الحسن بن الطالب لموقع الفكر: يجب أن نرسم سياسة زراعية حقيقية ونرسم خطة واضحة من أجل تقدم زراعتنا

الفكر(نواكشوط) في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد  المهتمين بميدان  الزراعة، ممن عايشوا واقع الزراعة بموريتانيا، فكان من رواده الذين واكبوها طلية السنوات الماضية، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل حول واقع الزراعة بموريتانيا، إضافة إلى المشاكل التي تعترض العملية الزراعية بموريتانيا وتعيق مخرجاتها عن بلوغ الأهداف المنشودة حيث نصل إلى واقع الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء ونحقق الأمن الغذائي المطلوب

فأهلا وسهلا بضيفنا الكبير  الحسن بن الطالب.

 

الحسن بن الطالب: أشكر موقع الفكر على هذه  الاستضافة التي سنتحدث فيها عن قضية مهمة بحجم قضايا الصحة والتعليم لأن من لا يجد ما يأكله لا يمكن أن يدرس وانعدام الأكل مرض في حد ذاته، وأحب أن أقول إن موريتانيا أكرمها الله سبحانه وتعالى بأن منحها الكثير من العوامل التي تمكنها من أن تكون في مصاف الدول المتقدمة في مجال الزراعة وكان من المفروض أن تكون كذلك؛ لأن لديها المياه والأراضي الخصبة بمساحات شاسعة ولديها الشمس  فالبلد الذي تتوفر فيه هذه العوامل يكون من أحسن البلاد في مجال الزراعة إقليميا ودوليا، والكادر البشري موجود.

والقطاع الزراعي لا يمكن أن يبنى إلا على المعايير الفنية ونحن أدخلنا فيه السياسة وهو ما جعل الزراعة تعيش التجاذبات بدلا من أن تصل إلى المستوى الذي كان يرجى أن تصل إليه.

ومن أراد أن يقوم وضع الزراعة يمكن أن يقول إنها شهدت في العشرية الأخيرة نهضة أو شبه نهضة فزرعت مساحات بعضها نجح وبعضها فشل تماما.

وكانت هناك  إرادة في أن تتضاعف المساحات المزروعة لتصل أكبر مساحة مزروعة ومن بين تلك المشاريع مشروع آفطوط الغربي، وكان نموذجا  وحيدا على المستوى القاري وكان ضروريا ويلعب مكانة هامة في الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بالزراعة،  ولكن للأسف هناك مشاريع أخرى استنزفت أموالا كثيرة ولم تعد بمردودية اقتصادية كمشروع "انتيكان" وهو مشروع استصلاح زراعي ل600 هكتار وقد دشنه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومكث العمل فيه سنتين  ومع ذلك  لا يمكن أن يسقى الآن  منها هكتار واحد، وكذلك مشروع "انكك" الذي كانت تستصلحه الشركة المغربية "سنام" ففيه جزء صالح وجزء لا يمكن أن يصله الماء أبدا، وتستصلح نفس الشركة الآن بحيرة اركيز.

وأحب أن أقول إنه لا يمكن أن تؤسس زراعة دون تأمين ولا زراعة دون تمويل، ويجب توفيرهما للمزارعين، وهما الأولوية بالنسبة للدولة حتى تؤتي الزراعة أكلها وتوفير الحاصدات التي يجب توفرها بأسعار في متناول المزارعين، وهذه الحلقة مفقودة  خاصة أن هناك فوضى شديدة وبعض الناس يبرر ذلك بأن السوق ليبرالية، والليبرالية ليست معناها الفوضى أو الانتهازية، وليس معناها المضاربات في الأسعار التي لا تخدم المزارع أو الزراعة أو المستهلك من هنا نحب أن ننبه إلى ضرورة توفير جميع الأمور التي يمكن أن تساعد المزارع في تقليل تكلفة الهكتار لكي يربح المزارع كي يستطيع أن يبيع الأرز بسعر في متناول المستهلك وما دامت الحاصدات متوفرة والتمويل والتأمين ضد مختلف الأضرار كالسحاب وكذلك نضوب المياه في بعض الروافد ومعنى ذلك أن التأمين ضروري وكذلك من الضروري كهربة منطقة شمامة كي تنخفض التكلفة نظرا لارتفاع وصعوبة المحروقات وبذلك يستطيع المزارعون المنافسة في السوق الدولية.

وعلى كل حال ينبغي أن نطبق المعايير الفنية في الزراعة وما أنشئ فيها من منشآت على الطريق الصحيح ينبغي تشجيعها وينبغي كذلك التنبيه على النواقص والمطالبة بإصلاحها، ويجب الابتعاد عن تسيسها لما له من آثار سلبية على الوطن والمواطن.

ويجب أن لا يقتصر تفكيرنا على مجرد الوصول إلى مرحلة الاكتفاء بل ينبغي أن نفكر في التصدير فلدينا الأرض والمياه والشمس والكادر البشري، وينبغي أن لا تنفذ الدولة أي مشروع إلا بعد دراسة وبعد مشاركة المزارع وأخذ رأيه وهذه حلقة مفقودة، وتلاحظ  فجوة في أنه لا علاقة بين المزارعين والجهة التي تسعى إلى تنفيذ المشاريع.

وكما قلت سابقا فإن المشاكل الأساسية هي  التأمين والتمويل وتوفر الحاصدات والروافد ومكافحة الطيور ومن الضروري أن تكون لها إدارة مختصة وكانت هناك فيما مضى طائرة تؤجر من قبل الجيش الوطني ولم تعد موجودة وفي الأيام الأخيرة استأجرنا مجموعة من الطائرات المسيرة عن بعد من قبل شركة سنغالية ونطالب إن ثبتت فعاليات هذه الطائرات أن توجد منها مجموعة في عاصمة الزراعة روصو من أول يوم حتى آخر نهار عند آخر مزارع.

موقع الفكر: ما هي الفرص المفتوحة أمام الزراعة حاليا؟ 

الحسن بن الطالب: الفرص التي يمكن أن يحققها الزراعة لا مثيل لها فلا تجد مزارعا يزرع عشرين هكتارا إلا ويستخدم لها ثمانية عمال أو عشرة عمال وهذا ما لا نجده  في مؤسسة تجارية رأس مالها خمس مائة مليون وهذا  يساهم في امتصاص البطالة ومنع حدوث الجرائم والتسول وانعكاسها على المواطن البسيط كصاحب الحانوت وصاحب الشاحنة وكذلك المواطن الذي يأتي عقب حصاد الماكينات للأرز فيحصل بعض المواطنين منه عشرات الأطنان وكذلك وصول الزكاة لمستحقيها وتمتاز الزراعة بإخراج الزكاة مرتين خلال العام.

وأحب أن أتساءل عن السبب في عدم مساءلة المشرفين على المناطق التي تستصلحها الدولة كمشروع "انتيكان" الذي فشل فشلا ذريعا وأنفقت فيه الدولة الكثير من المال ولم يستفد منه المواطن.

 ويجب أن نكرم المسؤول الذي أدى المهمة الموكلة إليه ويجب كذلك أن نعاقب المسؤول الذي يفشل أو يقصر في مهمته.

وعلى كل حال الزراعة قطاع هام وسيادي ولموريتانيا الكثير من الأراضي الصالحة لزراعة الأرز والقمح ولجميع الخضروات ولدينا الماء والأشخاص  وما نحتاجه هو أننا نحن الشعب والمزارعين والدولة يجب أن نرسم سياسة زراعية حقيقية ونرسم خطة واضحة من أجل تقدم زراعتنا،  الدولة من أجل أن نبني زراعتنا على المعايير التي ينبغي أن تبنى عليها لأنها إن صلحت فلنا كلنا وإن فسدت علينا.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

الحسن بن الطالب: أشكركم  على الاهتمام الذي يدل على أن هناك أناسا يحرصون على استجلاء حقيقة المسائل المهمة المتعلقة بالوطن ومن المهم جدا إنارة الرأي العام.