والأصل الأخير من أصوله العشرين يقول في صراحة:
لا نكفر مسلماً أقر بالشهادتين، وعمل بمقتضاهما، وأدّى الفرائض: برأي أو معصية، إلا إن أقرّ بكلمة الكفر، أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، أو كذّب صريح القرآن، أو فسّره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر".
إن تكفير الأفراد والمجتمعات – الذي تبنّاه بعض الدعاة إلى الإسلام فيما بعد، خطأ ديني، وخطأ علمي، وخطأ حركي.
وفي تحديد علاقة الإخوان بالمجتمع، قامت تربية الإخوان على هذه النظرة المتزنة.
فلم تقم على الذوبان في المجتمع، أو مسايرته في خيره وشره، وحلاله وحرامه باسم "التطور" أو "التحديث" ونحو ذلك من العناوين التي يتكئ عليها دعاة
"التغريب" وأدعياء "التجديد" في ديار المسلمين.
كما لم تقم أيضاً على رفض المجتمع، والاستعلاء عليه، ومعاملته معاملة العدو للعدو، ومخاطبته من بعيد، ومن عل، بأنف شامخ، وخد مصعر، وشعور بالعزلة والاستكبار.
إنما قامت التربية على أساس الاهتمام بالمجتمع، والتفاعل مع أحداثه، والإحساس بآلامه وآماله، بحيث يفرح الأخ المسلم لأفراحه، ويأسى لأساه، ويعمل لإسعاده وإنقاذه وإصلاحه، فهو كالعضو من الجسد، أو كالّلبنة من البنيان.
وهكذا صوّر لنا النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع المؤمنين: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" [متفق عليه: رواه البخاري في المظالم (2446)، ومسلم في البر والصلة والآداب (2585)، كما رواه أحمد في المسند (19624)، والترمذي في البر والصلة (1928)، والنسائي في الزكاة (2560) عن أبي موسى.].
"مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد" [متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (6011)، ومسلم في البر والصلة والآداب (2586)، كما رواه أحمد في المسند (18373) عن النعمان بن بشير].