ليس ضعف التعليم في موريتانيا جديدا ، ولا داهية مباغتة لنجد منها مادة نتناولها بخصوصها في هذا المقال .
كما أننا لسنا أول من حذر من اختلال الرقابة عليه عموما وعلى المدارس ذات الطابع الأجنبي مرخصة كانت أو مغتصبة للصفة .
فما الخطر في هذه المدارس التبشيرية على خصوصيات المجتمع ؟
وما أثر ذلك على الدولة و المجتمع ؟
العملية التعليمية _ كما هو معلوم _ صياغة بيداغوجية للعقول البشرية _ في بلد ما _ وتوجيه لنمط التفكير والسلوك البشري والديني للفرد فالفئة فالمجتمع .
ولأهمية التعليم بادرت فرنسا _ منذ نكبة احتلالها لبلدنا موريتانيا ولا تزال _ إلى فرنسة التعليم وفرضت فيه اللغة الفرنسية _ لأن اللغة من حيث هي _ ( وعاء حامل للمعارف عقلا وعاطفة ودينا )
كما ان المجتمع يوم كان يصنفها "بلدا كافرا " واجهها برفض جميع ما صدر عنها .
وهكذا ظل الصراع بين مجتمعنا وبين فرنسا صراعا دينيا ومجتمعيا وثقافيا وعرقيا .
حتى نجحت فرنسا في تسليط أبناء الجلدة على موارد القوة في الدولة وخلفت وراءها من يحمي لها ظهرها .
وهكذا وصل بلدنا لمرحلة ميت الأحياء ما يسمى " الاستقلال " سنة 1960م وبات يسمى ( الجمهورية الإسلامية الموريتانية )
حيث ذهب عين الاحتلال وبقي حكمه . تشبيها بزوال عين النجاسة وبقاء حكمها، كما سبق إليه الشيخ محمد بن ميلود رحمه الله تعالى .
ومنذ تلك العصور حتى وصلنا في الألفية إلى الانفتاح على كثير من المدارس" التبشيرية "
أعني التنصيرية .
ولعل الغرض الأساس من هذا المقال هو استشعار خطر الإلحاد والمثلية التي هي جداول أعمال هذه المنظمات ولا أسميها مدارس .
كما أنه تثمين وإشادة بما قام به المفتشان ( الطيب جميلي )
و( الحسين زمور )
اللذان يمتلكان الصفة ( مفتش تعليم )
وواجها مشكلة منظمتين تختبئان تحت مسمى "مدرستين " تنصيريتين في نواكشوط, تفرغ زينة ، والمناء ، حيث تحدث المفتش الطيب جميلي عن مركز "الملائكة الصغار" ( Petits anges) التي أثمرت جهوده بإحراجها قانونيا وإداريا حتى اضطرت إلى تغيير ذلك الاسم إلى الاسم المعروف حاليا: ( grane cader)
وملخص ما قال هو: إنه وفي إطار عمله التربوي سنة 2005 علم بمايسمى مدرسة في ذلك المكان ، ولما جاء يستفسر لم يتلق أي رد من القائمة عليها حينها ( نتالي ) وبناء على صلاحياته أرسل الشكاية عبر مسارها الإداري مرورا بحاكم مقاطعة تفرغ زينة ووالي نواكشوط . ووزير الداخلية (حينها ، وحاليا ) ، ووزير التهذيب ..
وبعد استدعاء المفتش من طرف وزير التهذيب وجد "نتالي" مدعومة من أطراف نافذة من رجال الأعمال وأبناء الوجهاء ووزير التعليم العالي ( ساق أسماء ).
ولما خاطبه وزير التهذيب من موقع انه أغلق مدرسة بلا سبب ، رد المفتش أنها (منزل) وليست مدرسة ؛ لأنها ليست مرخصة ، سأل الوزير" المديرة " نتالي عن الرخصة فأجابت بأنها فعلا بلا رخصة .
طلب القائمون على المدرسة أسبوعين للترخيص
ومن ثم بدأت التسوية واقترحوا الاسم الجديد ، (الإطار الكبير )
( grane cader)
ثم خسر المفثش منصبه لاحقا بسبب هذه المعركة .
أما المفتس (الحسين ولد زمور)
فشهد بمصداقية معركة الطيب ومدرسة (گران كادر.) ، وتحدث هو الآخر عن تجربته الشخصية مع مدرسة
( Petit centre)
وقد ضرب أمثلة لعدة مدارس تنصيرية , وبوصفه مدرسا للعربية تعرض للمساءلة من الإدارة بسبب إرشاد أخلاقي .
اما انا فدرست سنة 2003 في التعليم الأهلي أطفالا في راحة الخريف وهم يدرسون في :
( école catholique)
وتعجبت حينها من مسلمين يعاملون مدرس قرآن لأطفال ارتضوا لهم دراسة عند الكاثوليك .
ولكن وجدت أنهم ضحايا للمزاج العام للطبقة (البروجوازية) حيث باتت لديهم قناعة مفادها : أنك إذا أردت ضمان مستقبل أطفالك فدرسهم في المراكز الأجنبية .
ونحن مهما كتبنا فإنه مجرد تذكير بالمشكلة ، وأما إثبات التأثير السلبي لهذه المنظمات _ ولا أسميها مدارس فنحن في غنى عنه لمثوله للعيان .
وليس أقلها ضررا ما يزرع هذه المآسي :
١_ حب الفرنسية والمحافظة على الاحتلال الفكري للبلد
٢_ الالحاد المنتشر بين أبناء تلك الطبقة
٣_ الانحلال الأخلاقي وانتشار المثلية والخمور والمخدرات والملاهي والألعاب المفسدة للطباع .
٤_ الفشل التعليمي الناتج عن الوعاء اللغوي؛ لأن اللغة لا تخرج عن محيطها ، فكرا ، ودينا، وتراثا ، وأبطالا .
وكل هذه المرتكزات في الفرنسية مباينة للعربية خصوصا في موريتانيا .
٥_ عداء الدين لأن خريجي هذه المدارس جهلة به ، و( من جهل شيئا عاداه )
ولأنه مناقض للعلمانية والمراكز تعلم العلمانية .
٦_ عداء المجتمع ، لأن خريجي هذه المدارس غرباء فيه نتيجة لتكبرهم على البسطاء ولحاجز المفاهيم ومنطق البيئة غير المشتركة .
٧_ نهب ثروات البلد وإعطاؤها بالمجان لفرنسا ، بوصفها "الأحق بالرقي والازدهار " لولائهم الفكري والروحي لها .
اخيرا نقول التعليم له ثلاث مرتكزات :
1- المدرس : وهو في مدارس التبشير غير معني بمصلحة موريتانيا وشعبها .
2_ المنهج المدرس : وهذا بالضرورة ليس موريتانيا .
3_ التلميذ : وقد زرعنا فيه ٢ من ٣ مدرس فرنسي ومنهج فرنسي النتيجة أنه حتما سيكون فرنسيا , مضمونا وإن بقي موريتانيا شكلا
ولن نستطيع سلامة المستقبل لهذا المجتمع إلا بتجفيف هذه المجاري الخبيثة للمثلية والسكر والإلحاد .
عبر تصرف قانونية من الجهات المعنية .