رئيس جهة اترارزه محمد بن إبراهيم بن السيد في لقاء شامل مع الفكر: عجلة التنمية لم تتحرك بعد على مستوى الجهة

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع إحدى القامات الإدارية  ممن خبروا دروب العمل التنموي والتنمية المحلية،  نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل يتناول واقع وآفاق العمل الجهوي، وأبرز معوقات ومشاكل العمل المحلي، بالنسبة لجهة اترارزه ومثيلاتها،  فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم محمد بن إبراهيم بن السيد. 

 

موقع الفكر: حدثونا عن  المجالس الجهوية من حيث الصلاحيات والمهام  والتقاطعات  التي تحدقث بينكم مع البلديات؟

 محمد بن إبراهيم بن السيد: المجالس الجهوية هيئات دستورية منشأة بالقانون المؤسس، وهو القانون رقم 10ـ 2018، ويقول القانون إن الجهة مجموعة إقليمية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلالية المالية ولأجل اختصاصاتها تتمتع الجهة بميزانية وبموظفين ومجال خاص بها وتتطابق الحدود الإقليمية للجهة مع الحدود الإدارية للولاية ويتولى إدارة الجهة جهازان منتخبان جهاز مداول وهو المجلس الجهوي وجهاز تنفيذي وهو رئيس المجلس الجهوي، وتتمثل مهمة الجهة في تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية داخل مجال اختصاصها الترابي مع احترام مجال واستقلالية وصلاحية المجموعات الترابية الأخرى، وتقوم بمهمة ملاءمة استراتيجيات التنمية والاستصلاح الترابي ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤدي إنشاء وتنظيم الجهات إلى المساس بوحدة الأمة أو سلامة الحوزة الترابية للبلد، وتتدخل الجهة في المجالات الثمانية التالية:

  •  التخطيط والاستصلاح الترابي؛
  • الاستثمارات؛
  • البيئة وتسيير الموارد الطبيعية؛
  • السياحة؛
  • التعليم ومحو الأمية؛
  • التكوين المهني؛
  • الصحة والعمل الاجتماعي؛
  • الشباب والرياضة والترفيه الثقافي.

وتمارس الجهة الاختصاصات المحالة إليها في المجالات التالية:

  • المعدات والبنى التحتية ذات البعد الجهوي؛
  • التجارة؛
  • الصناعة؛
  • التعليم؛
  • الطاقة؛
  • المياه، والصرف الصحي.

والقانون صريح لا لبس فيه ولا توجد تقاطعات مع أي جهات سواء كانت جهات ترابية أخرى أو جهات حكومية، كما أن هنالك فرق بين النص على الصلاحيات ونقل الصلاحيات.

وتوقيت نقل  هذه الصلاحيات يعود إلى الحكومة لأن تسليم الصلاحيات يحتاج إلى توفير موارد بشرية حتى تتمكن الجهة من ممارسة صلاحياتها وينبغي نقل الصلاحيات خلال تسعين يوما من انتخاب الجهة وينص القانون على ممارسة هذه الصلاحيات ضمن الاستراتيجيات الوطنية للحكومة في كل المجالات ولا يمكن لعمل الجهة إلا أن يكون مطابقا لاستراتيجية الحكومة، و لا توجد تقاطعات بين البلديات والجهة لأن كل منهما له صلاحياته، فالبلدية تمارس الجباية ولديها بعض المجالات للتدخل كالتعليم الأساسي والصحة القاعدية والأسواق والمسالخ والملاعب وتدخلها في الأساس تدخل خدماتي محلي لخدمة السكان فيما يحتاجون إليه، أما الجهة فمعنية بإنجاز متكامل للتنمية الاقتصادية للجهة حسب الإمكانيات وحسب ما تقدمه الحكومة، وما تقدمه الحكومة يتبع هو الآخر لترتيبات قانونية يحددها القانون، والجهة تزودها الحكومة بإمكانيات آخذة بعين الاعتبار الحجم الديمغرافي ونسبة الفقر وبعدها من العاصمة وهذه المعاييرالثلاثة التي اتخذتها الحكومة، يمكن أن أقول إن اثنين منها  لم يعكسا حقيقة ولاية اترارزه، وهي قريبة من العاصمة ولكن إحصاء 2013، اعتبرها في المرحلة السابعة وهذا غير صحيح كما أنه اعتبرها من أكثر الولايات غنى وهذا يدرك الناظر إلى حال السكان عدم صحته وهناك مغالطة فيما يتعلق بزراعة شمامه وهي أن الزراعة تنعش الاقتصاد ويستفيد منها الفلاحون الصغار والعمال اليدويون ولكن ملاك هذه المزارع من مختلف موريتانيا، وأدى هذا التصنيف  إلى أن نسبة  المخصصات التي تقدمها الحكومة بناء على المعايير المذكورة سابقا  ليست في صالحنا.

إذن، عجلة التنمية لم تتحرك بعد على مستوى الجهة وأنجزت نصوص ولم يكن في الإمكان تطبيقها في وقت إنجازها  نظرا  لعدم وجود موارد، واللامركزية ليست سهلة التطبيق وعلى سبيل المثال من أراد بناء منزل ولديه الإمكانيات المالية والعمال فلا بد له من فترة معينة حتى يقوى أساس البنيان فما بالك بتنمية جهة والإمكانيات غير موجودة وهناك احتياجات أكثر إلحاحا في مجالات أخرى، إذ جاءت جائحة كورونا وهو ما جعل الدولة وإمكانياتها منصبة للتصدي لهذه الجائحة، وأصبح الكل يساعد بما عنده أو بما هو مخصص له عساه يسد مسدا في هذه الجائحة والدول العظمى عجزت عن مواجهتها فكيف بنا نحن! وفي الحالات الطبيعية لا تكون  في مثل هذه الأمور سريعة  فكيف بنا ونحن في هذه الجائحة والمهم أن تكون هناك إرادة سياسة، وبرهنت السلطات على أن اللامركزية خيارها في التنمية الوطنية إذ أكد لنا رئيس الجمهورية في لقائه مع رؤساء المجالس الجهوية أن اللامركزية خيار وطني وأنه مستمر فيها وكذلك الوزير الأول في مداخلاته أمام البرلمان، وكذلك نلاحظ جهودا واضحة وهو ما يعني أن المسألة مسألة وقت وإمكانيات وجاهزية، كما أن اللامركزية لا تسير إلا بطء لأن فيها مهام كبيرة وصعبة وكانت تتولاها  الحكومة عبر قطاعات حكومية ومصالح جهوية ولسيرها على نفس النسق الذي تريده الحكومة يتطلب الأمر وقتا، وليس هناك ما يدعو للقلق ولأن أهم شيء في هذه الظروف التي نحن فيها بناء مقرات المجالس الجهوية حيث أعطى الرئيس أوامره  من مدينة نواذيبو بالبدء في بنائها وقد انطلقت علميات البناء ويتوقع أن تدشن خلال السنة الجارية كما أن العمل يجري على نقل  بعض الصلاحيات إضافة إلى تجهيزات أخرى  نص عليها القانون وهو ما يوحي بأن علاقتنا مع الحكومة علاقة طيبة، ووزارة الداخلية واللامركزية عاكفة على العمل في هذا المجال.

 والسلطات الإدارية والجهوية تعكف على هذا العمل هي الأخرى، وأعود فأكرر أنه ليس هناك من تقاطع مع البلديات لأن القانون صريح في اختصاص كل منهما ولكن هناك التعاون والتكامل  بينهما لأنهما يخدمان نفس الهدف وهو المصلحة العليا للبلاد وفي السنة الماضية 2020 نظمنا أول ملتقى  داخل البلاد لتنمية الولاية فدعونا عمد الولاية وهم خمسة وعشرون عمدة، وحضر نواب الولاية ورؤساء المصالح  الجهوية  كما حضر ممثلان عن وزارة الاقتصاد ووزارة الداخلية واستمر الملتقى لمدة خمسة أيام، ونبحث حاليا عن تمويل دراسة تنموية شاملة تراعي خصوصية كل بلدية وهذا من ضمن اختصاصات الجهة على أن يكون الإشراف من قبل الجهة بالتعاون مع العمدة الذي يطلب ما تحتاجه بلديته.

موقع الفكر: هل هناك تعارض بين عمل الجهة وعمل البلدية؟

محمد بن إبراهيم بن السيد: المدارس الابتدائية ينص القانون على أنها من اختصاص البلديات ومنذ أن أنشئت  البلديات  ظلت وزارة الإسكان هي من يقوم ببناء وتشييد المدارس ولم تعط للبلديات صلاحيات البنيان إلا ما كان من التعاون الذي تجده من خارج البلاد ونفس الشيء  فيما يتعلق بالجهة فلديها وصاية على التعليم الثانوي وتعتزم الحكومة تحويل صلاحيات السنوات الأولى من المرحلة الإعدادية  إلى سلطة الجهات على أن تحتفظ بالتعليم الثانوي لتنظر مدى نجاعة هذا  الموضوع ، كذلك ينص القانون على أن المستشفيات من صلاحيات الجهات ولكن الحكومة هي من يقرر متى  تنقل الصلاحيات من عدمها وكيف يكون.

موقع الفكر: ما أبرز التحديات التي تواجه المجالس الجهوية؟

 محمد بن إبراهيم بن  السيد: في المرحلة الحالية أهم التحديات انعدام الموارد، فأنت تريد وتخطط لإنجاز شيء ما ولكن يمنعك من إنجازه انعدام الموارد، وهذا ما لا يطلع عليه أغلب المواطنين عدا ذلك لم أر أي تحد  والاستعدادات من طرف الدولة لم أر فيها ما يمكن أن يلاحظ، وأما بطء المسار فليس خطأ بالنسبة لي  كما قلت سابقا، وقد يقول المواطنون إنهم انتخبوا المجلس الجهوي ولم يقدم لهم خدمات تذكر ولهم الحق في هذا القول مع أنهم في الغالب لا يرون إلا الجانب الفارغ من الكأس ورغم كل هذا فقد أنجزنا الكثير من الإنجازات.

 

موقع الفكر: ما أبرز إنجازاتكم خلال الفترة؟

 محمد بن إبراهيم بن السيد: كما قلت لكم،  أنجزنا الملتقى الذي حدثتكم عنه وهو بالنسبة إلي مهم لأنه شخص المشاكل الخاصة بكل مقاطعة وكل بلدية، ونعرف مستقبلا كيف نواجه مشكلة شق الطرق واستجلاب المياه من النهر لبعض المناطق والعمل على حل مشاكل المدارس الإعدادية خاصة مشاكل  الطلاب الذين يتأخروا عن المدارس بسبب صعوبة التنقل بين الحواضر، وتعرفنا على مساحات على الشاطئ يمكن أن تنمى  تنمية سياحية، وتعرفنا على أماكن يمكن  أن تستثمر في السياحة على ضفة النهر وتكون لها مردودية اقتصادية وتثبت المواطنين في أماكن سكناهم، وشارك في الملتقى خبراء اقتصاديون ودوليون.

 ومع بداية الجائحة انهمكنا في التحسيس فكنا مع السلطات الإدارية في إطار التحسيس لأن حدود جهة اترارزه هي الحدود الوحيدة التي فيها  تماس مباشر بين السكان الموريتانيين مع سكان الدول المجاورة، وبذلت السلطات الإدارية والعسكرية جهودا في هذا المضمار وكان للجهة دور كبير في التحسيس ولم نسمع بأحد من المتسللين إلا عزل وشاركت الجهة في استضافة المحتجزين وتوفير الأدوية للمرضى وفي نفس الوقت قمت بمبادرة شخصية بافتتاح صندوق للتبرعات في كل مقاطعات الجهة  وحصلنا  فيه بعض المال ولما افتتحت السنة الدراسية ارتأينا أن أهم ما يمكن أن نساعد فيه هو تأمين الطلاب والمدرسين فاستجلبنا خمسة عشر ألف كمامة تحمل شعار الجهة و هي كمامات من القماش يمكن أن تغسل أكثر من مرة بدلا من الكمامات ذات الاستعمال الواحد، وما تزال بعض أموال هذه الصندوق موجودة  وتدخلت الجهة في ثلاث بلديات لمكافحة البعوض وهي  بلدية روصو وبلدية امبلل وبلدية تكند، فاستراح الناس منه لفترة لأنه يحتاج إلى المكافحة الدورية وعاد البعوض من جديد إلى بلدية روصو فعدنا للقيام بالحملة بالتشاور مع عمدة البلدية وكذلك اكتشفنا بعض الإعداديات التي تحتاج إلى الترميم وسنبدأ ترميمها ونتحين فرصة غياب التلاميذ في العطلة الدراسية السنوية حتى نبدأ في العمل كما قمنا بالتدخل في قرى منكوبة بمقاطعة واد الناقة خلال فصل الخريف الماضي، في بلدية العرية وبلدية آوليكات وشاركنا في عدة مواسم ثقافية وساعدنا أهلنا وهذا ما أستحضره وطرحت مع نائب مقاطعة واد الناقة أن يعود مشروع آفطوط من الكيلومتر 17 في اتجاه منطقة آفطوط لتزويد السكان بالماء الشروب.

موقع الفكر: لماذا لا يستثمر التجار المنحدرون  من الولاية داخل حيزها الجغرافي؟

 محمد بن إبراهيم بن السيد: لا أستطيع الإجابة نيابة عنهم ولكننا في الجهة لدينا خيال واسع للتفكير في مشاريع للجهة ولدينا إمكانيات هائلة في الولاية فلدينا مساحات شاسعة على شاطئ البحر مناخها من أفضل مناخ البلاد اعتدالا وبرودة  وقربا من العاصمة، كما أن لدينا مساحات هامة على ضفة النهر وسيساهم الجسر المزمع تشييده بحول الله في إنعاش مدينة روصو والعزيمة لنا والقضاء لله، والفترة الحالية أنجز فيها الكثير من الإنجازات على المستوى الوطني بشكل عام  وحتى لو لم تحظ  بالدعاية الكبيرة وهذا جيد لأن الرئيس أو الحكومة إذا أنجزا شيئا لصالح البلاد فإنما ينجزانه لأنفسهما أولا، ولأن من لا يريد أن يرى هذه الإنجازات فلن يجعله التصفيق والتطبيل يراها، والبلد في ظروف من أحسن ظروفه الاقتصادية لأنه استطاع الاستمرار في التنمية في ظل الظروف الحالية، ونحن في الجهة جزء من البلد وما يعطينا القانون من العلاوات والامتيازات متاح لنا والحكومة تهيئ لنا الظروف التي تمكننا من إنجاز الدراسات التنموية والاقتصادية وقد أنجزت ثلاث دراسات لثلاث ولايات أو أربع والبقية في الطريق والتجارة العالمية في أزمة شديدة فالحاوية التي كان سعرها بـ2000 دولار أصبحت بـ8000 دولار إن وجدت.

والناس لا تفهم هذا ولا تعلم حقيقة ارتفاع  أسعار بعض المواد الغذائية ونحمد الله سبحانه وتعالى  على ظروفنا خاصة والجهات ليست إلا ضمن السياق وبعض الناس يحب إفشالنا  ولكن ذلك ليس بأيديهم  بل الأمر بيد الله  سبحانه وتعالى، والرئيس والوزير الأول ووزير الداخلية هم المعنيون و مجدون في الأمر ونعرف أن هذا هو الحقيقة.

موقع الفكر: ما توقعاتكم لمردودية جسر مدينة روصو على مستوى الولاية والمستوى الوطني؟

محمد بن إبراهيم السيد: منافع  جسر روصو ـ الذي بدأ إنشاؤه  مؤخرا ـ  كثيرة  لأنه الطريق البري الأكثر أمانا  بين شمال إفريقيا وغربها ووسطها نظرا للحروب التي تشهدها  المنطقة وبالتالي يمكن أن يستجلب الاستثمارات وينعش الاقتصاد.

وكما أن الجسر يتضمن كذلك  إشكالات أمنية تتعلق بالعابرين عليه وبالتأكيد فالحكومة قادرة على تأمينه كما أمنت الحدود الشرقية والشمالية بجدارة.