لا يمكن إصلاح التعليم الموريتاني بدون إنفاق الأموال ،بمعنى أننا ما دمنا لم ننجز المدرسة الجمهورية فنحن أمام معضلة في المخرجات، فلدينا نسبة فقرعالية ونسبة التسرب المدرسي عالية ،أضف إلى ذلك أن رواتب المعلمين والأساتذة زهيدة جدا ،وليس هنالك سكن خاص بالطلاب فتنبغي إعادة المدارس الداخلية مثل ما هو الحال في غانا وكينيا وهي مستعمرات إنجليزية ،وكما كان الحال في موريتانيا في الستينات والسبعينات ،بحيث تصبح الجمهورية هي من يوفر له الغذاء من صغرهم والجمهورية هي من يوفر له الدواء والأدوات المدرسية ،حينها سنتخلص من كثير من معوقات التعليم وسيتحول خلال أربعة عشر سنة إلى مجرد رقم بدلا من فرد في قبيلة أو عرق ،ولذلك تجد أن جيل السبعينات الذي درس فيما يعرف بالمدارس الداخلية أقل تقوقعا على الذات من الأجيال اللاحقة المقتوقعة على ذاتها وأكثر قدرة على التعايش وأكثر ارتباطا بمفاهيم الدولة، وقد تكون الأجيال المتأخرة أكثر إدراكا وكفاءة وأتم نظرا لأنه كما يقال "المتأخر أتم نظرا" ولكنهم ليسوا أكثر وطنية من سلفهم.
وإذا تم الاستثمار في المدرسة الجمهورية سواء ما تعلق بالمنهج ،المصادر البشرية أو البنى التحتية فسنتجنب التسرب وضعف نسبة التمدرس؛ ولأن من الأهداف الاستراتيجية مراعاة خصوصية البنات في المجتمع ،لأن البنت لا يمكن أن تسير كيلومترين يوميا خوف أن تتعرض للاعتداء في الطريق، وإذا توفرت المدارس وروعيت خصوصية البنت في المسكن والمدرسة وفي قاعات الرياضة الخاصة بالبنات ،وفي المرافق الصحية الخاصة بالبنات يمكن أن نوفر فرصة أكبر لبقاء البنات في المدارس لفترة أطول، لأن تمدرس البنات جزء أيضا من الركائز لأنك إذا كونت بنتا متعلمة فأنت بالضرورة كونت جيلا متعلما ،وأخطر ما يهدد التعليم في موريتانيا هو تسرب البنات لأن المرأة في النهاية هي الأم ،وما دامت الجمهورية تتقاعس في تعليم البنات فهي بالضرورة متقاعسة عن تعليم الرجال، ويمكن أن نعطي مثالا على الثورة في تونس فلما كانت المرأة متعلمة كانت خسائر الثورة أقل واستطاعت المرأة لجم الرجل سواء كان زوجا أو ابنا فأسقط التونسيون الدكتاتورالتونسي وعادوا إلى بيوت ولم تنجح الثورة المضادة بسبب تعلم المرأة.