إلى لجنة إصلاح حزب الإنصاف/ محمد الأمين ولد الفاضل

صادق المكتب التنفيذي لحزب الإنصاف في منتصف شهر أغسطس الماضي على تشكيل لجنة لإصلاح الحزب وإعادة تأسيسه. لا شك أن هذه اللجنة ستكون أمامها مهام عديدة ومعقدة، وكمساهمة من خارج الحزب في نجاح مهام هذه اللجنة فقد ارتأيتُ أن أتقدم إلى هذه اللجنة بمقترح يتعلق بنقطة واحدة تتمثل في المهام التي يجب أن توكل للفريق البرلماني للحزب، وعلاقة الفريق بالحكومة. في اعتقادي الشخصي أن مهام الفريق البرلماني لحزب الإنصاف يجب أن يُعاد النظر فيها بشكل عميق، وفاء للمواطن الذي صوت ـ أو الذي سيصوت ـ لنواب الحزب، وانسجاما مع مصلحة النظام، وضمانا لنجاح الحزب في أن  يشكل ذراعا سياسيا وإعلاميا قويا وقادرا على تسويق إنجازات النظام.

 

هناك أسئلة يجب طرحها تمهيدا لتقديم هذا المقترح:

هل من الأولى بالنائب في حزب الإنصاف أن يدافع في البرلمان عن الحكومة أم عن المواطن في حالة ما إذا كان هناك بعض التقصير الملاحظ في العمل الحكومي؟

هل إذا تجاهل كل نواب حزب الإنصاف "تقصيرا ما" في عمل الحكومة، فهل سيعني ذلك أن ذلك التقصير سيبقى محجوبا عن المواطن، وأن بقية النواب ـ وخاصة نواب المعارضة ـ سيتجاهلون ذلك التقصير، أم أنهم سيسارعون في كشفه وربما المبالغة في تضخيمه؟

لقد استفاد نواب المعارضة إعلاميا وسياسيا من تجاهل نواب الأغلبية للتقصير في الأداء الحكومي، بل والدفاع في الكثير من الأحيان عن ذلك التقصير ومحاولة تبريره. هذا التجاهل أعطى الفرصة لنواب المعارضة أن يظهروا دائما في مظهر المدافع عن المواطن في البرلمان، وأن يتحدثوا عن هموم المواطن، وفي كثير من الأحيان لا يكون حديث نواب المعارضة عن التقصير في الأداء الحكومي من أجل تصحيح ذلك التقصير، وإنما من أجل إظهار عجز الحكومة وتعرية النظام الحاكم، وهذا حق سياسي للمعارضة عليها أن تستغله، ولا يمكن أن تلام إن هي استغلته. ما اردتُ أن الفت الانتباه إليه هنا هو أن هناك فرقا كبيرا بين الحديث عن خلل ما في العمل الحكومي من أجل تصحيحه (وهذا ما كان يجب على نواب حزب الإنصاف أن يقوموا به)، والحديث عن ذلك الخلل من أجل كشف العجز الحكومي وتعرية النظام وتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية، وهذا ما يقوم به العديد من نواب المعارضة. لا يعني هذا الكلام أن كل نواب المعارضة لا يتحدثون عن التقصير في الأداء الحكومي من أجل تصحيحه، فهناك نواب في المعارضة يتحدثون عن ذلك الخلل من أجل تصحيحه، ويسعون بالفعل إلى ذلك، ولكن في المقابل هناك نواب آخرون في المعارضة يتحدثون عن ذلك الخلل لا من أجل تصحيحه، وإنما فقط من أجل كسب نقاط سياسية وإعلامية.

على لجنة الإصلاح في حزب الإنصاف أن تدرك أن أساليب العمل التقليدي للأحزاب الحاكمة التي كانت تصلح للعقود الماضية لم تعد تصلح في زماننا هذا، ولذا فقد أصبح من الضروري إحداث تغييرات جوهرية في أساليب عمل الحزب، وخصوصا في أساليب عمل فريقه البرلماني.

وعلى لجنة إصلاح الحزب أن تدرك أنه لا توجد حكومة في هذا العالم بلا أخطاء، وبلا أوجه تقصير، ويتأكد الأمر بالنسبة للحكومات في الدول الفقيرة كما هو الحال بالنسبة لبلدنا.

إن التقصير في الأداء الحكومي موجود تلك حقيقة لا يمكن إنكارها، والحديث عن ذلك التقصير لن يتوقف لا داخل البرلمان ولا خارجه وتلك حقيقة ثانية لا يمكن تجاهلها. فما دام التقصير موجودا، وما دام الحديث عنه لن يتوقف بأي حال من الأحوال، فلماذا لا يأخذ نواب الفريق البرلماني لحزب الإنصاف زمام المبادرة ويتحدثون عن ذلك التقصير لا من أجل إظهار ضعف الأداء الحكومي كما يفعل بعض نواب المعارضة، وإنما من أجل تصحيح أوجه ذلك التقصير، وهناك فرق كبير بين أن تتحدث عن خلل ما من أجل تصحيحه، وأن تتحدث عن ذلك الخلل من أجل كشف عيوب المسؤول عنه، وإظهار عجزه للرأي العام.

إن الفريق البرلماني لحزب الإنصاف ( وما ينطبق على هذا الفريق ينطبق على كل الفرق البرلمانية المحسوبة على الأغلبية) بحاجة إلى أن يغير أسلوبه في التعامل مع الحكومة داخل البرلمان، وأن يعتمد على فلسفة جديدة في التعامل معها تقوم على المرتكزات التالية:

1 ـ أن الفريق البرلماني لحزب الإنصاف أولى من غيره بكشف أوجه التقصير في الأداء الحكومي والحديث عن ذلك التقصير بالطرق والأساليب التي يمكن أن تساهم في معالجة ذلك التقصير، وهو إن ترك ذلك الدور، فإنه سيعطي فرصة ثمينة لنواب المعارضة للحديث عن ذلك التقصير، وربما المبالغة في الحديث عنه سعيا لتسجيل المزيد من المكاسب السياسية والإعلامية؛

2  ـ إن الحديث عن أوجه التقصير في الأداء الحكومي، والبحث عن حلول لذلك التقصير ستمنح نواب حزب الإنصاف مصداقية لدى المواطن هم في أمس الحاجة إليها؛

3 ـ إن تحقيق تلك المصداقية هو ما سيمكن نواب الفريق من تسويق إنجازات الحكومة للمواطن، وكثيرا ما يفشل نواب الفريق ـ بل الأغلبية كلها ـ في تسويق تلك الإنجازات.

ليس من الإنصاف ـ وهذا ما على نواب حزب الإنصاف أن يتذكروه دائما ـ  أن يُطلب من مواطن صوت على نائب في انتخابات 2018، ولم يسمعه خلال مأمورية تقترب من أن تكتمل يتحدث ـ ولو لمرة واحدة ـ عن تقصير في عمل هذا الوزير أو ذاك. ليس من الإنصاف أن يطلب من ذلك المواطن أن يصدق ذلك النائب عند حديثه عن أداء والحكومة وإنجازات النظام.

على حزب الإنصاف في عمومه، وعلى فريقه البرلماني بشكل خاص أن يعلم بأنه لم يعد من الممكن تسويق الإنجازات للمواطنين من طرف نواب لا توجد في صحيفة أي واحدة منهم مداخلة واحدة تتحدث عن تقصير في عمل هذا الوزير أو ذاك على طول مأمورية تقترب من أن تكتمل.

إن تسويق الإنجازات والدفاع عن النظام يحتاج إلى المصداقية، والمصداقية لا يمكن أن يحصل عليها من يكرر على مسامع المواطنين بالغدو والآصال أن الحكومة لم ترتكب خطأ واحدا منذ تشكيلها، وحتى الآن.

إن هذا النوع من النواب الذي يتحدث بهذه الطريقة المبتذلة، والتي لم تعد في زماننا هذا تقنع أحدا، لا يشكل فقط عبئا ثقيلا على الأنظمة الحاكمة، بل إنه زيادة على ذلك يشكل خطرا كبيرا على أرصدة تلك الأنظمة، وذلك لأنه يسحب من تلك الأرصدة ودون أن يضيف لها شيئا. 

 حفظ الله موريتانيا...