط وكأن شيئا لم يكن، ولكن العدالة الإلهية كانت بالمرصاد، وذهبت المجموعة في سيارة مدير التوجيه الإسلامية وجاؤوا ليلا إلى سجن آلاك وأخرجوا العامل وذهبوا به إلى خارج المدينة وقطعوا يده وأودعوه السجن من جديد وعادوا قافلين إلى نواكشوط ولكنهم ما كادوا يصلون مدينة نواكشوط حتى انقلبت بهم سيارتهم فماتوا جميعا وفي نفس الساعة التي قضوا فيها كان رجل الأعمال المشتكي من العامل ذاهبا إلى الميناء لاستقبال بعض البضاعة فدخلت سيارته بين شاحنتين فتوفي في الحال وكانت يملك إحدى الشاحنتين، وطوي الملف وكان هذا آخر تطبيق لمشروع الشريعة في عهد الرئيس محمد خونه بن هيداله حفظه الله ورعاه
موقع الفكر: هل التقيتم بالرؤساء آنذاك؟
القاضي عبد الله بن الركاد: التقينا بالرئيس محمد خونه بن هيداله والتقينا بمعاوية عندما كان وزيرا أول، وبعدما أصبح رئيسا للبلاد وكانت لقاءاتنا مع الرئيسين لتوضيح الصورة؛ لأن بطانتيهما في تلك الفترة كانتا من الفئات المشاكسة للعمل الإسلامي، وحصلنا خلال فترة حكم الرئيس محمد خونه بن هيداله على أذونات من وزارة الداخلية تأمر السلطات المحلية بالسماح لبعثاتنا بإقامة محاضراتها في الولايات التي تزورها، وظلت الجمعية مفتوحة حتى الشهر التاسع من عام 1994م. حيث أغلقت أثناء الهجمة الرسمية التي شنت على الاتجاه الإسلامي ككل، ونحن مجرد أعضاء في هذا الاتجاه.
وكان لقاؤنا مع الرئيس معاوية من أجل تبديد الصورة المشوهة عنا، وكما قلت سابقا فإن أصحاب الفكر الوافد جوبهوا في الخارج من قبل الإخوان المسلمين، ولما جاءوا هاهنا أسقطوا تلك العداوة على الواقع المحلي وهذا ما جعلهم يقنعون الحكام بأن الجمعية الثقافية والشباب الإسلامي عملاء للأمريكان وأنهم امتداد لما في مصر وغيرها؛ ولذلك كانت الجمعية عندما تلتقي مع أي من الرؤساء تحاول تبديد هذه الصورة، وجاء اللقاء في هذا السياق لتكذيب الصورة التي يحاول الخصوم رسمها عن الجمعية الثقافية والحركة الإسلامية، وكان لبعض رجال عشيرته - من هم عبدو بن محمد ومحمد عبد الله بن عمار جزاهم الله- الدور الفاعل في تكذيب الصورة التي يحاول البعض رسمها عن الجمعية والحركة الإسلامية عموما، والدليل على ذلك عندما أصدر الشيخ محمد الحسن بن الددو فتواه ضد العلاقة مع اليهود وقام الشباب بتكثيرها ووزعوها على العلماء لتوقيعها فوقعها الشيخ بداه بن البوصيري رحمه والشيخ محمد سالم بن عبد الودود رحمه والشيخ اباه بن عبد الله حفظه والشيخ محمد بن سيدي يحيى حفظه الله ورعاه وجاء بها الشباب إلي فقلت لهم إني لا أستطيع توقيعها؛ لأنها تعني العلماء وقد وقعوها فأصر علي الشباب فكتبت لهم يشرفني السير في موكب هؤلاء العلماء، وقال زير الشؤون الإسلامية آنذاك إن هذه الفتوى تكفر الرئيس معاوية وحكومته، وجاء مدير المخابرات إلى كل من الشيخ بداه والشيخ محمد سالم يسألهما عن الفتوى، وكان سيتم اعتقال من أصدروا الفتوى غير أن الشيخ عبدو بن محم وقف ضد هذا المسعى وأقنع الرئيس بأن هؤلاء لا يريدون إلا الخير للبلاد واستجوبني الوزير وقال إن الفتاوى هي التي أشعلت الجزائر فقلت له إن الشيخين بداه ومحمد يطفئان النار ولا يوقدانها وقال لي أنت وقعت على الفتوى قلت له لم أوقع عليها ولكني قلت إنني يشرفني السير في موكب هؤلاء العلماء.
موقع الفكر: لماذا أغلقت الجمعية الثقافية الإسلامية؟
القاضي عبد الله بن الركاد: لا علم لنا بأي سبب، ولكن هناك بطانات تحيك ضدنا المآمرات، فأقنعت الرئيس بأن هناك مؤامرة لقلب النظام، ولم يعتقل كل أعضاء الجمعية ولكن اعتقل ستون رجلا من أعضائها، وحتى إن وزير الداخلية آنذاك ادعى وجود أماكن لتخزين السلاح، وكان كل ذلك كذبا و فشلت المؤامرة ضد أعضاء الجمعية، ولكن ترتب على الإغلاق مصادرة ممتلكات الجمعية وأعطيت الممتلكات لإدارة الأوقاف، ويمكنني أن أقول إنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وهذه الممتلكات حصلت عليها الجمعية من خلال التبرعات التي جمعها رجال الأعمال الذين كانوا يعملون في الجمعية ومن باب رد المظالم ينبغي على الرئيس الحالي رد هذه الممتلكات إلى أهلها لأنها صودرت ظلما وعدوانا.
موقع الفكر: هل كان قرار الإغلاق معيبا؟
القاضي عبد الله بن الركاد: قرار الإغلاق عبارة عن ثلاث فقرات لا غير وهو كما يلي:
ـ يعلن وزير الداخلية عن إغلاق الجمعية المسماة الجمعية الثقافية الإسلامية؛
ـ يكلف مكتب من العلماء أو الخبراء بتسييرها مؤقتا؛
ـ يكلف مدير الحريات العامة بوزارة الداخلية ومدير الأمن بتنفيذ هذا القرار.
وتلاحظ تناقض القرار الذي يعلن حلها وفي نفس الوقت تسييرها وكما قلت فإنه من باب رد المظالم الذي لا يسقط بالتقادم ينبغي للرئيس أن يرفع الظلم عن هذه الجمعية وما يزال رئيسها وأعضاؤها موجودون ولله الحمد.
موقع الفكر: ما أبرز الأحداث التي وقعت أثناء فترة الجمعية؟
القاضي عبد الله بن الركاد: أبرز الأحداث كما قلت سابقا انقلاب السيارة بالأطباء، وأذكر أن أحد أعضاء اللجنة العسكرية عين وزيرا للعدل وكانت وزارة العدل مرتبطة بالشؤون الإسلامية آنذاك وذلك أثناء اشتداد المواجهة بين تلك الحركات المناهضة لقرار تطبيق الشريعة والحركة الإسلامية فقرر مكتب الجمعية أن يزور الوزير مهنئين له على التعيين وألا يتحدثوا معه في شأن تطبيق الشريعة الإسلامية ولكنه بادرا قائلا إن موريتانيا دولة ضعيفة وإن العالم القوي يرميها عن قوس واحدة، ومن أراد تطبيق الشريعة الإسلامية في هذا الزمن، كمن يريد الوصول إلى القمر وهو يركب حمارا ورغم اتفاقنا على عدم الكلام إلا أن أحد الأعضاء استفزه الموقف فقال السيد الوزير ما قلتم صحيح ولكن من لم يطبق الشريعة فإن الخالق يعلن عليه الحرب فلتنظروا أي الفريقين أولى بالدفع وتدخل رئيس الجمعية محاولا صرف الموضوع عن مساره والتخفيف من حدة الجو قائلا إن الوزير يقصد أن الأمور تسير بالتدرج وليس دفعة واحدة.
ومرة أخرى جاء مكتب الجمعية إلى الرئيس معاوية ليشرحوا له مهمتهم، وهي كما قلت سابقا توضيح حقيقة عملهم وأذكر أن محمد عبد الله بن الخرشي شفاه الله كان لا يهاب أن يقول كلمة الحق ولا ينظر في عواقبها قال للرئيس في آخر الاجتماع السيد الرئيس لدي ملاحظات وهي أن المحكمة العليا في الجمهورية الإسلامية لا ينبغي أن يعين عليها من ليس من أهل اختصاصها فغضب معاوية غضبا وقال هذا رأيك أنت ولد الخرشي وليس رأي كاكيه وليس رأي عبدو بن محم وبصفة عامة كان للجمعية الثقافية الإسلامية هدفان رئيسيان هدف مجابهة الحركات الوافدة والهدف الثاني إبطال محاولات المكر التي توجه إليها من قبل السلطة.
موقع الفكر: هل كان الرئيس محمد خونه بن هيداله ينوي إغلاق الجمعية؟
القاضي عبد الله بن الركاد: لا لم يكن هيداله يريد ذلك بل كان ابن ابنيجاره، و كان رجال الأعمال عبدو بن محم ومحمد الشيخ بن الديده ومحمد عبد الله بن الخرشي ومولاي أحمد بن الغرابي رحمه الله ومحمد المختار بن عبد الدائم ينفقون أموالهم على منشآت الجمعية ويمولون الرحلات الدعوية وتعاون معها العلماء وأثروا نشاطها بمحاضراتهم وكان الوقوف أمام الأفكار الوافدة التي تعارض المحجة البيضاء وتحصين الشباب من أسمى أهداف الجمعية وكنا نستنقص جهودها ولكنها أنجزت بعض النجاح.
وختاما أقول إن نجاح أي قول أو فعل يراد به وجه الله تعالى يرتبط بمسألة واحدة، وهي الإخلاص لوجهه تعالى.