الأسس التي ينبغي أن نصوت على أساسها مطلوبة في الشخص الطبيعي والمعنوي.. - محمدن أحمد حمني

لا تشترط النصوص القانونية في المترشح سوى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وعدم التعارض، وسن معينة تختلف باختلاف المنصب المترشح له (40، للرئاسة، م26 من الدستور؛ 25 سنة للنواب، م 47 من الدستور، 25 بالنسبة للعمد، م 108 من قانون البلديات، 25 سنة بالنسبة للجهة م 77 من قانون الجهة)؛ فغاب عن القانون ذكر الشروط المتعلقة بالمفاضلة، وهو قصور في القانون له أسبابه، لكن التراث الإسلامي لم يهملها، ولا بد أن الناخب الذي يدرك أن صوته أمانة يبحث عنها..
والحقيقة أن هذه الشروط مركبة فليس المراد توافرها في شخص واحد وإن شئت قل هل الشروط يجب توفرها في الشخص الطبيعي (الفرد) وحده؟ أم في الشخص المعنوي (الحزب) وحده؟ أم يجب توفرها في هما معا ؟
قد يستغرب البعض من هذا الطرح ومن صياغة الإشكالية، لكنها إشكالية واقعية تعززها النصوص المانعة للترشح ابتداء إلا باسم الأحزاب، المنتهية إلى أن المنصب للحزب وليس للفرد.
فقد جاء في نص المادة 22 من القانون المتعلق بانتخاب النواب ما نصه: "تتم الترشحات باسم الأحزاب المعترف بها قانونا" وجاء في نفس المادة من نفس القانون، والمادة 17 من قانون الجهة و المادة 113 من قانون البلديات ما نصه: "يفقد النائب "المستشار" الذي يستقيل من حزبه أثناء انتدابه مقعده تلقائيا، وتبدأ عملية استبداله حسب الصيغ التي ينص عليها القانون".
إذا أيها الناخب المقعد للحزب وليس للفرد مما يعني أنك لا بد وأن تبحث عن الشروط الواجب توفرها في الحزب، و يتأكد ذلك حين تدرك أن الأحزاب هي الرافعة بالنسبة للفرد الذي سينتخب أي أنها بطانته وجماعته التي ستساعده كمنتخب "مرشح" على القيام بأمانته..

قبل أن أحدد تلك الشروط المطلوبة في الحزب، سأذكرك بالشروط الواجب توفرها في الفرد، وهي: 
- القوة والأمانة: فالأمانة وحدها لا تكفي بل لا بد من القوة لذا أثر عن عمر قوله: "اللهم إِني أشكو إليك جلد الفاجر ، وعجز الثّقة"
- معرفة الاختصاص "البصر بالعمل": حتى ولو كان غيره أحسن أخلاقا وأكثر ورعا..
- الإقامة: فقد كان عمر ينهى عن استعمال رجل من أهل الوبر علي أهل المدر خوف اختلاف الطباع، ولعل هذا هو الشرط الوحيد الذي ألمح إليه نص المادة 94 من قانون البلديات دون تصريح وذلك باشتراطه في الناخب، وقد ألغت اللجنة المستقلة للانتخابات هذا الشرط حين تعذر حصول بعض المترشحين عليها.
- أن يكون مرشحا لا مترشحا: ففي الحديث إنا والله لا نعطي هذا الأمر لمن سأله، وقد بين عمر بعض علة هذا الحديث بقوله "من طلب هذا الأمر لم يعن عليه".
وهو لعمري شرط مختل في كثير من المترشحين فقد شاع أخيرا مصطلح "المغاضبة" الذي يؤكد قوله صلى الله عليه وسلم "إنَّكم ستحرِصون عَلَى الإمارةِ، وستَكُونُ نَدَامَةً يَوْم القِيامَةِ"، كما شوهد ترشيح الوافدين.
- اختبار المرشح: إما بالتعرف على تجربته في ما وكل إليه سابقا، أو من خلال مسيرته..
- الكفاءة والقدرة على القيام بالمهام.
ولا يتحقق هذا الشرط في جزئيته الثانية إلا بالفريق، (الحزب).
- الاهتمام المشترك بمصلحة الحزب المترشح، والسعي في إنجاحه في جميع الأماكن: لا أن يكون هدفه هو نجاحه كفرد فقط.
- علاوة على شرط الزهد والورع والتواضع..¹
أما عن الشروط الواجب توفرها في الحزب فهي:
- صلاحه كمؤسسة: أي تقديمه للمرشحين على أساس الشروط السابقة لا على أساس الموازنات، وحجم التمويلات المقدمة من طرفه لأن ذلك يؤدي إلى اختلال الشرط في الحزب والمترشح معا.
- الاهتمام بمصالح المواطنين: ويمكن قياس مدى توفر هذا الشرط من خلال الوقوف إلى جانب المواطن، ومن خلال عمل نوابه وعمده..
- عدم التحيز والدعوة للتفرقة، وقد ورد هذا الشرط في المادة 4 من قانون الأحزاب السياسية.

وكخلاصة فإنه من الواجب مراعاة توفر هذه الشروط التي ترجع إلى أهلية المرشح بتوفر الشروط الشرعية فيه وفي حزبه، وأهلية الحزب التي يمكن قياسها برصيده (إنجازاته) في خدمة المواطن..
........
ملاحظة يعول على أهل العلم في تسليط الضوء على هذا الموضوع، فهو يحتاج إليهم في التأصيل الشرعي والتنزيل الواقعي.
......
¹انظر للتوسع في هذه الشروط:
- الظافر القاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، دار النفائس م1 ص 479.
 - علي محمد محمد الصلابي، فصل الخطاب في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، دار ابن كثير، ط6، 2020، ص 335-337.