والقرآن نفسه معجزة أدبية فنية جمالية، استمع إليه العرب وهم مشركون، فقالوا: (إ ن له لحلاوة، وا ن عليه لطلاوة). وهو يتلى بأجمل الأصوات، فتضيف إليه جمالا إلى جمال، كما جاء في الحديث: "زيّنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا.
ولذا رحب الإسلام بالفن الراقي المسموع والمرئي والمصنوع، بقيود وشروط تنأى به أن يكون معبراً عن الوثنية التي سادت الحضاارت المختلفة قبل الإسلام، أو مسانداً لها وداعياً إليها، بل المفروض في الفن الإسلامي وبكل أجناسه وألوانه أن يكون معبّر اً عن التوحيد، وداعياً إلى التوحيد.
وكذلك يجب أن ينأى الفن كله في ظل الإسلام أن يكون أداة لإثارة الغرائز الدنيا، والدعوة إلى الفواحش ما ظهر منها وما بطن، بل الواجب أن يُوظف الفن – كما يو ظف العلم – لتزكية الأنفس، والسموّ بالإنسان، وحضّه على تقوى الخالق
والإحسان بالمخلوق: (إِنَّ اللَّه مَعَ الذِّينَ اتقَّوْا وَالَّذِي نَ هُمْ مُحْسِنوُنَ)"النحل:128".
وفي هذا الإطار يدعم الإسلام الفنون ويرقى بها، كما شهدنا ذلك في عهود ازدهار الحضارة الإسلامية، وما حفلت به من فنون الهندسة والعمارة، وما اشتهرت أو تفردت به من أعمال الزخرفة وكتابة الخط العربي والتفنُّن فيه، من ثلث، ورقعة، ونسخ، وفارسي، وديواني، وكوفي، وغيرها، وقد تجلى ذلك في القصور والمساجد والمصاحف والسيوف وغيرها.
ليس صحيحاً أن الحياة الإسلامية حياة قاتمة، لا مجال فيها لفم أن يضحك ،ولا لقلب أن يفرح، ولا لفكه أن يمزح ،ولا لأسرة أن تغني وتطرب بزفاف عروس ،وتضرب على ذلك الدف والطبل. والحق أ ن إظهار الإسلام بمظهر المتزمّت العبوس، ظلمٌ لحقيقة الإسلام، وقد أصدرنا عدة كتب في بيان أحكام الإسلام في ذلك، مثل: (فقه الغناء والموسيقى) و(فقه اللهو والترويح) و (الإسلام والفن) ينبغي الرجوع إليها لمعرفة الموقف الإسلامي الوسطي، الذي لا طغيان فيه ولا إخسار في الميزان.