العودة بالدين إلى ما كان عليه يوم نشأ وظهر:
وكذلك الدين: لا يعني تجديده إظهار طبعة جديدة منه، بل يعني العودة به إلى حيث كان في عهد الرسول صدلى الله عليه وسلم وصحابته ومن تبعهم بإحسان
وهذه العودة لا تخيف، كما يتوهم بعض الناس، إنها في الحقيقة العودة إلى الأصل، إلى المنبع، إلى التيسير لا إلى التعسير، إلى التبشير لا إلى التنفير، إلى الاهتمام باللباب لا الوقوف عند القشور.
فقه الصحابة والتابعين:
إن الذي يقرأ فقه الصحابة والتابعين يجد أنهم أفقه الناس لروح الإسلام ومقاصده، ولم يكونوا حرفيين، ولا شكليين. كانوا ملتزمين كل الالتزام بشرع الله، ومع هذا كانوا يجتهدون في أحكام الوقائع بروح سمحة، تعلم الناس أن الله لم يشرع دينه إلا لمصلحة عباده، وأنه يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وكان منهجهم كما عبر عنه سيدنا علي رضي الله عنه ترجيح (النمط الأوسط) الذي يلحق به التالي، ويرجع إليه الغالي.
الفقه هو مفتاح التجديد للدين:
إن مفتاح التجديدد للدين هو: الوعي والفهم، وبعبارة إسلامية صميمة هو: الفقه، ولا أعني بالفقه المعنى الاصطلاحي المعروف، وهو ما يتعلق بمعرفة الأحكام الفرعية من الوضوء والصلاة والرضاع والزواج والطلاق فقط، وإن كان هذا مطلوباً ومحموداً، ولكن أعني بالفقه: مفهومه القرآني والنبوي، وهو المذكور في قوله تعالى:
{قَدْ فَصّلْناَ الْآياتِ لِقَوْمٍ يفْقَهُونَ} [الأنعام:98]، وهو الذي نفاه الله عن المشركين وغيرهم من أعداء المسلمين حين وصفهم بأنهم {قَوْمٌ لا يفْقَهُونَ} [لأنفرال:65]، وقال عن أهل جهنم: {لَهُمْ قلُوُوبٌ لا يفْقَهُونَ بِهَا}[الأعرراف:179]، وقال تعالى: {فَلَوْلا نفَرَ مِنْ كُلِ فِرْقةٍ مِنْهُمْ طَائفَة لِيتَفَقَهَوا فِي الدِينِ وَلِينْوذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذاَ رَجَعوُوا إلِيْهِمْ لَعَلهُّمْ يَحْذرَونَ } [التوبة:122]. وقال صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"