المفتش المصطفى ولد اكليب: التركيز على الكم حيث لا وجود للرسوب والسقوط

البكلوريا هي خلاصة الخلاصات في نظامنا التعليمي ما قبل الجامعي كان ينبغي التمهيد لها منذ المراحل الابتدائية لكي ننتظر الثمار هنالك. في نظام التعليمي الآن الغالب هو الكم حيث إن الرسوب والسقوط غير موجود تنجح الأقسام بكاملها وإذا حدث رسوب فهو قليل جدا، وهذا ما لم يكن يحدث في السابق فالنجاح كان نادرا، وهو ما كان يدفع الطلاب إلى بذل جهد مضاعف بحيث يصبح الطالب كامل الملكات نوعا ما ، قادرا على المراجعة يدرك أنه لا نجاح له إلا بذكائه وقدرته.

إضافة إلى هذا النجاح الذي تميل إليه المدارس 100% هناك ظاهرة أخرى مستشرية وهي ظاهرة الغش، حتى إنها وصلت إلى المسابقات الوطنية.

والمثال على ذلك هو إعادة مسابقة تكوين المعلمين في شعبتي الرياضيات والعربية. أرأيت بلدا تقطع فيه وسائط التواصل الاجتماعي بسبب الامتحان غير موريتانيا!  لماذا لا يحاسب المراقبون والمقصرون لما ذا لا يتم الفصل؟؟ أصبح الغش ظاهرة مستشرية يشارك فيها الجميع الأسرة ، الأقارب،  المحبون  عبر الواتس آب ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.

كان الغش في زماننا فضيحة وعارا وأصبحت الأسرة تشارك فيه وهذا يدل على انهيار القيم.

وأنا هنا لا أحمل المدرس أو المراقب مسؤولية التقصير، بل أصف واقعا سيئا شاملا، من يهدد المراقب أو المدرس إذا قام بواجبه هم الأهالي. وما الذي تريده الأسرة أو أقارب المترشحين يريدون نجاحهم دون أن يكونوا مستحقين لذلك، ومعنى ذلك أن الجميع يشارك في انهيار القيم. والتعليم لا يمكن أن يستقيم إلا إذا عدنا إلى معايير ضابطة ناظمة وقوية.

والوزارة حاليا تقترح تقويما للمدرسين وهذا إجراء يذكر فيشكر، فلا ضير أن نقوم المدرس فكل مدرس يخاف التقويم هو مدرس مشكوك في مصداقيته والنقابات لا تعترض على التقويم من حيث المبدأ وإنما تتحدث عن آلياته ولماذا هذا التقويم؟. وأنا أتساءل عندما تجرى المسابقات في ظروف سيئة ويعمها الغش ولا تكون هناك شفافية ولا نزاهة أثناء الامتحانات بالطبع سيتخرج مدرسون دون المستوى. لماذا لا يبدأ التقويم منذ بداية الجلوس على المقاعد ثم يصاحب التقييم حتى يأخذوا شهاداتهم عندها سنجد موظفين قادرين على العطاء في مجال التعليم.

وعندما تجرى المسابقات لماذا لا تؤخذ كل الاحتياطات من أجل منع من لا يستحق النجاح . وبعد مرور كل هؤلاء العاجزين بكل هذه المراحل لا أعتقد أن ساعة أو ساعتين يمكن أن تكفي لتقويمهم خاصة بعد دخولهم الوظيفة العمومية.

وأعتقد أن امتحان شهادة البكالوريا عندما يصل إليه التلامذة القادرون يكفي لأنه ستطرح أسئلة ضمن البرنامج  وسيتم انتقاؤها واختيارها لا تنس أن هذا التلميذ تم تقويمه مدة سنة فما معنى الامتحانات والتقويمات السابقة، فالبكالوريا إنما هي تقويم التقويمات وخلاصة الخلاصات.

ولكن المشكلة في نقص عدد الناجحين وذلك عائد إلى ضعف المستويات. فكل العابرين للمراحل السابقة عبروها عبورا غير مستحق. فإذا وصلوا إلى البكالوريا لم يعد أمامهم سوى خيارين إما السقوط وهو الخيار المنتظر أو الغش في الامتحان من أجل عبور هذه المحطة.

وبالتالي أعتقد أن البكالوريا ليست هي محل النقاش بل ينبغي أن نراجع المراحل التي قبلها، فذلك هو الإجراء الأسلم في نظري.

فنسب النجاح المتدنية هي مظهر من مظاهر فشل المنظومة التعليمية، فهذه المنظومة لا تستطيع أن تعطي إلا هذه النسب مع أن هذه النسب التي تعتبرونها نسبة متدنية لا تعكس المستوى الحقيقي للطلبة ولو أنهم وضعوا ضمن إجراءات لا تسمح بنجاح غير المستحقين فإن النسبة ستكون أقل.

إذن ينبغي أن نعود إلى مسار منظومتنا التربوية  ابتداء من الابتدائية فالإعدادية فالثانوية من أجل علاج مشكل الباكلوريا في هذه المراحل.