أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات في موريتانيا عن فوز المترشح محمد ولد الشيخ الغزواني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 29 يونيو 2024م.
بنسبة 56.12% من أصوات الناخبين. جاء في المرتبة الثانية زعيم حركة "إيرا" بيرام الداه اعبيدي بنسبة 22.10%، تلاه مرشح حزب "تواصل" الإسلامي بنسبة 13.72%، بينما توزعت باقي الأصوات على المرشحين الآخرين.
لم أكن مهتمًا بالسياسة في هذا البلد لاعتقادي أن الشعب الموريتاني، كباقي الشعوب العربية، لا يفهم كثيرًا في السياسة.!!
لكن الأحداث المتسارعة وغير المسبوقة دفعتني، كغيري من المراقبين، لإعادة النظر في هذه المفاهيم.
تاريخيًا، تميزت موريتانيا بغياب سلطة مركزية قوية منذ عهد المرابطين وحتى إعلان دولة الاستقلال في 1960م. هذه الوضعية البدوية أدت إلى تكييف علماء الشرع للكثير من الأحكام بما يتناسب مع الواقع السائد، مما خلق قناعة بعدم جدوى دولة النظام خوفاً من الفتنة والفساد!!
ومع ذلك، خلال مأموريته الأولى، استطاع الرئيس الغزواني أن يجمع أطياف الشعب المختلفة، مما أسس لقاعدة واعدة للإجماع الوطني وعزز الابتعاد عن القبلية. هذا التقارب كان عاملاً مهماً في دعم المعارضة التقليدية لترشحه لمأمورية ثانية.
تفاصيل أكثر في المقال الموسوم بـ "كيف استقطب المترشح محمد ولد الشيخ الغزواني المعارضة التقليدية؟!
https://elfikr.net/?q=node/49221
جرت العادة في دول العالم، أن الطرف المهزوم في الانتخابات يدعي أنها مزورة، وهذا ماقاله بيرام الداه اعبيدي لكن القرائن والمحاضر الموقعة من ممثليه واعترافات الأحزاب المترشحة تشير الى غير ذالك.
بدليل أن تغطية حزب "تواصل" لمعظم التراب الوطني وحصوله على 13% فقط من الأصوات يعكس أن دعوى بيرام غير دقيقة!! وقد اقتصر تمثيله لمناطق محددة من البلاد!!
شاركت جميع الشرائح الموريتانية في هذه الانتخابات، مما أبرز الروح الديمقراطية والتسامح في البلاد.
المراقبون يعتبرون هذه الانتخابات الأكثر مصداقية منذ بدء المسار الديمقراطي في موريتانيا. فالأهم في هذه الانتخابات هو النضج السياسي للشعب الموريتاني الذي أظهر وعيًا ومسؤولية في وقت يشهد فيه العالم تحديات جيوسياسية كبيرة.
أمام المعارضة فرصة للمشاركة في إرساء مؤسسات الدولة واستقرارها وتنميتها، حيث وعد الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني بأن يكون رئيسًا لجميع الموريتانيين ويواصل سياسة اليد الممدودة.
يُدرك الغرب اليوم أهمية استقرار موريتانيا لأمن المنطقة، مما يجعله يميل لدعم استقرارها، بغض النظر عن الشعارات الديمقراطية التي قد يتجاوزها لمصالحه الخاصة.
على المعارضة أن تحذر من بث الشائعات والفتنة، فقد تلجأ الدولة إلى طلب توقيف أو تسليم أي من رعاياها في الخارج إذا اقتضت المصلحة العليا ذلك.
التحدي الأبرز للرئيس المنتخب هو إبقاء البلاد بعيدة عن الهجمات الجهادية التي تشنها حركات متطرفة في منطقة الساحل بغربي أفريقيا، حيث نجحت الحكومة حتى الآن في الحفاظ على أمن البلاد دون أي عمليات جهادية مسلحة منذ 2011م ولله الحمد
أثبتت الانتخابات أن الموريتانيين شعب واحد، وأظهرت نضجهم السياسي رغم التحديات المحيطة.
الرئيس المنتخب يواجه تحديات كبيرة أبرزها الحفاظ على الأمن والاستقرار في مواجهة تهديدات الجماعات الجهادية في المنطقة.
لكن التحليل يشير إلى أن الانتقال السلمي للسلطة وتشكيل حكومة مستقرة سيكون له دور كبير في تعزيز دور موريتانيا في الأمن الإقليمي.
على الرغم من التحديات السياسية والتاريخ الطويل لعدم وجود سلطة مركزية قوية في البلاد، فإن هذه الانتخابات تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية والوحدة الوطنية في موريتانيا.
الأحداث المتسارعة والتحولات التي شهدتها البلاد جعلت الكثيرين يعيدون النظر في تصوراتهم القديمة حول الشعب والسياسة الموريتانية.
من المهم أن تدرك جميع الأطراف أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار، خاصة في ظل التحديات الأمنية الإقليمية.
موريتانيا تحتاج إلى التعاون والتضامن بين مختلف الفئات لتحقيق مستقبل أفضل.
نجاح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في جذب الدعم من المعارضة التقليدية، والتقدم الكبير في إشراك مختلف أطياف الشعب في العملية السياسية، يشير إلى نضج سياسي متزايد في البلاد.
وبهذا تكون موريتانيا هي الفائزة في الانتخابات.
خلاصة:
يتناول المقال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في موريتانيا، حيث فاز محمد ولد الشيخ الغزواني في الجولة الأولى بنسبة 56.12% من الأصوات. يعكس هذا الفوز نضجًا سياسيًا وتقدمًا في العملية الديمقراطية، خاصة مع مشاركة جميع الشرائح الموريتانية في الانتخابات وإشادة المراقبين بنزاهتها.
خلال مأموريته الأولى، نجح الغزواني في توحيد أطياف الشعب المختلفة وتجنب القبلية، مما عزز دعمه من المعارضة التقليدية. مع التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد، يعتبر الحفاظ على الأمن والاستقرار من أهم الأولويات للرئيس المنتخب.
التعاون بين الفئات المختلفة في موريتانيا أصبح أكثر وضوحًا، مما يعكس تقدمًا في الديمقراطية والوحدة الوطنية. ورغم بقاء التحديات كبيرة، إلا أن النتائج تشير إلى أن البلاد تسير في اتجاه إيجابي نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتقدمًا.