في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منها إلى إطلاع متابعيها الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد القامات الفكرية والعلمية ممن لديهم اليد الطولى في ميدان الفكر و العلم، فهو مجلي الميدان وسابق الأقران فيه، فقد بذهم علما وثقافة وفاقهم فكرا وفهما، نحاوره اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل، حول قضايا الساحة العلمية والفكرية، وبعض القضيا السياسية خاصة ما يتعلق بعمله كوزير.
فأهلا وسهلا بضيفنا معالي الوزير أبوبكر بن أحمد.
(الجزء الأول)
موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد بشخصكم الكريم من حيث الاسم و تاريخ ومحل الميلاد و الدراسة وأهم الشهادات التي حصلتم عليها والوظائف التي تقلدتم؟
الوزير أبو بكر ولد أحمد: بسم الله الرحمن وأصلي على نبيه الكريم ، محدثكم أبوبكر ولد أحمد ولدت سنة 1963 ودرست بالأساس دراسة محظرية مرت بمحطات مختلفة، الأولى كانت محظرة العائلة على يد الوالد أحمد لحبيب بن المختار رحمه الله والثانية كانت في مقاطعة لعيون حيث كنت أدرس على الوالد والمرحوم الزين ولد الامام والمحطة الاخرى - وهي المحطة الأساسية - في مقاطعة كرو بمحظرة الشيخ الصحة ولد ديدي حيث استغرقت ثلاث سنوات متواصلة، بعد ذلك التحقت بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الاسلامية عن طريق مسابقته في دفعته الاولى وتخرجت منه سنة 1983م في شعبة الأساتذة وتم تحويلي إلى مدينة أطار حيث زاولت تدريس اللغة العربية والتربية الاسلامية في الثانوية هناك ، كما أسند لي تدريس مادة الثقافة العامة في المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة في تلك الفترة وبعد ذلك تم تحويلي إلى العاصمة وقمت بالتدريس في اعدادية السبخة ثم حولت إلى المعهد التربوي الوطني كمستشار ثم عينت مديرا للتوجيه الاسلامي ثم وزيرا للشؤون الاسلامية عام 1991م وبعد ذلك وزيرا للتهذيب الوطني وانقطعت تلك المرحلة لتبدأ مرحلة أخرى حين سافرت إلى اليمن وقمت بتدريس سنة دراسية هناك في جامعة الإيمان ورجعت إلى الوطن وبدأت التدريس في معهد العلوم الاسلامية وقمت بتدريس مادة الفقه المقارن بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الاسلامية وكذلك في كلية الآداب وقمت أيضا بتدريس أول شعبة من المحامين يتم اكتتابها على أساس مسابقة وبعد ذلك تم تعييني عضوا في مجلس جائزة شنقيط ثم رئيسا للمجلس وهي الوظيفة التي أوجد فيها الآن
موقع الفكر: باعتباركم من أبرز مؤسسي العمل الاسلامي في موريتانيا، ما أثر الصحوة الاسلامية على مجتمعنا؟
الوزير أبوبكر ولد أحمد: أريد أن أشير في البداية إلى بعض الخصوصيات المتعلقة بهذا البلد والتي يغفلها الكثيرون، الخصوصية الاولى هي أن هذا البلد هو القطر الوحيد تقريبا في العالم العربي والاسلامي الذي ينتمي كله من حيث العقيدة إلى الدين الاسلامي وإلى نفس المذهب السني والمذهب الصوفي والعقدي فهذه الوحدة الفكرية لا تكاد توجد في بلد عربي اسلامي غير هذا البلد الصحرواي الذي يوصف بالمنكب البرزخي والبلاد السائبة ولم يسجل التاريخ أنه حكم من طرف سلطة ناظمة، فمكوناته العرقية تختلف ولكن تجمعهم العقيدة والدين والانتماء فكلهم مسلمون سنيون مالكيون، فهذه الثلاثية تحكم هذا القطر، حين ننظر إلى الدول المجاورة نجد في بعضها الوثنين في مالي والمسيحيين في السينغال وإذا التفتنا إلى الشمال نجد اليهود في المغرب وتونس وهذا يعني أن الوحدة الفكرية التي يتمتع بها هذا البلد سيكون لها ما بعدها ، مما يميز أهل هذا البلد أيضا التعلق الشديد بالانتماء للأصول العربية حتى من بعض المكونات التي يقع الخلاف في ذلك بالنسبة إليها، نجد أيضا في الدول المجاورة لنا تعلقا شديدا بانتماءات مقابلة للانتماء العروبي بينما في هذا البلد أي إنسان قيل له إنه ليس من أصل عربي فكأنما تمت الإساءة إليه وإلى قبيلته ، وهذا شعور تمت صياغته في هذا البلد بطريقة لافتتة للانتباه خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار شدة الحساسية مع التوحد في العقيدة بين المنحدرين من أصول عربية في الجزائر مثلا أو المغرب أو في ليبيا وتونس وبين المنتمين لفضاءات اجتماعية أخرى عريقة كانت قائمة في هذا الصقع ولها دورها، هذه الصورة في الحقيقة كان لها ظلال على دولة الاستقلال وهذه لها ميزات يجب أن نقف عندها لجيل الدولة، المحطة الاولى كانت محطة الاستقلال فالفريق الذي أسس هذه الدولة كان له دور كبير في تحديد هوية البلد وصيانته عندما اجتمعت كلمته على تسميته بالجمهورية الاسلامية الموريتانية فلم يجد قاسما مشتركا ولا ناظما موحدا ولا سمة أبرز من الاسلام ولم يسجل التاريخ في التجاذبات التي حدثت اعتراضا على هذه التسمية وبعد ذلك جاءت مرحلة ما بعد النظام المدني فكانت أول وثيقة دستورية أنذاك تنص على أن المصدر الوحيد والأوحد للتشريع في هذا البلد هو الإسلام، وقد شكلت هذه الصياغة الجريئة اتجاه التعبير عن هذه الحقيقة ميزة أساسية ، ويرجع الفضل المباشر في ذلك للمرحوم أحمد ولد عبدالله الذي كان أمينا عاما لوزارة العدل حينها ولم يسجل التاريخ كذلك - وهذا شرف للجميع - أن أي قوة سياسية مهما كانت مرجعيتها قد وقفت في وجه هذه المادة أو اعترضت عليها، حتى الهيئة العسكرية الحاكمة قد أقرت تلك الصيغة التي شكلت سابقة بالنسبة للوثائق الحاكمة في المنطقة، أما المحطة الثالثة وهي دستور 20 يوليو جاء فيه أن المصدر الوحيد للتشريع هو الاسلام في الوقت الذي توجد فيه أقطار عربية وإسلامية عريقة لا يمكن لأهلها أن يطمعوا في أن يسمى المصدر الأساسي، بينما هنا المصدر الوحيد ثم أضيفت مادة أن الاسلام دين الدولة والشعب ومن هذا المنطق جئت بهذه المقدمة حتى نفهم خصوصية هذا البلد ولننزل كل إشادة ونقد في سياق هذا الإطار العام الذي يرجع الفضل فيه للجميع فهذا البلد يكاد يكون البلد الوحيد الذي لم تشهد شاشات القنوات فيه تحديا للإسلام من طرف مكون فاعل في الساحة السياسية فقد يقع الخلاف عندنا في كل شيء لكن عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن حقيقة معينة وهي كون الإسلام هو الناظم في هذا البلد تجد الجميع يتفق على ذلك.
يمكن القول أيضا إن هذا الانتماء العام قد عززته المحظرة التي شكلت هي الاخرى حصنا منيعا والتي تخرج منها أغلب من حملوا لواء الدعوة والصحوة والإفتاء في هذا البلد وتخرج منها أيضا بعض الأطر الذين أسهموا في تأسيس الدولة وكانوا رجالا متميزين وكانت لهم الصدارة في تسيير الشأن العام في الحكم المدني الأول وما بعده، لا يكاد يخطئنا أن هناك بعض الاشخاص الذين دخلوا إلى الميدان السياسي من بوابة المحظرة دون أي تعليم نظامي فإذا بهم يؤهلهم علمهم وكفاءتهم وتكوينهم الأخلاقي بأن يسهموا في تحريك وتسيير عجلة البلد ، أما الصحوة الاسلامية - بهذا المعنى - فهي مصطلح إعلامي عام وأقول عندما أتكلم عنها إنه يصعب الحديث عن المفاهيم العامة في كل سياق جغرافي ومجتمعي بنفس الصيغة وهناك مسألة أخرى ميزت هذا البلد عن بقية البلدان الأخرى فمثلا المرأة عندنا لم تخلع الملحفة ولم يستطع المستعمر أن يجردها منها وشبابنا كذلك لم يصل لمرحلة تنقطع فيها صلته بالصلاة، صحيح أننا مررنا بمرحلة سبات لكن أتت بعدها مرحلة صحوة أيقظت الضمير من سباته وأعادت البلد إلى الالتزام بقيمه في وقت شهدت فيه بعض الدول انقطاعا عن الالتزام السلوكي بالشعائر الظاهرة للإسلام وتلك مرحلة لم يصلها أبناء هذا البلد ولله الحمد فقد كان حالة استثنائية إذ لم يعش تلك القطيعة والوحشة التي عاشتها بعض الشعوب التي لا يصلي فيها الرجل إلا بعد أربعين سنة.
على كل حال يمكن القول إن الدولة الحديثة ظهرت فيها مجموعة من الاتجاهات السياسية وكل اتجاه ركز على نقطة مهمة ومصيرية بالنسبة للبلد ولو كان هناك تعقل كبير لوقع التكامل فهناك من يرى أن الخطر يكمن في العقيدة الناظمة وتهديدها من طرف الثقافة الغربية والعمانية لذلك ركزوا على جانب التشريع والتربية وصيانة الهوية الناظمة لهذا البلد وهي الهوية الاسلامية وهو ما اصطلح على تسميته با " الصحوة الاسلامية " والصحوة هي أمر ممتد لم ينقطع لأننا عندما ندرس تاريخ هذا البلد نجد أن جميع المصلحين فيه كانوا يسعون لإقامة دولة إسلامية تسودها قيم الدين السمحة ومما يدعم ذلك وجود تيار سياسي كبير يحمل هذا المشعل ويدعوا إليه وهذا كان له دور كبير في صيانة الهوية الاسلامية ، وهناك تيار آخر اهتم بالانتماء العربي أكثر حيث رأى أن قضية اللغة قضية أساسية لأنها لغة القرآن ولغة الأمة العربية الحاملة للإسلام وأن تهديدها سيشكل خطرا على الاسلام لا محالة، وهناك من رأى أيضا أن هناك مكونات عزيزة وشريفة من إخواننا الأفارقة قد أسهمت في المقاومة بهذا البلد ودفعت ضريبة الجهاد ضد المستعمر وأن هذه الشريحة إذا نظرنا إليها من الزاوية العرقية قد تكون أقلية ولها حقوق يجب أن تصان وأن تعطى لها المكانة التي تليق بهم ونشأت أيضا داخل المكون الأساسي والرئيسي دعوة أخرى للاهتمام بالفئات المهمشة داخل هذا الكيان وأقيمت على أساس ذلك تنظيمات ووجدت تجمعات وهذا عندما يجتمع كله يشكل الصورة الشاملة لهذا البلد ويتأسس على مبدإ معين يجب أن يحفظ ويصان ، إنما يأتي الخلل من التأثر الخارج عندما نخرج عن إطار الدواعي الداخلية والوطنية لكل مكون من هذه المكونات ونعطي لدعوتنا ولرعاية هذا المكون وهذا المبدأ الموضوعي المنبعث من الواقع الحقيقي للبلد، عندما نعطيه محتوى غربيا أو نجعله ينتظم في أجندة خارجية لها مقاصد وأهداف أبعد من مجرد الاستجابة للحاجة الوطنية .
ينبغي أن نأخذ بالاعتبار أن هذه الامة أمة واحدة لا توجد فيها أقلية ولا أكثرية ونتمنى أن يجتمع نخبة هذا البلد على هدف مشترك يصون هذه الأبعاد ويقاوم الاستهداف الخارجي الذي يريد أن يمزق كيان الأمة أو أن يجعل طرفا معينا هو صاحب الحق وغيره على باطل فمثل هذه المفاهيم ينبغي أن نتجاوزها ويجب أن نؤمن بالتعددية التي تغني وتثري لا سيما تعددية في إطار ناظم عقدي وثقافي موحد لا نختلف فيه إلا في شكليات بسيطة، ينبغي أن ندرك أن كل هذه الحركات كان لها دور في بلورة الاهتمام بالشأن العام وفي سحب الشباب إلى دائرة تحمل المسؤولية اتجاه المستقبل وإلى التفكير في أهمية الحقوق المدنية للجميع، وقد لعبت الصحوة الإسلامية دورا كبيرا في هذه المراحل إلى جانب دور المكونات السياسية الاخرى التي يجمعها عامل أساسي وهو احترام الإسلام وتشريعاته ويجب أن ننطلق في عملنا دائما من خصوصيات بلدنا ، صحيح أن لدينا تقاطعات مع البلدان الأخرى لكن لدينا ميزات يجب أن ننطلق منها وأن نحافظ على مكاسبنا ونواظمنا لأن الأمة إذا نقضت نواظمها معناه أنها تفككت وبدأت تسير في طريق الصراع والتنازع على البقاء الذي يؤدي إلى الفناء كما يقول شيخنا عبدالله بن بيه حفظه الله
موقع الفكر: هل المشكل اللغوي تربوي أم سياسي، وما هي المقاربة الأمثل لحله؟
الوزير أبوبكر ولد أحمد: على كل حال هذه المسألة فيها جانب نظري يتم التسليم به ولكن لديها إكراهات واقع لا يمكن القفز عليها، النظري المسلم أن اللغة العربية أصلا هي لغة أهل هذا البلد، ما دام الإسلام هو الدين الناظم فاللغة العربية تاريخيا هي اللغة الناظمة لأن غير الناطقين باللغة العربية في هذا البلد قد انقسموا أصلا إلى قسمين، قسم انصهر في اللغة العربية ونسي لغته القديمة مثل الذين كانوا يتكلمون باللغات الصنهاجية في هذا البلد وتعلقوا باعتزاز شديد بهذه اللغة باعتبارها لغة القرآن وليس ذلك زهدا في لغتهم الأصلية وإنما تقديسا وتقديرا للغة العربية، والقسم الآخر كانت لديه لهجات وبقي محتفظا بها ولكن اللغة العلمية لديه كانت اللغة العربية واعتقد أن هذه حقيقة مسلمة تاريخيا وأنه أيضا مسلم من الناحية النظرية أن اللغة العربية يجب أن تكون لها السيادة بالنسبة للمسلمين باعتبارها لغة القرآن، أما من الناحية العملية فقد صار للغة الفرنسية أنصار نتيجة لوجود الاستعمار وارتباط بعض المكونات باللغة الفرنسية بشكل أكبر وكذلك ارتباط بعض النخب من المكونات الأخرى بها واصبح لها ضحايا لدرجة أنها إذا ألغيت سيعتبرون أن ذلك استهدافا لهم، من هذا المنطلق حصلت الإصلاحات التربوية المضطربة وآخرها إصلاح 1999م، الذي تضمن أن تكون المواد الأدبية باللغة العربية والمواد العلمية باللغة الفرنسية وحدد ميزانا كان هدفها الأساسي توحيد النشأ لأنه في الحقيقة من أهداف المنهج التربوي أن يصيغ مواطنا أوحد، يحمل ملامح الشخصية المنشودة في أي قطر من الأقطار لأن السؤال الأول الذي يطرح تربويا في هذا المجال هو " ما هي معالم الإنسان الذي نريد تكوينه في أبعاده المختلفة ؟ " والإجابة على هذا السؤال يجسدها المنهج المقرر وعلى هذا الأساس وجدنا أننا لدينا قطيعة بين الأجيال تتمثل في أن منهجنا التربوي ينتج عنه أن بعض خريجي مدارسنا لا يفقه كلمة من العربية والبعض الآخر لا يفقه كلمة من الفرنسية ، فالفرنسية كلغة قد صار لها مكان لدى بعض مكونات هذا المجتمع من غير الناطقين باللغة العربية أصلا، التربويون متفقون على أن الإنسان عندما يتعلم العلوم بلغته الأصلية يستطيع أن يبدع فيها ويعطي من العطاء ما لا يستطيع فعله في حال تعلمه بلغة غير لغته الأصلية ، لكننا نحن قد اصطدمنا بواقع آخر وهو أن التوجه المطلق بدفعة واحدة إلى اللغة العربية فيه نوع من تولي الظهر لمكون من مكونات البلد تسود الثقافة الفرنسية في نخبه ومن الناحية الواقعية لا يمكن أن نتناسى أو ننسى أن للغة الفرنسية ظهير وقد تكون لديه مصلحة في تحريك الراكد عندما يلاحظ أن لغته ولي لها الظهر بدون تمهيد وقد اكتشف القائمون على التربية حينها أن جميع التخصصات العلمية أغلب طلابها كان يتم منحهم إلى الخارج وأن جميع الدول العربية التي يتم توجيههم إليها ليس فيها دولة واحدة تدرس المواد العلمية باللغة العربية باستثناء سوريا، وقد شكل هذا عائقا لبعض طلابنا نتيجة ضعف مستوياتهم في اللغات الأجنبية ومراعاة لذلك وقع الاجتهاد - الذي كان ينبغي أن يكون مرحليا - في أن تدرس المواد العلمية باللغة الفرنسية والمواد الأدبية في اللغة العربية وكان الهدف منه حينها أن يكون الجميع ناطقا باللغتين في نفس الوقت، ما ينبغي أن تخضع القرارات المتعلقة بمثل هذه الأمور للواقع الذي تنطلق منه وقد لاحظت أنه في الجامعة أصبحت هناك ازدواجية في اللغات فالتدريس في الجامعة الآن أصبح يعتمد على اللغة الفرنسية حتى في بعض التخصصات الأدبية، وأنا شخصيا لست ممن لديهم حساسية حول أي لغة وأعتبر أن العصر الذي نعيش فيه يتطلب معرفة كل ما هو متاح من لغات فمعرفة تلك اللغات قد تساهم في توطيد العلاقة بين مكونات تشترك في العقيدة والوطن والإقليم لكن مع كل ذلك ينبغي أن تظل مكانة اللغة العربية مصانة وأن تدرج في طريقة يمكننا من خلالها أن نجعلها هي لغة الإدارة الرسمية، أما على المستوى التربوي فينبغي أن تكون هناك سياسة تجعل اللغة متكلمة من طرف الجميع وكذلك الفرنسية قدر الإمكان كما ينبغي أن نضع خطة تمكن جميع المواطنين من التحدث باللهجات المحلية خصوصا من يتصدرون المشهد السياسي ويسافرون إلى الداخل في بعض الحملات لأن حديثهم باللهجات المحلية لاشك أنه سيكون مصدر إثراء وينبغي أيضا أن نقطع الطريق امام المصطادين في المياه العكرة الذين يريدون أن يستغلوا أي تحرك اتجاه ماهو أصيل في هذا البلد ويمكن القول - للأمانة - أن هناك متعصبين للغة الفرنسية من فئات عربية غير ناطقة بالفرنسية اصلا وقد أسهموا في حماية مكانة الفرنسية ودافعوا عنها وهناك بالمقابل شخصيات من مكونات غير ناطقة بالعربية أصلا قد خدموا اللغة العربية ودافعوا عنها وخدموها خدمة منقطعة النظير كما حصل مع مدارس الفلاح وهذا يعطيك صورة أن الأزمة في نخبة البلد وليست في الفئات
ومع كل هذا لابد أن نفهم أننا أمة تعلم وانفتاح وأن تعدد اللغات والألسنة هو من آيات وجود الله عز وجل وفي النهاية انا أعتبر أن مشكل اللغة هو مشكل سياسي بالدرجة الأولى وتؤثر عليه بعض المؤثرات الخارجية أما من الناحية التربوية في تسعى للتوفيق بين الجميع