الخبير التربوي محمذن باكَا: التعليم في أزمة خانقة تتطلب إعادة تأسيسه من جديد

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منه إلى إطلاع المتابعين الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد أبرز أطر التعليم بالبلد، ممن خبروا دروب التعليم وعايشوا تحدياتها في حقبه المختلفة.

نتابع معه اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر... في لقاء شامل حول واقع التعليم وآفاق إصلاحه، وتقويم الإصلاحات المتتالية للتعليم، فأهلا وسهلا بضيفنا الكر يم محمذن بن أحمد سالم بن باكا.

 فقد مارس ضيفنا  التدريس في  التعليم الأساسي و الإعدادي و الثانوي  وتكوين المعلمين  قبل أن يلتحق بالإدارة المركزية حيث ترأس عدة مصالح، ثم عين بعد ذلك  مديرا  للتخطيط في وزارة التهذيب الوطني حتى تقاعد في هذه الوظيفة.

فإلى نص المقابلة:

موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد والقارئ بشخصكم الكريم من حيث الاسم وتاريخ ومحل الميلاد وأهم الشهادات والمناصب التي حصلتم عليها؟

محمذن بن أحمد سالم بن باكا:  بسم الله الرحمن الرحيم مرحبا،

الاسم محمذًن بن أحمد سالم ابن باكا، ولدت سنة 1947م بالمذرذه.

 في محيط يبدأ أطفاله في دراسة القرآن الكريم ثم بعد ذلك يلتحقون بالتعليم النظامي وقد دخلته  مبكرا في البادية ثم جئت الى المدينة وواصلت حتى أجريت مسابقة دخول الإعدادية سنة 1959م. فجئت إلى مدينة نواكشوط ودخلت "ثانوية نواكشوط"  المتكونة من قسم واحد  اعدادي وهو ول قسم افتتح فيها  إبان إنشائها وكان عدد التلاميذ لا يتجاوز ثلاثين تلميذا يمثلون  لائحة المتفوقين على المستوى الوطني  ومختلف أنحاء البلاد الشيء الذى يدل على انسجام التعليم آنذاك إذ كان العامل الوحيد للولوج إلى" ثانوية نواكشوط " هو التفوق، ومكثنا عاما ونحن ندرس في قسم واحد، وفي العام الموالي صرنا قسمين بنفس المنهجية ولم تكتمل الثانوية إلا سنة 1962م.حيث التحقت بنا الأقسام القادمة من ثانوية روصو، وهى الثانوية الوحيدة في تلك الفترة افتتحت إعداديات بأطار ولعيون و كيهيدي وكان هذا هو حجم التعليم الثانوي لأن التعليم الأساسي لم يتوسع بعد.

وشاركت في مسابقة شهادة ختم الدروس الإعدادية سنة 1963م. وكانت آنذاك شهادة وطنية مهمة وكنت الأول فيها، وشاركت في شهادة البكالوريا ودخلت المدرسة الوطنية للأساتذة، ثم تابعت الدراسة في المعهد الدولي للتخطيط في باريس مدة سنة للحصول على مستوى "المتريز " فى إدارة وتخطيط المنظومة التربوية.

أما بالنسبة للوظائف فقد مارست التدريس في الأساسى و الإعدادى و الثانوى  وتكوين المعلمين  قبل أن التحق بالإدارة المركزية حيث ترأست عدة مصالح  ثم عينت   مديرا  للتخطيط في وزارة التهذيب الوطني التى تضم  في تلك  الفترة جميع مراحل واشكال التعليم و تقاعدت في هذه الوظيفة.

 ويمكنني القول إن هذا المسار المهنى مكنني من مواكبة  نمو التعليم و حتى بعد تقاعدي ساهمت في عدة أنشطة مهمة تعنى القطاع بطلب من القائمين عليه، فكنت  على سبيل المثال عضوا في اللجنة العامة لمنتديات التعليم،  يضاف  الى  هذا المسار أني في مرحلة منه اهتممت كثيرا بوضعية  المدرس وساهمت  في نشاطا ت نقابات التعليم حيث كنت الأمين العام لنقابة التعليم لبعض الوقت، كما قادتني ضرورات الوظيفة و الاهتمام  بالمنظومة التربوية الى العمل على معرفة ما يجرى في هذا المجال في فضاءات اخرى،  و قمت بجولات شملت الدول العربية وبعض الدول  الإفريقية والاوربية إلى  جانب أمريكا وكندا  واليابان والصين وكوريا وذلك  في إطار نشاط منظمة اليونيسكو والبنك الدولي والتعاون الثنائي وخلق هذا لدي  قناعة بضرورة جعل التعليم على رأس أولويات الاستراتيجيات التنموية مع اختلاف وتباين التجارب التي وفقت عليها في هذه المناسبة.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟

محمذن بن أحمد سالم ابن باكا: يبدو أن الجميع متفق على أن واقع التعليم مقلق، وإذا كان هكذا فإن مستقبل البلد مقلق.

إن التعليم لم يكن غريبا على هذه البلاد، فقبل التعليم النظامي كان التعليم التقليدي وكان نظاما ناجحا يؤدي الدور المطلوب منه وكان غاية في حد ذاته وحين  كان غاية في حد ذاته كان ناجحا ولما أصبح التعليم وسيلة للمعاش والسلطة بدأ التنافس السلبى و المشاكل، فكان نظامنا التعليمي يكون العلماء والفقهاء والنحاة والفتيان والطلاب العاديين ومن الناحية المهنية كان المجتمع يصنع ما يحتاج سواء كانت تلك الحاجة في صنع الآلات أو تتعلق بتنمية الحيوان أو الفلاحة أو غيرها.

وتقويم التعليم يتم من   خلال  أدائه، فمن الناحية الثقافية يجب عليه أن يساهم في تنمية ثقافة المجتمع ويحافظ عليها ومن الناحية الاقتصادية ينبغي أن يكون الكفاءات على جميع المستويات التي يحتاجها تطور لاقتصاد، ومن الناحية الاجتماعية ينبغي أن يساهم في التحول الإيجابي للمجتمع حيث يضمن الحركية الاجتماعية لكل شخص، ولعل  القلق المذكور يعود إلى عدم تحقيق هذه المهام على الوجه الأكمل مع أنه لا يمكن أن ننفي ما تحقق،  فنحن قطعنا أشواطا في مراحل سابقة في جميع المجالات ولكن الإشكالات ظهرت بالنسبة للتعليم منذ أن بدأت السياسة تدخله فلم تعد خدماته على المستوى المطلوب، هكذا أصبحت السياسة تؤثر فيه،  وبعد أن كان التعليم وسيلة لطلب العلم صار وسيلة للنفوذ السياسي عندما جرت النخب تجاذباتها وخلافاتها إلى  داخل المدرسة.

 

 

موقع الفكر: ما تقويمكم للإصلاحات التي قيم بها وما العوامل التي أدت بها جميعا إلى الفشل؟

محمذن بن أحمد سالم ابن باكا: الإصلاحات بدأت مع الاستقلال وفي الحقيقة كان الخلاف دائما على مستوى اللغة وحتى إن حساسيتها ظهرت قبل الاستقلال حيث أن المستعمر نفسه تبين له ان اد خال ا للغة العربية في التعليم  يشكل حافزا لجلب الأولاد إلى مدارسه، ولذا طلب من الأعيان فتح أقسام كخطوة أولى ترسل إليها الحكومة الفرنسية  معلما للغة الفرنسية على أن تترك لكل وجيه اختيار  معلم العربية  من علماء المنطقة، وكنت من أوائل من دخل هذه الأقسام في مدرسة  "المحصر" المفتوحة للتو حيث طلب الأمير  محمد فال ولد عمير من والدي، رحمهما الله، أن يقوم بهذا الدور  على حساب الدولة للتدريس في هذا القسم  وساهم هذا التوجه الجديد فى اعطاء دفع لطلب التمدرس، واقتنع المستعمر أن التعليم يجب أن يكون له طابع وطني وإلا لن يكون مقبولا، لدى الساكنة إذ كان الناس قبل ذلك يقاطعون المدرسة الفرنسية.

 ومع الاستقلال تعمق هذا الاتجاه شيئا فشيئا في إطار  إعطاء مزيد من العناية للغة العربية، ولكن التعليم كان محدودا من حيث الكم كما رأينا سابقا وكلما توسع كلما زادت وتنوعت المؤسسات التي تلبي طلب مختلف المستويات، وظهر ت أكثر مردوديته على الفرد والمجتمع، وهنا أخذ التعليم منعطفا جديدا.

ويمكن القول إن العقبة الأساسية أمام تحديات تعايش المكونات العرقية ومكانة اللغات الوطنية الأخرى و ربما يكون دخل على الخط عوامل خارجية اثرت على بعض النخب من اخواننا الزنوج الذين كان اسلافهم

  يعملون على نشر الاسلام و الثقافة العربية في ارجاء المنطقة.. الجديد في الاشكالية كما قلنا سابقا أن التعليم لم يعد غاية في حد ذاته  والعربية لغة الجميع بل  أصبح وسيلة للنفوذ والسلطة وحتى الثروة ويشكل التعريب من وجهة  نظر هؤلاء خللا  بالتوازن والتعايش بين القوميات، وفى المقابل يرى الآخرون ضرورة التعريب الشامل بغض النظر عن كل الاعتبارات.

وهكذا طغت الخلافات السياسية الضيقة وعدم الانصاف على التعليم، وجاء حسم الجيش للخلاف بأن أنشأ مجتمعين  من خلال اصلاح 1979م. المتضمن أساسا انشاء شعبة عربية للناطقين بها وشعبة فرنسية لغير الناطقين  بها مع  جزئيات  أقرب للمحابات.

 

 سبب هذا الاصلاح الذى دام عشرين سنة انفصاما عميقا  داخل المجتمع حاول اصلاح 1999م. تلافي  الوضعية بجعل النظام نظاما موحدا في نوع من الازدواجية  يشمل الجميع بدلا من نظامين لمجتمع واحد، خفف من الضجة  في هذا المجال دون ان يقضي عليها، ولكن ما زال مستوى التعليم في تدن واضح،  و في هذا النطاق عكفت  لجنة إصلاح التعليم  أو ما يعرف بمنتديات التعليم التي كنت من ضمن أعضائها  فى سنة 2013 م.  على دراسة هذه الاشكالية برمتها  وتقديم اقتراحات  حلول وقد اكدت  عموما إصلاح 99 19م وخاصة فيما يخص توحيد النظام فضلا عن بعض التغييرات الفنية،  كما اوصت بإعلان عشرية للتعليم ينال خلالها كل العناية الضرورية من طرف جميع الفاعلين بما في ذلك زيادة الموارد والسهر على تحسين الحكامة.

 

موقع الفكر: ما العناصر اللازم توفرها كي يبلغ الإصلاح أهدافه المرجوة؟

محمذن بن أحمد سالم ا بن باكا: أظن أن مشكلة التعليم في الأساس هي انعدام الوفاق بين الفاعلين والنخب فإصلاح 79 19م. أنشأ نخبتين إحداهما أغلبية والأخرى أقلية فالأغلبية تريد أن تجعل التعليم وسيلة للهيمنة على المجتمع كله والأقلية تريد أن تجعل من التعليم وسيلة للانفصال  وهذا ليس منطق دولة أو مجتمع واحد وأعتقد أن التعليم يجب أن يخدم تلك الأهداف التي تحدثنا عنها سابقا ويجب أن يكون ناجما عما اتفق عليه الجميع فأي أناس يعيشون في  فضاء واحد يجب عليهم أن يبحثوا عن الإجماع  والإجماع هو ما يمكن أن يتفق عليه الجميع ويجب أن يتنازل الكل عن شيء قليل أو كثير من أجل الاتفاق إذا كنا نريد أن نسير معا، والتعليم وسيلة أساسية لهذا الغرض وغيره في طريق بناء الدول وتعزيز لحمة شعوبها،  ان التباين الذي ترونه في مستويات نمو الدول إنما سببه التباين بين سكانها والتباين بين السكان مصدره التعليم  وكلما تحسن التعليم تحسنت نوعية السكان وبالتالي مستوى النمو، وأتعجب دائما من  القائمين على الشأن العام الذين لا يعملون بجد بهذه الأطروحة البديهية وهم يتطلعون إلى رقي دولهم.

 

موقع الفكر: هل  المشكل اللغوي تربوي أم سياسي؟

محمذن بن أحمد سالم ابن باكا: مشكل اللغة  سياسي بامتياز لأن الاخوة الزنوج لا يحبون فرض اللغة العربية والآخرون لا يريدون أن تكون هناك عقبة في وجه أن تطغى اللغة العربية.

 

موقع الفكر: ما المخرج السليم من هذا المشكل؟ هل هو باعتماد اللغة العربية واللهجات الوطنية، أم بإدخال اللغة الفرنسية كعامل موحد؟

محمذًن بن أحمد سالم ابن باكاه: لسنا وحدنا في العالم الذين لدينا  تعدد اللغات بل إن وضعيتنا من أبسط الوضعيات لأن لدينا ثلاث لغات أو أربع، فقد زرت بعض الدول الإسكندنافية فوجدت  لديهم عددا محدودا من السكان مع  تعدد اللغات كلها تستعمل حسب حجمها الطبيعي، فلا يوجد من له  لغة إلا ويطالب أن يكون لها اعتبارها، وأعتقد أن أي إصلاح ينبغي أن يبحث عما هو جامع ولغات البلد تتفاوت في الجاهزية للاستعمال ويتفاوت عدد مستعمليها ويجب أن يؤخذ كل ذلك  بعين الاعتبار، وفيما يخص الفرنسية   لا يوجد بلد إلا و تدرس فيه لغة أجنبية ويستخدمها  احيانا ولم تعد الفرنسية أجنبية في محيطنا، فتتكلم بها نخب الدول التي تحدنا من الشمال والجنوب منذ ما يزيد على ثلاث مائة سنة في بعض الحالات ولا ينبغي أن نقبل أن تكون عامل تفرقة بين مواطنينا.

 ومن المسلم به علميا أنه ينبغي أن يبدأ تعليم الطفل بلغته الأم  ومن المعلوم أن تعلم الطفل للغات مبكرا افضل له وحتى اذا تعددت اللغات التي يدرس.

اما الجدل حول قدرة اللغة فالمعروف أن اللغة كائن يتفاعل مع محيطيه تنمو مع نموه وتتدهور إذا تدهور. أتذكر في هذا الاطار حديثا جمعني  ذات مرة مع مسؤول سام فرنسي كان في زيارة لتوطيد العلاقات بين البلدين وخاصة دعم تعليم الفرنسية، فقال إن العربية لم تكن قادرة على مواكبة تطور العلوم فقلت له بكل تجرد  إن  اللغة تقوى وتضعف حسب قوة أو ضعف مجتمعها   فمثلا  رأيت ان معهد" بستر" في باريس يصدر نشراته العلمية بالإنكليزية، ولم يعد للموضوع بعدها طيلة الزيارة التالية، ولعله تذكر أن ما يزيد عل اربعمائة كلمة فرنسية اصلها عربي وفي الغالب ذات طابع علمي وهى من إرث عهد تفوق الحضارة العربية الاسلامية، واحتكاكها بأوربا.

موقع الفكر: هل يمكن النهوض بالتعليم بموظفين يعيشون واقعا مثل الواقع الحالي للموظفين؟

محمذن بن أحمد سالم ا بن باكا: بوصفي نقيبا سابقا، لا يمكن إلا ان أكون إلى جانب المدرس سيما  أنه الحلقة الرئيسية في العملية التربوية ويمارس عمله  في وضعية لا يحسد عليها إلا أنني أعتقد أن مشكلة التعليم ليست مشكلة ميزانية بقدر ما هي مشكلة حكامة لأن الميزانية مهما بلغت تظل محدودة المردودية ما لم تسيره بحكامة، فقرابة  ٩٥%، من ميزانية  التعليم يذهب في الرواتب  دون ارضاء المعلمين.  

 ولا شك أن استراتيجية منبثقة من الحكامة الرشيدة  ستبجل المدرس، ففي بعض الدول أكبر مرتب  هو مرتب المعلم وخاصة في الدول  التي نهضت بعد ما كانت مثلنا فى عهد قريب، فكوريا الجنوبية مثلا قامت بجلب كفاءاتها المهاجرة وعملت على  تحفيزها  معنويا وماديا للنهوض بالتعليم بفضل الخبرة  التي حصلوا عليها في بيئة  متقدمة والقيم المهنية والاجتماعية  التي يتحلون بها وتجعلهم فى مأمن من بعض المسلكيات المحلية السيئة.

 موقع الفكر: إلام ترجعون الأزمة المستفحلة في وجود الكتاب المدرسي  والمضاربة في بيعه وتسعيرته؟

محمذن بن أحمد سالم ا بن باكا:  الكتاب  من العوامل المهمة في تكوين التلميذ  وأساسي ووجوده في السوق السوداء دليل على أنه لا يوجد منه ما يكفي  أو لا توجد حكامة، و في الحقيقية شاهدت أن هذا النوع من  النواقص عرفته أغلبية الدول التي زرتها،  البعض تغلب عليها والبعض في طريق التغلب عليها، هكذا بالنسبة لعزوف المدرس عن المهنة  وعدم ملاءمة المناهج الدراسية مع المحيط  وتسرب مواضيع الامتحانات والغش في باكالوريا و تدني المستويات..الخ،  كلها مشاكل تراها هنا وهناك وحتى في الدول المتقدمة، فأحوال اهل الدنيا متشابهة حيث أن لكل مشاكله، و المهم وعيها والعمل الدؤوب على حلها، وتقييم المسار بجدية وبضطراد.

 

موقع الفكر:  إلام  ترجعون الأزمة المستفحلة في نسب النجاح في الامتحانات الوطنية، وهل ترون النسب الكارثية للنجاح في الامتحانات مظهر من مظاهر الفشل أم أنها مظهر مظاهر الجدية والصرامة في التقويم؟

محمذن بن أحمد سالم  ابن باكا: تم تداول كل هذا على مستوى الرأي العام  وتلك ظاهرة صحية تدل على  وعي متزايد  بأهمية التعليم و مشاكله الراهنة، أعتقد أن نسبة النجاح في الامتحانات شيء  والمستوى شيء، ءاخر، كما يرى بعض اصحاب الاختصاص  إذ يرسب احيانا المتفوق وبنجح من هو دونه، البعض  من الدول تخلي عن البكلوريا واصبح يعمل بالمستوى محلها، معتبرا أن الشهادة شكلية  وليست حاسمة فيما يتعلق بتقويم المستويات، مثلا علماؤنا الاجلاء  خريجو المحاظر ليس لديهم أي شهادة، ومهما يكن من أمر فإن هذه النسبة ملفتة للانتباه ولكل العوامل التي ذكرتم وغيرها دورها ومن الملح  في هذه الحالة القيام بدراسة فنية حول الموضوع لتشخيص المسببات واقتراح الحلول المناسبة .

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لعمل مندوبية تآزر؟

محمذن بن أحمد سالم ابن باكا: لست فاعلا ولا مستهدفا، ولكن مرفقا عموميا كتآزر معول عليه في حلحلة أمور حساسة لها انعكاساتها على المجتمع  ككل  يعني اداؤها كل من يهتم بالشأن العام، وعليه اعتقد أنها حققت الكثير وبقي عليها الكثير، اما اختيار هذه المنهجية او تلك  للتجاوب مع الحالات المختلفة  فذلك أدرى به  القائمون على المؤسسة ومن لهم الصلاحيات والكفاءة للقيام به على  الوجه المناسب.

 

موقع الفكر: ما هي أولويات الحوار حاليا؟

محمذن بن أحمد سالم ا بن باكا: العمل على جمع شمل الموريتانيين  لتبنى مشروع  مجتمعي  بالإجماع  وتحسين ظروف المواطنين.

وضع آليات الحكامة الرشيدة و على  رأسها حرمة المال العام وتطبيق مبدأ "الرجل المناسب في المكان المناسب" لأن بناء الدول يتم بالرجال والمال وبغباب هاتين الرافعتين بغيب الأمل.

إعلان عشرية التعليم ومحاورها كأولوية الأولويات.

تبني توجهات استراتيجية للقطاعات الحساسة.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لسنتين  من حكم الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني ؟

محمذن بن أحمد سالم ا بن باكا: كما قلت لكم سابقا فبعدي عن الاحداث يجعلني لا أتوفر على آليات التقويم كالمعلومات الدقيقة إلا أن جو السلم والوئام، والانفتاح والانصاف  الذى تبناه  جد ايجابي ومحمود العاقبة وأظن أنه يدفع إلى التفاؤل بالنسبة لأمور اخرى. وينبغي  أن ندر ك العقبات الناجمة عن جائحة كورونا الهدامة وتداعيات بعض الجوانب من مخلفات العشرية الفارطة، وفي الواقع المشاكل كثيرة ومستعصية غالبا ولا يمكن حلها كلها في آن واحد، المهم هنا الإرادة السياسية و الاتجاه الصحيح ومن هذا المنطلق  اعتقد أن ما مضى من المأمورية مر بسلام ويدفع  الى الامل في انجاز المزيد في المهلة الزمنية المتبقية.

 

موقع الفكر: هل تعتقدون بوجود أزمة غلاء

محمذن ًبن أحمد سالم ابن باكا: فعلا ظهرت منذ فترة ازمة غلاء  وفاجأتنى للغاية لأنها لا تتماشى مع السياسات الرسمية المعلنة، ولا مع القدرة الشرائية للمواطنين، إلا أن متابعة القنوات الدولية أظهرت أن الوضع لا يخصنا ويعود الى معطيات خار جية لا نتحكم في اكراهاتها، واعتقد أنه من اللازم ان تأخذ السلطات العمومية العبرة من هذه الأزمات المتكررة بوضع خطة تحد من مفعولها، وينبغي في هذا الاطار  التركيز على الصيد بنوعيه،  والزراعة خاصة الخضروات،  والثروة الحيوانية بغية الاكتفاء الذاتي في هذا المجال وسيحد ذلك  من تأثيرات الأزمات الخارجية على السوق الوطني، وينبغي ان يدرك كل الفاعلين المعنيين ضيق السوق المحلى وضعف القوة الشرائية حيت  يعيش ما يقارب نصف السكان  تحت خط الفقر، ولا شك ان انشاء آلية لاستيراد المواد الأساسية بغية التحكم في أسعارها يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة فيما يتعلق بالتعليم؟

محمذن بن أحمد سالم ابن باكا: قمت منذ فترة مع بعض الزملاء  بإنشاء منظمة بغية المساهمة في تلا في  الوضعية المزرية للقطاع وسميناها " منتدى  إعادة تأسيس المنظومة التربوية  ""  قناعة منا أن ذلك التدهور بلغ حدا جعل المنظومة تتطلب إعادة التأسيس اخترنا لها كشعار" التعليم شأن الجمبع"  إشارة إلى ضرورة اشراك الجميع في وضع وتنفيذ  السياسات التربوية وكان أول نشاط قمنا به حول "الحكامة الرشيدة  في التعليم" وتم ذلك بالتعاون مع هيئات خارجية مختصة، ومن هذا المنطلق تكون الكلمة الأخيرة: التعليم في أزمة خانقة تتطلب إعادة تأسيسه من جديد؛ التعليم شان الجميع ولا بد من اشراك الجميع في وضع سياساته ومواكبة تنفيذها؛

توفير الموارد  المعتبرة ضروري ولكنه لا فعالية له دون العمل بالحكامة الرشيدة علي مستوى جميع مفاصل المنظومة التربوية.