المصرح به في خطاب بيرام ولد الداه ولد اعبيدي وخرجاته الإعلامية كان أكثر من المسكوت عنه، حيث نص في برنامجه على أن "موريتانيا ستلغي من كراسها القضائي الحكم بالإعدام و العقوبات الجسدية"، رغم أن هذه الحدود بالفعل غير مطبقة في موريتانيا، إلا أن إلغاءها من التقنين الموريتاني يمثل عدوانا على الشريعة الإسلامية التي نصت عليها بوضوح وحددتها وربطت تطبيقها بمعايير واضحة وربطب بهذه الزواجر صلاح المجتمع.
وهاجم بيرام المجلس الأعلى للفتوى والمظالم وتعهد بحله في أول يوم يصل فيه إلى السلطة، فهو: "لن يتعايش حسب قوله مع تلك الافتراءات ضد الدين، ولن يتعايش مع ما أسماه الفقه المنتهي الصلاحية وغير المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم والقرون المزكَّاة، الفقه الفاسد الذي يشوِّه صورة الإسلام، ويحرض الشعوب الأخرى على الإسلام والذي يحرض أبناء الإسلام ضد الإسلام". حسب مقابلة صحفية منشورة على موقع الأخبار بتاريخ ( 21 يونيو, 2024 ).
ولاشك أن من أخطاء السلط الموريتانية المتعاقبة تدجين المؤسسات الإسلامية ووضعها كحذاء لخدمتها وللتمندل بها، فعلى مدى العقود الثلاثة لم تعقد بعض الهيئات مؤتمرا تجدد فيه نفسها، ولم يؤثر عنها قول الحق والصدع به، بل المتعارف عليه أنهم في الأغلب يقولون لكل وال "عاش عهدكم المجيد" ولا ننسى أن من بين قادة تلك المؤسسات وفي عضويتها من حرض الرئيس عزيز على "الحنث العظيم" وعلى تغيير الدستور، مما قد يعرض البلد وأمنه لهزات، لم يكن من المناسب أن تصدر من " أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ"
فكان على الحكومات المتعاقبة أن توقر الهيئات الدينية وأن تبعدها عن التجاذبات السياسية، وأن تختار لها أولوا النزاهة والقوة، ولو خالفوها الرأي وعصوا توجيهاتها، ففي ذلك خدمة للسلطة، وموثوقية بتلك الهيئات، ورصيد وهيبة واستثمار تستخدمه الدولة للصالح العام في أوقات الشدة والكرب، فالعالم الحقيقي مختلف بطبيغته عن خريجي محظرة وحضرة الهياكل.
" الدار استدمين يزان ؤيزيان امعاه استوثيق اتم إعامل ذا السبحان معاملة تليق"
وخلافا لذلك فأغلب هذه الهيئات نتيجة لطبيعة الاختيار ستكون في طليعة المساندين لأي تغيير يحدث بالقوة- لاقدر الله- مخالف للدستور.
ويثير تصريح المترشح بيرام عدة أسئلة من قبيل، ما الفرق بين مجالس الإدارة والمجلس الاقتصادي من جهة و مجلس الفتوى، ولماذا يميز الأخير بوعيده، وما المسكوت عنه في المجالس الأخرى.
فهي مجالس شبه صورية وضعيفة في حكامتها وبنائها لكنها مهمة للشعب الموريتاني وما تحتاجه جميعا هو التصويب وليس الشطب والإلغاء.
وفي مقابل ذلك تعهد بيرام بالوصول إلى السلطة، دون أن يقول الطريق التي ستوصله إلى ذلك، حيث من الصعوبة بمكان أن يتحقق هدفه في ظل تصريحات ومواقف يعتبرها كثير من الموريتانيين دائرة بين الهجوم على الثوابت أو ترسيخ الخطاب العنصري.