![](https://elfikr.net/sites/default/files/Screenshot_2021-09-27-07-02-38-72.jpg)
إشراقة..
يذكر النحويون في باب إعمال المصادر أن المصدر يعمل عمل فعله "مضافا أو مجردا أو مع أل"، وإعماله مضافا هو الأكثر والأشهر، وعَملُه مضافا له ثلاث حالات، إما أن يضاف إلى فاعله، أو إلى مفعوله، أو إلى الظرف، فإن أضيف إلى فاعله جرّه لفظا، ورفعه معنى، ونُصب بعده مفعوله لفظا ومعنى، وهذا هو الأكثر شيوعا، ومنه قوله تعالى "ولولا دفع اللهِ الناسَ بعضهم ببعض لفسدت الأرض"، وإن أضيف إلى مفعوله جرّه لفظا ونصبه معنى، ورُفع الفاعل بعده لفظا ومعنى، وذِكرُ فاعل المصدر مرفوعا بعد جره لمفعوله قليل جدا، بل إن بعض النحويين خص هذه الحالة بضرورة الشعر، ومن أمثلته قول الفرزدق :
تَنفي يداها الحصى في كل هاجرة * نَفْيَ الدراهيمِ تَنقادُ الصياريف.
وإن أضيف المصدر إلى الظرف رفع الفاعل ونصب المفعول، نحو عجبت من إكرام اليومِ زيدٌ خالداً..
ولا يلزم عند إضافة المصدر إلى الفاعل ذكرُ المفعول أو العكس، بل يُذكران حين يقتضى المقام ذلك، فمثال إضافة المصدر للفاعل مع حذف المفعول قوله تعالى "وما كان استغفارُ إبرهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه" والتقدير وما كان استغفارُ إبراهيم ربَّه لأبيه، ومثال إضافة المصدر للمفعول مع حذف الفاعل قوله تعالى "لا يَسْئم الإنسنُ من دعاءِ الخيرِ" والتقدير لا يسأم الإنسان من دعائهِ الخيرَ، وقد اجتمع المثالان في قوله تعالى "ذِكرُ رَحْمَتِ ربِّكَ عبدَه زكرياءَ" فكلمة "ذِكرُ" مصدر مضاف إلى مفعوله وهو "رحمة" وكلمة "رحمة" مصدر مضاف إلى فاعله، وهو رَبٌّ من "ربّك"، و"عبدَه" مفعول به مكمّلٌ للمصدر المضاف إلى فاعله وهو "رحمة" على حدّ قول ابن مالك في الألفية:
وبعد جرّه الذي أُضيف له * كمّل بنصب أو برفع عمله.
وقد اختلفوا في إعراب "زكرياءَ" بعده هل هي بدلٌ من "عبدَه" أو عطف بيان عليه.