ترشيحات المعارضة.. أزمة الاختيار ورهان على المغاضبين- موقع الفكر

شيئا فشيئا بدأت القوى المعارضة الإفراج عن لوائح مرشحيها للبلديات والنيابيات المحلية، وكالحزب الحاكم ما تزال تحتفظ المعارضة بأسماء مرشحيها للوائح الوطنية المختلطة وسط حديث عن صعوبات شديدة في الطريق إلى حسم الترشيحات.

وعكس الانتخابات النيابية والتشريعية المنصرمة فإن  الأحزاب المعارضة في هذا الموسم الانتخابي أقل تنسيقا مقارنة مع سابقه قبل خمس سنوات.

ويعود ذلك إلى دخول عدد من القوى السياسية المعارضة إلى حقل الأغلبية وهبوب رياح الخلاف بين بقية المتسمكين بلحاف المعارضة الرادكالية.

أبرز ترشيحات المعارضة

تصدر حزب تواصل ترشيحات المعارضة، حيث قدم لوائحه في جميع المجالس الجهوية منفردا في مختلف هذه المجالس، ومتحالفا في المجلس الجهوي لجهة تيرس زمور مع تحالف الصواب وحركة إيرا.

وقد رشح تواصل بشكل محدد في 139 بلدية، من أصل 238 بلدية موريتانية، إضافة إلى تحالفات انتخابية في 12 بلدية أخرى، وهو ما يعني أن الحزب الذي يتزعم المعارضة في موريتانيا حقق نسبة تقارب 65% في مختلف البلديات، وأخفق في إيجاد موطئ قدم في حوالي 87 بلدية أخرى.

ويذهب مراقبون إلى أن ترشيحات تواصل ليست على قدم المساواة في الجدية، حيث يمكن القول إنه يملك قدرة تنافسية قوية في العاصمة.

كما يملك الحزب أيضا قدرة تنافسية في  سباق المجلس الجهوي للعاصمة، وقد يحد منها غياب دعم الأحزاب المعارضة التي ساندت ترشح رئيسه السابق محمد جميل ولد منصور سنة 2018.

ويمكن أن يعزز حزب تواصل حظوظه في مواجهة مرشحة حزب الإنصاف في العاصمة السيدة فاطمة بنت عبد المالك إذا ما تمكن من إبرام اتفاق دعم مع حزبي الصواب والقوى السياسية الزنجية، وهو ما قد يدفعه أيضا إلى دعم حزب الصواب إذا ما تمكن هذا الأخير – بأصوات حركة إيرا- من منافسة حزب الإنصاف على المجلس الجهوي.

وإلى جانب هذه الترشيحات فإن تواصل يملك أيضا حظوظا في نيابيات بوتلميت، وواد الناقة، إضافة إلى حضور مقبول في بلدية لعيون وفي سباق جهة الحوض الغربي إضافة إلى رهان انتخابي في نيابيات وبلديات الطينطان

وفي الشمال فإن حضور تواصل في نواذيبو، وأزويرات قابل للتعزز، وزيادة الحظوظ،  أما في بقية مناطق البلاد فإن حظوظ الحزب قد لا تكون عالية جدا وخصوصا في مناطق الضفة التي سبق أن حقق فيها اختراقا شعبيا، غير أن تاريخ التعاطي السياسي لسكان الضفة مع القوى السياسية التي لا تعبر عنهم اجتماعيا يؤكد أن حظوظ الحزب محدودة هنالك.

ويواجه الحزب هذه السنة أيضا ضعفا غير مسبوق في نيابيات ألاك إثر غياب النسبية عن استحقاقات هذه المرحلة واكتفاء المقاطعة بنائبين يفترض أن يحسمهما حزب الإنصاف بسهولة.

ومن غير المستبعد أن يعزز الحزب حصته في النيابيات الوطنية، خصوصا إذا تمكن من تحقيق نسبة في تصويت لائحة الشباب والنساء، زيادة على رهاناته في كرو وبوتلميت والطينطان رغم أن هذا الأخير بات أكثر صعوبة من ذي قبل نتيجة غياب النسبية.

وينضاف إلى صعوبة السباق الانتخابي الذي يخوضه تواصل مغادرة عدد كبير من داعميه إلى صف السلطة، وخصوصا الداعمين من المجموعة القبلية للرئيس الموريتاني والذين كانوا سندا أساسيا سياسيا وماليا له خلال عشرية الرئيس السابق

كما أن  المظلومية والتحدي الذي شعر به انصار الحزب خلال السنوات المنصرمة لم يعد موجودا، في ظل الوضع الحالي الذي لا يمكن الحديث فيه عن محاربة التيار الإسلامي أو استهداف النظام لمؤسسات محسوبة على تواصل.

وإلى جانب هذه الوضعية يواجه الحزب أيضا إشكال التجديد أو تزكية أداء بعض منتخبيه دون الآخرين في ظل تيار يدفع بعدم ترشيح أي منتخب سابق في البرلمان، ورغم قوة هذا التيار فإنه يواجه معارضة داخلية تدعو إلى إعادة ترشيح بعض المنتخبين الذين أثبتوا قدرة وتميزا تحت قبة البرلمان.

هل يستفيد تواصل من ثورة المغاضبين؟

يحاول حزب تواصل استثمار فرصة  المغاضبين في تشكيل تحالفات نحلية  تمكنه من تقوية أجنحته السياسية الضعيفة في الداخل، وبشكل خاص فإن رهان حزب تواصل في مدينة كرو على المغاضبين أثمر تحالفا سياسيا مع الحلف التقليدي زيلوفة والذي يمثله حزب الفضيلة هنالك، ويمثل التحالف الجديد قوة سياسية نوعية يمكن أن تحسم النيابيات في الشوط الأول، لكنها ستجد صعوبة شديدة إذا ما توجهت إلى الشوط الثاني، وفق ما يرى أنصار تواصل، اما مناوئوه فيرون في التحالف المذكور قوة جديدة في الساحة، لكنها لن تحول دون فوز الإنصاف

وإلى جانب كرو فإن حظوظ تواصل في ولاية لعصابة بشكل عام متصاعدة بسبب موجة المغاضبين، وهو ما قد يمكن الحزب من تحقيق تمدد اجتماعي وسياسي ظرفي

وفي بوتلميت على سبيل المثال فإن تواصل يراهن على مغاضبة المجموعات المتضررة من إقصائها  من مختلف المناصب الانتخابية في المقاطعة، حيث بدأ تقديم لوائحه للنيابيات بناء على تحالف مع بعض القوى الاجتماعية الفاعلة في المقاطعة.

وفي الحوض الغربي فإن حظوظ تواصل في بلدية لعيون تبدو أحسن من سابقتها خصوصا في ظل تنافس اجتماعي قوي بين القوى المرشحة، حيث يراهن مرشح تواصل  على دعم مجموعته الطامحة  منذ عقود للوصول إلى رئاسة البلدية.

تحالف إيرا والصواب.. زواج المتعة بين الشرعية والشعبية.

يراهن قادة حزب الصواب على تحالفهم مع حركة إيرا وزعيمها بيرام ولد اعبيدي، وسيمكن هذا التحالف رئيس الصواب على الأكثر من المحافظة على منصبه الانتخابي فيما سيستأثر ببقية المقاعد الانتخابية مرشحو حركة إيرا.

وقد بلغت ترشيحات الصواب 129 بلدية، إضافة إلى 12 لائحة جهوية، حيث لم يرشح الحزب في جهة تكانت رغم أن عددا من قادة الحزب  يحسبون على هذه الولاية.

ويملك هذا التحالف نقاط قوة متعددة منها:

  • الحشد الجماهيري الذي أظهر قوته خلال الفترات المنصرمة ومكن التحالف المذكور من تحصيل مقاعد في البرلمان إضافة إلى حلول ولد اعبيدي ثانيا في الانتخابات الرئاسية خلال دورتين
  • عودة بيرام إلى خطابه الراديكالي وعزفه على الوتر الفئوي مما يزيد حظوظه داخل شباب وفتيات الشريحة التي يراهن عليها والتي تتفاعل بشكل مضطرد مع الخطاب الحماسي والمباشر.
  • محدودية تكاليف التمويل: حيث لا يراهن الحزب المذكور على شراء الأصوات أو الإقناع بقدر ما يراهن على موقف فئوي يمكن تجييشه بخطاب سياسي أو مجتمعي معروف الخصائص.
  • إمكانية تحقيق تقدم نوعي في المدن الكبرى وخصوصا المدن العمالية مثل نواكشوط- نواذيبو- ازويرات- كيهيدي- روصو، زيادة على تحالفه الفئوي من المجموعات المغاضبة  - عرقيا - من شريحة الصوننكي في سيلبابي وهو التحالف الذي مكنه من حصد آلاف الاصوات في كيديماغا خلال رئاسيات 2019.

لكن هذا التحالف أيضا يواجه صعوبات متعددة منها:

  • ضعف القدرات المالية المحلية: وذلك بعد حرق بيرام لعلاقات مهمة مع عدد كبير من القوى الداعمة له، وتوجيه انتقادات وسباب لاذع لعدد من رجال الأعمال الذين لن يستثمروا مستقبلا في دعم ولد اعبيدي.
  • ضعف الحضور المجتمعي في الداخل: وخصوصا في البلديات الريفية التي تسيطر عليها قوى مجتمعية محددة أو دوائر تقليدية.

ورغم كل ذلك تبقى حظوظ هذا التحالف منطقية ومعقولة في اللوائح الوطنية، وضعيفة جدا في المحليات

التكتل و تقدم.. ترشيحات الحد الأدنى من الحضور

تراجع الحضور السياسي والقدرة على الترشيح لحزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم إلى حد كبير خلال الدورتين الانتخابيتين الماضية والمتوقعة، وتوقف عداد الترشيح بالنسبة لحزب قوى التقدم عند 7 مجالس جهوية و43 بلدية، أما تكتل القوى الديمقراطية فلم يرشح لأكثر من 4 مجالس جهةية ولم تتجاوز لوائحه في البلديات 25 لائحة.

وتعاني الأحزاب المذكورة نزيف انسحابات متواصل منذ سنوات، وتراجعت قدراتها التعبوية بشكل كبير، وتبقى حظوظها هي الأضعف بين قوى المعارضة في موريتانيا، كما أن إمكانية تحالفها مع حزب الإنصاف الحاكم يبقى احتمالا مرجحا في ظل مستويات كبيرة من التقارب بين الطرفين.

وعلى نفس المنوال وبرقم أعلى تقدم حزب التحالف الشعبي بمرشحيه في11 مجلساً جهوياً، و82 قائمة بلدية.

حزب الرباط.. وهج إعلامي وحضور شعبي خافت

يشارك حزب الرباط المحسوب على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في 7 لوائح انتخابية وحوالي 60 بلدية، ويراهن الحزب على شعبية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وإمكانية استغلال خطاب المظلومية من أجل حشد أصوات الناخبين، وباستثناء رئيس الحزب السعد ولد لوليد فإن أغلب مرشحي الرباط هم شخصيات غير شهيرة.

ويواجه الحزب إضافة إلى صعوبة الاختراق الجماهيري أزمة التمويل، خصوصا أن الرئيس السابق قد لا يجد فرصة مواتية لضخ بعض أمواله غير المجمدة في مغامرة سياسية غير محسوبة.

 

وبين الترشيحات المتعددة،  لا تبدو حظوظ المعارضة كبيرة جدا ولا خارقة، ولكنها  في المحصلة لن تتراجع  مقارنة مع المواسم الانتخابية المنصرمة.