ويلاحظ أنهم جعلوا العبرة بوفاة المجدّد في أرس القرن، كما يوضح ذلك تاريخ وفيات الذين عينوهم للتجديد، فعمر بن عبد العزيز (ت101ه)، والشافعي
(ت204ه)، والباقلاني (ت403ه) والغزالي (ت505ه) والرازي (606ه)، وابن دقيق العيد(703ه)، والعراقي (ت808ه). ولم يذكروا إماماً مثل ابن تيمية برغم حركته التجديدية الضخمة في الفكر الإسلامي بمختلف جوانبه؛ لأنه تأخرت وفاته عن أرس المائة (ت728ه). والحديث لم يقل: إن الله يتوفى المجدّد على أرس القرن،
بل يبعثه على أرس القرن، ومعناه: أن مهمته تبدأ في أرس القرن، وليست تنتهي عنده.
وقد أيت العلامة المناوي نبه على هذا المعندى، فقال: (وهنا تنبيه ينبغي التفطُّن له ، وهو أن كدل من تكلم على حديث: "إ ن الله يبعث ..." إلخ ، إنما يقرره بناءً على أن المبعوث على أرس القرن يكون موته على أرسه. وأنت خبير بأن المتبادر من الحديث إنما هو: أن البعث وهو الإرسال يكون على أرس القرن، أي أوله. ومعنى إرسال العالم: تأهُّله للتصدّي لنفع الأنام، وانتصابه لنشر الأحكام.
وموته على أرس القرن أخذٌ لا بعث! فتدبر بإنصاف. قال: ثم رأيت الطيبي قال:
المراد بالبعث من انقضت المائة، وهو حي عالم مشهور مشار إليه.
والكرماني قال: قد كان قبيل كل مائة أيضاً من يُصحّح ويقوم بأمر الدين، وإنما المراد من انقضت المائة وهو حي عالم مشار إليه. بل ذكر المناوي: أنه قد يكون في أثناء المائة من هو كذلك، بل قد يكون أفضل من المبعوث على أرس القرن، وأن تخصيص أرس القرن، إنما هو لكونه مظنة انخرام علمائه غالباً، وظهور البدع، ونجوم الدجال) . .
وهو كلام وجيه.