يشهد المشهد اللغوي في منطقة المغرب العربي تغيرًا، مع انخفاض ملحوظ في استخدام اللغة الفرنسية، خاصة في المغرب والجزائر. وهذا الاتجاه هو جزء من سياق أوسع للتغيرات الجيوسياسية والثقافية في المنطقة.
تراجع الفرنسية في المغرب
وفي المغرب، رغم أن اللغة الفرنسية تظل رسميًا اللغة الأجنبية الأولى وإحدى اللغتين الإداريتين، إلا أن استخدامها يشهد تراجعًا كبيرًا، خاصة بين جيل الشباب. قد تكون نسبة المغاربة الناطقين بالفرنسية آخذة في الانخفاض، على الرغم من أن الأرقام الدقيقة لا تزال غير مؤكدة.
تكتسب اللغة الإنجليزية تقدمًا سريعًا، مدفوعة بالثقافة الشعبية الأمريكية والفرص المهنية الدولية التي تقدمها. ويظهر هذا الاتجاه بشكل خاص في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وطنجة والرباط، حيث يتقن العديد من الشباب اللغة الإنجليزية بشكل أفضل من الفرنسية.
ويبدو أن الحكومة المغربية تعترف بهذا التطور من خلال تعميم تعلم اللغة الإنجليزية ابتداء من المدرسة الإعدادية فصاعدا منذ العام الماضي. وقد يؤدي هذا القرار إلى تسريع تراجع الفرنسيين في البلاد.
ظاهرة تمتد إلى الجزائر
وفي الجزائر، يعتبر وضع الفرنسيين محفوفًا بالمخاطر أيضًا. التوترات الدبلوماسية المستمرة بين الجزائر وباريس لها تأثير مباشر على تصور واستخدام اللغة الفرنسية في البلاد. اتخذت الحكومة الجزائرية إجراءات لتقليص مكانة اللغة الفرنسية في الإدارة والتعليم، وتفضيل اللغة العربية، وبدرجة أقل، اللغة الإنجليزية.
تتناقض هذه التغييرات اللغوية في منطقة المغرب العربي مع الوضع في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا سيما تلك الموجودة في تحالف دول الساحل (AES)، حيث تظل اللغة الفرنسية لغة عمل مهمة. ومع ذلك، حتى في هذه المناطق، فإن التأثير الفرنسي محل نزاع متزايد.
هناك عدة عوامل تفسر هذا التراجع للفرنسيين في المغرب العربي:
الانجذاب المتزايد للثقافة الأنجلوسكسونية، وخاصة الأمريكية.
التصور بأن اللغة الإنجليزية توفر فرصًا اقتصادية ومهنية أفضل على مستوى العالم.
الرغبة في تأكيد هوية ثقافية متميزة عن التراث الاستعماري الفرنسي.
ظهور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تهيمن عليها اللغة الإنجليزية.
لا يزال مستقبل الفرنسيين في المغرب العربي غير مؤكد. وعلى الرغم من احتفاظ اللغة بحضور مهم في الإدارة والتعليم، إلا أن تراجعها بين الأجيال الشابة يمكن أن يبشر بتغيير عميق في المشهد اللغوي في المنطقة. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تختفي اللغة الفرنسية تماما، نظرا لجذورها التاريخية والروابط الاقتصادية والثقافية التي لا تزال قائمة بين بلدان المغرب العربي والبلدان الناطقة بالفرنسية.
إن التنوع اللغوي الجاري في المغرب العربي يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تعدد لغات أكثر توازنا، حيث تتعايش اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والمحلية، حيث يلعب كل منها دورا محددا في المجتمع.
ترجمة موقع الفكر
أصل الخبر
https://lanouvelletribune.info/2024/10/maghreb-le-francais-chute-globale...