النقيب محمد سالم ولد الداه لموقع الفكر: هناك قوانين لضبط العمل الصحفي ننتظر تطبيقها( مقابلة)

قال النقيب محمد سالم ولد الداه إن منظمة مراسلون بلاحدود  تحدثت عن الهشاشة حيث ذكرت أن المؤسسات الصحفية هنا مصابة بالهشاشة، وفي نفس الوقت تتحدث عن حرية الصحافة، أنا لا أعرف من قابلت من الصحافة، حتى تقوم تعاطيها وتسقط عليها الحرية..

فالصحافة لابد لها من مؤسسات صحفية، وحتى تدرك تنوعها ومستوى أدائها تحتاج لأن تقوم عدة صحف في آن واحد، لا أن تختار صحيفة أو اثنين أو قناة أو قناتين، فالقنوات الخاصة لم تعد بالصفة التي كانت بها خلال السنوات الماضية .

يقول النقيب "أنا لا أعرف ما الذي قومت مراسلون بلا حدود.. والإعلام الرسمي لا اعتقد أنه مفتوح من الانفتاح ما يسمح  أن يعتبر أن  به تعدديه.

واعتبر محمد سالم الداه أن  "تغريدة"  رئيس الجمهورية الأخيرة في ذكر عيد الصحافة  بعث من خلالها رسالة غير مشفرة  أنه مازال مهتما بتطوير الحقل الصحافي وأنه مازال ملتزما  بما تعهد به في هذا الإطار وننتظر أن تكون المأمورية الجديدة فرصة لتعزيز ذلك وبشكل ملموس.

وأضاف النقيب محمد سالم في  مقابلة له مع موقع الفكر:  أن لجنة إصلاح الصحافة تقدمت بخلاصة مهمة،  والتقرير الذي خرجت به  كان ممتازا، حتى إنه تقدم بمقترحات وتوصيات بالإضافة إلى مقترحات للتنفيذ وجدولة للتنفيذ، لكن للأسف اكتشفنا أن الجهات التنفيذية خاصة الوزراء المكلفين بموضوع التنفيذ لم يهتموا، بل إن الملف الذي جاء من رئاسة الجمهورية ضاع على الوزير الذي كان موجودا حينها وبدأنا نبحث عنه.. مما فوت كثيرا من الوقت.. ثم جاء وزير آخر فبدأ يتلاعب، ويصدر توصية من التوصيات وجاء ثالث وهكذا.. المهم لم يتحقق ماكنا نطمح إليه  ولكننا ضغطنا من جديد حتى خرجت للنور مشاريع قوانين، وتم نقاشها ووضعت ورفعت إلى الهيئة التشريعية البرلمان..  

واعتبر النقيب أن استفادة المؤسسات السمعية البصرية الخاصة  من صندوق  الدعم العمومي مخالفة صريحة لصحيح القانون، كما تحدث النقيب عن التلاعب في توزيع الصندوف والنكزص عن نشر محاضر التوزيع كما حدث في نسختي الصندوق الاولى والثانية ونوعية المؤسسات المستفيدة منه.

وتساءل عن دور مؤسسة الإشهار المريب،  وعن ما تحصله هذه المؤسسة و وأين يذهب.

وهذا نص الحوار: 

موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد والقارئ  عن شخصكم الكريم من حيث تاريخ الميلاد والشهادات التي حصلتم عليها والوظائف التي تقلدتم؟.

محمد سالم الداه: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، في البداية أحييكم في موقع الفكر على هذه السانحة من أجل أن نتعاطى ونتحاور حول الشأن الإعلامي وغيره من الشؤون العامة التي تهم بلادنا. أنا محمد سالم ولد سيد احمد ولد الداه، من مواليد نوفمبر في سنة 1966 بنواكشوط، بدأت مساري  بالمحظرة ثم التحقت بالنصف الثاني من المرحلة الابتدائية بنواكشوط، بالمدرسة رقم 6 بمدينه 3 ثم إعدادية البنين ثم الثانوية العربية ثم الجامعة وحصلت على شهادة الإجازة  في العلوم الانسانية ثم شهادة الدراسات المعمقة في الاعلام الاستراتيجي، وقبل ذلك الماجستير في العلوم الاستراتيجية خاصة في مجال الشؤون لإفريقية. كان لي حضور مبكر في الشأن الثقافي والإعلامي في نهاية الثمانينيات حيث كنت ضمن أصغر الأعضاء المؤسسين لجمعية ثقافية هي جمعية غرناطة 1986. وبعد ذلك أيضا شاركت بكتابات في عدة صحف قبل التعددية مثل "شنقيط" ، ثم بعد ذلك في جريدة الشعب حيث كنت أكتب ولكن باسم مستعار يقبل من حين لآخر ما أقدمه من كتابات ضمن هذه الصحيفة قبل أن أكتب باسمي الكامل بعد ذلك في بداية الألفين.

في بداية التسعينيات كنت ضمن أول من أسس صحيفة أطلقت عليها صحيفة الوحدوي، وهي صحيفة رأي، تأسست سنة 1992،  وظلت مستمرة لغاية 1998ـ 1999 ، ثم توقفت بعد ذلك لسبب وجيه وهو أننا لاحظنا أن هناك انحرافا في مسار المهنة حيث دخلها جمع من الهواة وأثر ذلك بشكل كبير على مستوى الأداء المهني وعلى مستوى المنتوج الصحفي، وحتى على مستوى أخلاقيات المهنة،  فتوقفت لأسس أول مركز مستقل للدراسات الإعلامية والحوار في العام 2000، ولتنطلق أنشطته سنة 2001 م، وذلك في فترة كنا نحتاج فيها إلى منبر يجمع الطبقة الثقافية والسياسية ويخلق حالة من الحوار وحالة من التواصل ما بين هذه الطبقة، خاصة في ظروف كانت قاسية. وشهدت هذه المرحلة الكثير من تغييب النخبة ومن مضايقتها ومن مصادرة الصحف إلى غير ذلك..

ثم أسسنا  في هذه المرحلة أول جريدة تجمع عددا من الناشرين باسم ما عرف حينها بالتكتل الصحفي المستقل، الذي أصدر جريدة أقلام وكانت جريدة يومية بحجم كبير اندمجت فيها مجموعة من الأقلام الصحفية، ولكن للأسف فهذه التجربة التجميعية للصحف حينها لم تستمر كثيرا.

ترأست عدة صحف من ضمنها رئاسة تحرير صحيفة الشمس وهي في الحقيقة كانت تعبر عن رأي سياسي وعن حركة سياسية، واستمرت الجريدة ثلاث سنوات.

و في إطار محاولة إحداث شكل من أشكال العلاقة مع زملائنا الصحفيين العرب خارج البلد من خلال رابطة الصحفيين المستقلين التي تأسست في العام  1993، وكانت مبادرة للصحافة المستقلة، جمعت الصحافة العمومية والصحافة الخاصة.

على كل حال تم تنسيب هذه الرابطة إلى الاتحاد العام للصحفيين العرب وهذا مكننا من حصول  الصحفيين على دورات تكوينية عديدة في تلك المرحلة ومازالت هذه الدورات مستمرة إلى غاية يومنا هذا،  وجاء ذلك بطلب منا للاتحاد بضرورة أن يساهم في تطوير أداء الصحافة خاصة الناطقة منها بالعربية التي تفتقر لكثير من التكوين في الوقت الذي تتوفر فيه فرص للصحافة الإفرنكفونية من طرف بعض الدول الأوروبية، خاصة فرنسا التي تسعى دائما إلى تنظيم دورات تكوينية للصحافة الإفرنكفونية.

هذه العلاقة دفعتنا للانتساب إلى الاتحاد العام للصحفيين العرب،  وبعد ذلك ترشحت وأصبحت أمينا عاما للاتحاد العام للصحفيين، وقضيت 4 سنوات في هذا الاتحاد، وكانت في الحقيقة تجربة هامة لأنني أطلعت على العمل النقابي على مستوى دول عديدة حيث زرتها في هذا الإطار.

بعد ذلك كنت أول من فكر في تأسيس نقابة للصحفيين الموريتانيين وذلك من خلال مبادرة في جمع المنتسبين لهذه النقابة، فاجتمعت مجموعة من الصحفيين من عدة مؤسسات صحفية عامة وخاصة ودرسنا الأنظمة التي يمكن أن تتأسس عليها هذه النقابة.

وأطلقنا المؤتمر الأول بمكتب جديد يرأس مكتبه التأسيسي الدكتور الحسين ، وكنت نائبه الأول، ثم فتحنا باب الانتساب للصحفيين.

كانت البداية بما يزيد على 400  من الصحفيين من كافة المؤسسات، وكنا حريصين  على أن لا ينتسب لهذه النقابة إلا من يمارس المهنة الصحفية بشكل مستمر وغالب دخله من هذه المهنة.

وشاركنا أيضا في المؤتمر الأول لنقابات الصحفيين وترأسه النقيب الحسين كما كنت نائبه الأول.

بعد ذلك كان هناك مؤتمر ثاني وترأسه أحمد سالم المختار السالم وهو أحد زملائنا في الوكالة الموريتانية للأنباء.

في سنة 2017، وكنت حينها منشغلا بنشاطات المركز العربي الإفريقي للإعلام والتنمية بالرغم من وجودي في عضوية المكتب التنفيذي لكن زملاء كثيرين  أصروا  على أن أتقدم لهذه النقابة باعتباري من أسسها وربما امتلك رؤية في تطوريها .

بعد تفكير عميق قبلت الدفع بي نحو الترشح وتم فوز المكتب و اللائحة التي ترشحنا من خلالها و اسمها لائحة  الإصلاح .

خلال هذه الفترة حاولنا ان نحدث أثرا وأن يكون للنقابة حضور قوي داخل المشهد الإعلامي  وبالتالي كانت فترة دقيقة لأنها كانت في ظل النظام السابق الذي كان على الأقل يصنفنا أو يأخذ منا موقفا  في إطار المواقف السياسية.

لكن بالرغم من ذلك استمر نضالنا إلى أن جاء النظام الجديد فالتقيناه واستقبلنا وطرحنا عليه الانشغالات المطروحة في الساحة والمطالب.. وتم تحقيق هذه المطالب.

و لكي نكون منصفين،  فالنظام السابق  بالرغم من موقفه منا  خلال الترشح لرئاسة النقابة، إلا أنه التقى بنا وطرحنا عليه عدة نقاط لعل من أهمها:

-إلغاء حبس الصحفيين

-إنشاء صندوق للدعم العمومي للصحافة

وطالبناه بضرورة تسريع وتيرة إطلاق تحرير المجال السمعي والبصري.

وكذلك استجاب  لأن يكون هناك قسم للإعلام ليساهم في تكوين الصحفيين وإتاحة الفرصة لهم في  للعمل الإطار العمومي،  فكانت هناك مسابقات أكتتب من خلالها مجموعة من الصحفيين كما قام هذا القسم أيضا بتكوين العديد من الصحفيين، و هذا في الحقيقة كان ضمن العديد من المطالب، التي تقدمت بها نقابة الصحفيين خلال حقبة الرئيس السابق.

في الحقبة الجديدة لاحظنا أن هناك اهتمام بتطوير العمل الإعلامي، وبالتالي تمت الاستجابة ايضا لنضالاتنا في هذا المجال وهناك قوانين تمت المصادقة عليها بالرغم مما كان يعترضها من عوائق كثيرة لكن الظاهر أن الجهات التنفيذية لم تواكب رؤية الرئيس.

مشاريع القوانين التي تمت المصادقة عليها كان آخرها  تنقية وتمهين الحقل  الصحفي من خلال منح البطاقة  المهنية لمن يتوفر على شروط المهنة وهذا كان في الحقيقة ..

بالإضافة إلى مشاريع  قوانين أخرى كثيرة، تتعلق بتعريف من هو الصحفي وكذلك قوانين تسيير المؤسسات الصحفية..

هناك مشاريع قوانين تمت المصادقة عليها، ولكن ننتظر تطبيقها، وبالتالي هذه مسؤولية الجهات التنفيذية وغالبا ما تقصر، غالبا ما يكون هناك تقصير في تنفيذ هذه الخطوات.

و لعل "تغريدة"  رئيس الجمهورية الأخيرة في ذكر عيد الصحافة  بعث من خلالها أنه مازال مهتما بتطوير الحقل الصحافي وأنه مازال ملتزما  بما تعهد به في هذا الإطار وننتظر أن تكون المأمورية الجديدة فرصة لتعزيز ذلك وبشكل ملموس.

لنعد قليلا للوراء، الأيام التشاورية لإصلاح  قطاع الصحافة، هناك عدة مبادرات في هذا الإطار كانت هناك لجنة لإصلاح قطاع الصحافة التي تأسست خلال حقبة 2005، و تم من خلالها التأكيد على ضرورة تشكيل مؤسسات هامة لعل من بينها السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية والهدف منها  أن تكون سلطة للتنظيم وللضبط ،والتكوين أيضا أو لتخلف ما يسمى بوزارة الإعلام ، لأن الانظمة الديمقراطية لاوجود فيها لما يسمى وزارة الإعلام، قد تكون هناك مصالح للإعلام .

ولكن هذا لم يتم بالرغم من أنه تم التشاور حوله، و الاتفاق عليه،  بالإضافة إلى نقاط أخرى لكن للأسف لم تطبق هذه التوصيات، ما دفعنا بعد ذلك بسنوات أيضا أن تكون هناك مبادرة نابعة من الصحفيين أنفسهم،  وكنت من يرأس لجنة تنظيم هذه الأيام، ثلاثة أيام كانت هي الأخرى حول إصلاح قطاع الصحافة.

وكانت الفكرة الأساسية أن لا نلغي أي شخص ينتمي إلى هذه المهنة سواء بشكل مهني أو بشكل غير مهني، فنشرك الجميع حتى تكون التوصيات التي تنبثق عن هذه الأيام ملزمة للجميع، وحتى لا يتعذر البعض أنه لم يشرك فيها، وبالتالي حسمنا هذه النقطة ولكن  ما حصل أن الوزارة حينها  التفت مع الوزارة الأولى على نتائج هذه التوصيات ولم تقم هي الأخرى بتطبيقها.

لجنة الإصلاح الأخيرة كانت بمبادرة من نقابة الصحفيين الموريتانيين، فخلال استقبال رئيس الجمهورية للأجيال الصحفية، وأعطيت الكلمة لأتحدث باسم هذا الاجتماع بصفي نقيبا للصحفيين، فتقدمت في إطار الكلمة  بضرورة إصلاح المهنة الصحفية  لأنها وصلت إلى مرحلة تتطلب الإصلاح.

وكان هناك للأمانة تجاوب رسمي مع الطلب.

بعد ذلك طلبنا كمكتب تنفيذي للنقابة لقاء مع رئيس الجمهورية ، وتم استقبالنا وطرحنا النقاط كلها على الرئيس  واستمع إليها للأمانة ووفى بعهده- يعني- في كثير منها- حتى لا أقول كلها.

 وفي هذا الإطار وتحضيرا لهذا الاتجاه قمنا في نقابة الصحفيين بجمع الأجيال الصحفية حتى تكون الفكرة نابعة من الصحفيين ومن الاجيال الصحفية ككل.

لكن الصحفيين للأسف في الأخير لم يتفقوا على صيغة نهائية مما دفعنا في نقابة الصحفيين إلى توجيه رسالة لرئيس الجمهورية من خلال مكتب ديوانه تتضمن قائمة من الأسماء من كل الأجيال الصحفية، ليختار من بينها من يمكنهم أن يقوموا بمهمة  التفكير في الإصلاح، فتم تشكيل اللجنة  التي تضم قيدومي المهنة بالإضافة إلى مشاركة لبعض الصحفيين الشباب وقدمت لها الوسائل واتخذت مقرا  واستمرت ستة أشهر والتقت بالجميع .. وتقدمت بخلاصة هي الأخرى،  والتقرير الذي خرجت به  كان ممتازا، حتى إنه تقدم بمقترحات وتوصيات بالإضافة إلى مقترحات للتنفيذ وجدولة للتنفيذ.

وتم الاتصال بنا من طرف رئاسة الجمهورية لمتابعة هذا الموضوع وبالتالي هذه الخلاصة وصلت  للرئاسة، وطلبت منا متابعة الموضوع على مستوى الجهات المختصة،  لكن للأسف اكتشفنا أن الجهات التنفيذية خاصة الوزراء المكلفين بموضوع التنفيذ لم يهتموا، بل إن الملف الذي جاء من رئاسة الجمهورية ضاع على الوزير الذي كان موجودا حينها وبدأنا نبحث عنه.

موقع الفكر: من الوزير؟

محمد سالم الداه: لا،  أتحفظ على ذكر اسمه..

ثم جاء وزير آخر فبدأ يتلاعب، ويصدر توصية من التوصيات وجاء ثالث وهكذا.. المهم لم يتحقق ماكنا نطمح إليه  ولكن ضغطنا من جديد حتى خرجت للنور مشاريع قوانين، وتم نقاشها ووضعت ورفعت إلى الهيئة التشريعية البرلمان  .

وتم نقاش هذه القوانين لعل من أهمها:

-الشكل الجديد للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، ففي الماضي لم يمثل فيها الصحفيين وإنما يمكن أن يفد عليها أناس قدمهم رئيس مجلس الشيوخ ورئيس البرلمان وجهات أخرى غير صحفية .

الآن، السلطات  العليا للصحافة والسمعيات البصرية يرأسها صحفي لأول مرة، وأعضاءها صحفيين، وهذا يضع عليها مسؤولية أنها لم تعد السلطة القديمة، وبالتالي يجب أن تقوم بمسؤولياتها وما تستطيع أن تساهم به من إصلاح.

ندرك  أن رئيسها السابق ساهم في الحقيقة في  التقدم بهذه القضايا إلى الأمام، لكن "أيد وحدةً ما تصفك."

لابد أن يكون الصحافيين وهيئة تنظيم صحفية تساعد في تسريع هذا الاتجاه.

 المهم هناك قوانين جاهزة وما ينقصها الآن هو التطبيق..

موقع الفكر: لماذا وزارة الإعلام  وليس مجلس أعلى للصحافة؟

محمد سالم الداه: في الوقت الذي كان من توصيات تلك الأيام تأسيس مجلس أعلى للصحافة،  وأنا شخصيا كنت من وراء هذه التوصية، وكتبت حولها مقالات آخرها بعنوان:  نعم لتأسيس مجلس أعلى للصحافة هذا هو آخر مقال .

لكن هذا لم يحصل، على كل حال لا أعرف الاسباب وراء ذلك، وما نتماه هو عودة وزارة الاتصال لأن وثيقة الإصلاح التي أنجزتها اللجنة العليا لإصلاح الصحافة  أوصت بإعادة وزارة الاتصال لتتمكن من تنفيذ خارطة الإصلاح الصحفي

وبالتالي ما ينقصنا هو ضبط الجهة الوصية على الإعلام، وينقصنا أيضا وضع استرتجية وطنية للإعلام وهي غائبة وبالتالي هذا قطعا من المسائل التي ما زالت مطروحة .

فلابد من تحديد الجهة الوصية على الإعلام لأن  من ضمن التوصيات التي خرجت بها لجنة إصلاح الإعلام إرجاع  تسمية وزارة الإعلام كما كانت..

موقع الفكر: هي والمجلس الأعلى للصحافة ؟

محمد سالم الداه: لا لا، اللجنة العليا لإصلاح قطاع الصحافة من ضمن توصياتها على أن كلمة الإعلام التي ألغيت  كوزارة يجب أن تعاد ليمكن ذلك من تطبيق هذه التوصيات .

موقع الفكر: -يمكن أن نرصد من مشاكل الصحافة:  ضعف التكوين، فخلال هذه المأمورية لا أ ذكر أن تكوينا جديا وقع،  و لا ابتعاث للخارج ولا تكوين هنا، بل إن  البعض يعتبر ما يحدث من تكوين هو في حقيقته محاباة، أو إكراميات  لبعض الأصدقاء؟

محمد سالم الداه: -تقصد بالمأمورية ماذا؟

موقع الفكر:  محمد الشيخ الغزواني.

محمد سالم الداه:  تقصد المأمورية المنتهية،  على كل حال، قد أخالفك الرأي في هذا المجال،  في الحقيقة هناك تكوينات كثيرة تقوم بها السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، وفي مجالات متعددة بما فيها التكوين في مجالات اللغات الوطنية بالإضافة إلى تكوينات أخرى كما أن هناك تكوينات -بدعم من الصندوق العمومي للصحافة المستقلة.

المهم أن التكوينات يحصل بعضها ليس بالقدر الذي كان موجودا، وأيام كنا في نقابة الصحافيين نفذنا 37 تكوينا، وكونا مجموعة من الصحفيين  من الجنسين خارج البلد في مجالات متخصصة، .واستقدمنا بعض الخبراء فقدموا تكوينات للصحفيين هنا، صحيح أن هناك  نقص في مجال التكوين لكن من حين لآخر يلتئم تكوين، خاصة من طرف نقابة الصحفيين،  فهي بدورها نظمت دورتين تكوينيتين أو ثلاثة، صحيح  أن تكويناتها لم تعد كما كانت في الماضي مكثفة، ربما يكون  النقص بسبب نقص الوسائل ولديها مبرراتها في هذا الإطار.

بالإضافة إلى التكوين الرسمي الذي تقوم به الدولة من خلال المدرسة الوطنية للإدارة. قسم الصحافة، لكن التكون لابد منه و يجب أن يستمر لأن الإعلام لم يعد كما كان، لم يعد إعلاما تقليديا نمارسه بالطرق التقليدية.

 الإعلام اليوم أصبح إعلاما وسائطيا، إعلاما تكنولوجيا،  تحضر فيه التكنولوجيا واستغلال إفرازات التكنولوجيا بشكل قوي، وأصبح إعلاما خطيرا خاصة الإعلام الوسائطي لأنه غير قابل للمراقبة، وليست عنده أخلاقيات ولا أدبيات، فلكل من هب عنده إذاعة حرة أو تلفزة حرة، وما يقال له البث المباشر يقول فيه ما يريد وفي الغالب الأعم لا يخضع لمعايير .

والغرب يعمل على تعويدينا عليه  باعتباره إعلام "المواطنة"  بمعنى أن المواطن له الحق في الإعلام والهدف من هذا إفراغ كل شيء من محتواه.

موقع الفكر: ماذا عن صندوق دعم الصحافة، والمبالغ المخصصة له؟

محمد سالم الداه: على كل حال إنشاء صندوق الدعم العمومي  كان مطلبا قديما من مطالب  نقابة الصحفيين  في فترات قديمة.

أنا مثلا عشت الصحافة المستقلة 92-93،  طلبناه حينها من وزارة الإعلام وأنشأته،  على ضوء دراسة حول هذا الموضوع قام بها الأستاذ احمد المصطفي  على ما أعتقد- على أساس إنشاء مؤسسة للإشهار تعود مردوديتها بالنفع على  الصحافة المستقلة خاصة منها المكتوبة .

وهذا الصندوق أنشأ خاصة للصحافة المكتوبة، لم ينشأ لأي جهة أخرى، وانما هو خاص بالجرائد و بالصحف.

لكن للأسف جاء الإعلام الإلكتروني، وهو ساعتها إعلام غير مقنن، لم يكن قد سن له قانون لكنه دمج لكي يستفيد من الصندوق، لكن الطامة الكبرى هي أن يضاف له مالا ينبغي أن يضاف له، مثل مؤسسات الإعلام السمعي البصري الخصوصي الذي يفترض أن وراءه رجال أعمال ويفترض أن عندهم دراسة جدوائية  لهذه المشاريع الإعلامية، وبالتالي فهم غير معنيين بموارد صندوق الدعم العمومي.

وأرجع  هنا للوراء لأقول إن صندوق الدعم العمومي جاء في البداية تلبية لمطلب من مطالب نقابة الصحفيين التي تقدمت بها ضمن مجموعة من المطالب التي حققها الرئيس السابق، لكي نقدر ونحتفظ  لكل أحد ما قام به دون أن  ننسفه.

الصندوق في كل مرة يثقل كاهله، فبعد أن كان مخصصا للصحافة المكتوبة فقط،  بعد ذلك أضيفت له هذه التنظيمات النقابية التي بلغت  من الناحية الاسمية 20 مؤسسة، دون أن تكون هذه المؤسسات  خاضعة لمعايير  ومفاهيم تنظيمية محددة ومعتبرة، وهيئاتها غير منتخبة في الوقت الذي  يفترض أن تكون نقابة الصحفيين هي الوحيدة المؤهلة لأن  تستفيد من الصندوق، لأن هيئتها القيادية منتخبة، ويمكنها أن تتولى الإشراف، وتصبح الممثل الحصري  للصحفيين في هذا الصندوق لكن  شيئا من هذا لم يحدث.

هذا كله بسبب اللجان  المكلفة  بالصندوق وتلك التي تباشر التوزيع ، ونتيجة لأن الذين كلفوا برعاية الصندوق واللجان المشرفة في الغالب الأعم، لا تأخذ بالأساليب والطرق  التي يجب أن تعتمد كمعيار للتوزيع والاستفادة

الصندوق فعلا بدأ ب 200  مليون، وبعد ذلك ارتفع المبلغ المخصص له، ليصل في الوقت الحالي  400 مليون أوقية قديمة، ولكن للأسف الطريقة التي يوزع بها :شاه بفيفاء"، ليس هناك معايير موضوعيه للبعد المؤسسي للمؤسسات الإعلامية سواء كانت مكتوبة أو إلكترونية، أنا شخصيا كنقيب سابق للصحفيين ومواكب لهذه الأفكار أعتبر أن الصندوق يجب أن تستفيد منه الصحافة المكتوبة التي أنشأ لها أصلا، أو المواقع الإلكترونية التي طرأت عليها والتي أصبحت  بديلا عن الصحافة التقليدية المكتوبة، أما  غير ذلك  فليست له علاقة بالصندوق، فالتلفزيونات الخصوصية لا علاقة لهم بالموضوع وغير منصوص عليهم قانونا وليسوا أصلا .

ولتقريب الموضوع،  فما يعرف بالسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، السمعيات البصرية أنشأت  بعد ذلك بسنوات بينما ظهرت مؤسسة الهابا 2006 أو 2007 وأنشأت على أساس الصحافة المكتوبة لأنه لا يوجد حينها إلا الصحافة المكتوبة ، أما الجانب السمعي البصري فلم يظهر إلا بعد ذلك بسنوات كثمرة و نتيجة لنضالات الصحفيين.

ما يقال له السمعي البصري على كل حال أعطى نتائج إيجابية، وافراز مجموعة من الشباب لا بأس بها لكن يجب أن لا يستفيد من الدعم العمومي يجب على رجال الأعمال الذين أنشأوا هذه المؤسسات أن يفهموا  لماذا أنشاؤها  و من أين تمويلها و ماذا تقدم من إنتاج وبالتالي يجب أن يراجع الصندوق.

الصندوق في بداياته سيرته لجنة تم اختيارها بطريقة شفافة، فكانت منتخبة من الصحفيين وقامت بتسيير ميزانية الصندوق الأول والثاني بطريقة طبيعية شفافة ونزيهة..

موقع الفكر: نشرت محاضرها؟

محمد سالم الداه: نعم، نشرت  محاضرها ومعاييرها والطريقة التي يتم الاستفادة بها،  بعد ذلك لم يعد هذا موجودا، فالمحاضر لم تعد تنشر، وما يقام به غير خاضع للمعايير،  ومن المفارقات أنك تجد مؤسسة عندها بنية مؤسسية، عندها مقر وعندها عمال،  ويجب أن تكون هي المستفيدة، والنتيجة أنها  تكون من أقل المستفيدين ، وفي المقابل  تجد شخصا  واحد عنده رخصة فقط أحيانا لا ينشر ولا يقوم بأي جهد ويحصل على استفادة أكبر من تلك الاستفادة التي حصلت عليها المؤسسة،  وبالتالي في المرحلة الأخيرة حاولت السلطة العليا  تدارك الوضع لأن الصندوق  يتبع لها  خاصة في فترة الرئيس الحسين.

واهتمت بمجال التمهين والتمكين للمهنيين ، فجعلت لهم ميزة داخل الصندوق، ونرجو أن يتعزز ذلك في ظل رئيسها الجديد وفي ظل تولي الحسين لوزارة الاتصال، فينعكس ذلك في اختيار لجنة تسييره، وفي المستفيدين الحقيقيين منه، وفي التأكد من وضعية المؤسسات المستفيدة منه، ولو تطلب الأمر زيارة هذه المؤسسات في مقراتها.

و الأنسب عندي أن يستند تسيير الصندوق للجنة تسيير منتخبة من الصحفيين لهذ الغرض،  على غرار ما يتم في بعض الدول ، فتتولى اللجنة  المنتخبة من الصحفيين تتميز بالثقة والمصداقية والصدق والأمانة تسيير الصندوق بعيدا عن الهيئات الرسمية.

موقع  الفكر: ماذا عن تحديد المستفيدين من الصندوق، وما موقفكم من رؤية تقوم بدون ورق؟

محمد سالم الداه: يجب أن تكون هناك معايير..

على كل حال أؤيد أن يظل الورق  موجودا هناك مجالات يفرضها كثير من الإشكالات.

الصحافة الورقية هي الصحافة الموثوقة أما الإلكتروني فيمكن أن تنقطع الكابلات في كل العالم  فعندها يضيع عنك الاتصال ويضيع  عنك الأرشيف، هل فهمت هذا ؟ وبالتالي الصحافة الورقية هي  التي يطلق عليها لفظ الصحافة.

لكن يجب أن  يؤسس الدعم  على معايير موضوعية وحقيقية يستفيد منه من يقدم إنتاجا حقيقيا فقط .

موقع الفكر: ما رأيكم في استفادة الروابط الصحفية من الصندوق؟

محمد سالم الداه: الروابط  لا ينبغي أن تستفيد وإذا كانت ستستفيد منه جهة ينبغي أن تكون نقابة الصحفيين بوصفها هيئة منتخبة، وينبغي أن تكون الهيئة الوحيدة التي تمثل الصحفيين لأن الروابط  والهيئات الأخرى، كلهم أعضاء في نقابة الصحفيين، وهم من انتخبوا قيادتها، فكيف تنتخبون قيادة النقابة ثم تزاحموها  في التمثيل، هذا غير موضوعي وغير مبني على أسس.

موقع الفكر: هل أشركت النقابة فيما سبق في  هيئة تسيير الصندوق؟

محمد سالم الداه: نعم،  تمثل، ولكن تمثيلها عطلته الوزارة لأن التمثيل كله مرتبط بالانتخاب وليس الاختيار،  وبالتالي الجهة المؤسسية و الأكثر اهلية لتمثيل الصحفيين هي النقابة لأن أصحابها منتخبون ولأن الهيئات والروابط أعضاء بها كلهم .

وكنت سأحارب هذه القضية وذهبت في الأشهر الأخيرة من رئاستي للنقابة لتطبيقها وكان عندي دعم لتطبيقها لكن جاء المؤتمر وانتخبت قيادة أخرى.

موقع الفكر: تعاني الصحافة من شح في مصادر الأخبار، و حرمانها من الولوج للأخبار أولا بأول، ومن التعاطي السلبي معها، ألا توافق؟

محمد سالم الداه:  على كل حال كما تعرف الصحفي المهني كل ما ينشر من أخبار يجب أن يكون دقيقا تلتمس فيه المسؤولية ، ويكون مستندا إلى مصدر، وما عدى ذلك يسمى الشائعات.

وفي الحقيقة هناك اشكال كبير في الحصول على المصادر الصحيحة خاصة في مجال العمل الحكومي وهذا من المسائل الأساسية التي ركزنا عليها في بداية تأسيسنا لنقابة الصحفيين، فالكشف عن المصادر وتسهيل الحصول على المعلومات،  وحتى إنه كان هناك قانون خاص بمصادر المعلومات، وعملنا  بشكل كبير حتى أضيفت له هذه النقاط، وبناء عليه أصبحت الوزارات والإدارات وكثير من المؤسسات لها مواقع إلكترونية تنشر الأخبار المتعلقة بها، وعلى أساسه أصبحت كل وزارة لها مسؤول اتصال ليعطي وينشر الأخبار، هنا أصبحت حرفية الصحفي الذي يعطي الخبر تفرض عليه أن يذهب إلى مصادر الأخبار لأخذ الأخبار.

لكن أغلبنا لا يقوم بذلك، أغلبنا إذا سمع رواية أو خبرا  يبني عليه، ويكون أحيانا البناء خاطئ وغير مؤسس.

موقع الفكر: البعض يتحدث عن عدم تعاطي الجهات الحكومية مع من يطرق الباب باحثا عن الحقيقة؟

محمد سالم الداه:  لقاءنا طبعا القديم، مع الرئيس وأنا هنا أتحدث عن الفترة التي كنت فيها  رئيسا للنقابة.

ذكرنا  له أن مؤسسات الإعلام العمومي  ينبغي أن يديرها الإعلاميون والصحفيون، وأن تكون الأولوية للذين يعملون من داخل هذه المؤسسات الإعلامية، وعلى أن الوزارات ينبغي أن يكون فيها صحفيين وهذا المطلب استجاب له، فعين مديري مؤسسات الإعلام العمومي وعين صحفيين في القطاعات الحكومية  كلها، إذا، جميع المستشارين خاصة في مجال الاتصال كلهم صحفيون وأغلبهم من الصحافة المستقلة التي كان عندها ما ينبغي أن تقدمه لأنها كانت مستاءة من كونها غير حاصلة على المصادر ويجب أن تعطي المصادر، ويجب أن تتعاطى مع الصحفيين وتزودهم بالأخبار وتمكنهم من الملفات، وما عندها من الإشكالات تحاول الإجابة عليه او تجيب عليه الجهات المختصة، و القطاعات المختصة على الأصح..

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الصحافة؟

محمد سالم الداه: واقع الصحافة الموريتانية على كل حال أمامها تحديات، يتمثل في الإعلام الوسائطي الذي يهدد الإعلام التقليدي الذي عنده قواعد ومبادئ يتأسس عليها لم يعد موجودا.

الناس اليوم أ صبحت أكثر اهتماما ومشاهدة ل "لايف" يقدم شخص ما من مكان ما، ويتحدث فيه بمعلومات تحتاج للتدقيق عن ما هو مكتوب في جريدة صاحبها مهني، أو شيء منشور في موقع أو منشور عبر قناة أو منشور في إذاعة وعلى كل حال هذا تحدي قوي وخاصة في مجتمع مثل مجتمعنا مجتمع بدوي تسأل  " اشطاري"  تخبر عن كل شيء.

ليس هناك هامش أو مسافة ينتهي عندها الخبر، كل خبر يبث سواء بني على أساس أم لا وبالتالي هذا تحدي قوي.

التحدي الثاني الذي تواجه صحافتنا هو البعد المقاولاتي، البعد المؤسساتي،  يندر أن ترى مؤسسات صحافية(نعاني من الهشاشة) يعني أن أغلبها مصاب بالهشاشة..

  بعد ذلك ظهر جيل جديد يتماشى مع  التقنيات المعاصرة خاصة فئة الشباب، أما الجيل القديم الذي كان موجودا فقد خرج  من المشهد ، بين من تقاعد وبين من لم يعد له مكانة في المشهد،  ما يستوجب أن يقتن ما يطرأ وأن يخضع للضبط  و يخضع للقوانين،  والسلطة العليا مكنت من ضبط الوسائط الحديثة بما اعطيت من سلطة  في إطار القانون،  فينبغي أن تطبق القانون من أجل أن نقدم على الأقل إعلاما جادا وإعلاما قادرا على احترام قواعد المهنة ويحترم المتلقي، وما سيقدمه للمتلقي يكون يحترمه،  ومازال يعترض هذه الأمور  الكثير من التحديات، مما ينبغي أن يكون،  لم يحدث ولا يمكن أن يحدث حتى تطبق القوانين وتفعل الأساليب التي تمكن المؤسسات الإعلامية من الاستفادة.

أنا هنا أتحدث عن صندوق الدعم العمومي وأتحدث عن مؤسسة الإشهار التي لم أجد لها أثرا رجعيا تستفيد منها هذه المؤسسات الإعلامية وهي التي أنشأت أساسا للإعلام وللمؤسسات الإعلامية، ومرت عليها  سنوات  و لم تعرف مردوديتها.

 عملها منصب فقط على البحث عن ضرائب على المؤسسات الاعلامية، دون أن تفكر في عوائد ها هي على المؤسسات الإعلامية.

موقع الفكر: هل اطلعتم  على تقرير "مراسلون بلا حدود" و ما مصداقيته من وجهة نظركم؟

محمد سالم الداه: هذا الموضوع  بالذات أحلله استراتيجيا أكثر من ما أحلله واقعيا.

و أجبت عن سؤال طرح علي أثناء مشاركتي في حوار استضافته  قناة  الموريتانية.

أنا عندي نظرة لمراسلون ، أنا كنت في المنظمات الدولية، يعني كنت امين عام ، مساعد لاتحاد الصحفيين العرب، وأترأس اتحاد صحفيي دول الغرب العربي حتى الآن ، واتحاد صحفيي دول الساحل، وأحضر مؤتمرات الاتحاد الدولي للصحفيين، ويعني ذلك أني أعرف المنظمات وأعرف عملها خاصة منظمة مراسلون بلا حدود.

على كل حال هي منظمة قطعا لها مصداقيتها  لكن كما قلت لكم، عندها الأغراض والأحوال.

فهي تحدثت عن الهشاشة حيث ذكرت إن المؤسسات الصحفية هنا مصابة بالهشاشة، وفي نفس الوقت تتحدث عن حرية الصحافة، أنا لا أعرف من قابلت من الصحافة، حتى تقوم تعاطيها وتسقط عليها الحرية..

الصحافة لابد لها من مؤسسات صحفية، وحتى تدرك تنوعها ومستوى أدائها تحتاج لأن تقوم عدة صحف في آن واحد، لا أن تختار صحيفة أو اثنين أو قناة أو قناتين، فالقنوات الخاصة لم تعد بالصفة التي كانت بها خلال السنوات الماضية .

لم تعد ثمة اخبار تقدمها ولم تعد هناك برامج حوارية تقدمها تستطيع تقويمها من خلالها.

أنا لا أعرف ما الذي قومت مراسلون بلا حدود.. والإعلام الرسمي لا اعتقد أنه مفتوح  من الانفتاح ما يسمح  أن يعتبر أن  به تعدديه .

موقع الفكر: هل اتصلت بكم ؟

محمد سالم الداه:  لا، عندها اشخاصها  تتصل بهم مراسلون لها، أو من تبعث لهم الاستمارات من أجل أن تحصل على رأيهم، الأهم عندها في هذا الجانب الصحافة الإفرنكفونية بشكل أساسي من وجهة نظري.

موقع الفكر: ما لذي قومت؟

محمد سالم الداه:  يمكن أن تكون قومت قضايا المعتقد، أن هناك أشخاص كتبوا على صفحات وهي مثلا تعتبر هذه الوسائط شكل من اشكال التعبير، أحيانا يكتبون في العقيدة أو الدين، يتكلمون في تلك القضايا او خطاب الكراهية انطلاقه واستمراريته فتعتبر هذا  شكلا من اشكال التعبير عن الرأي، هذا ما ستقوم، لكن ليس ثمة صحافة تقومها وتقول عنها كذا وكذا هذا هو الحقيقية،  من أراد أن يتحدث بموضوعية.

معناه أن هناك بعض  الأغراض.. قد يكون له بعد سياسي أو أهداف أخرى أو تهيئة لأمو ر أخرى، دون الدخول في التفاصيل ، هذه نظرة ، ذات بعد استراتيجي لهذا الوقت .

موقع الفكر: هل تتوقع أن هناك من قدم لها رشوة  مثلا؟

محمد سالم الداه:  لا لا، هي منظمة حقيقية،  ولا أتوقع أنها تتلقى الرشوة.

موقع الفكر: هل تتوقع أن موريتانيا قفزت في سنة واحدة خمسين درجة مع عدم ملاحظة تغير جوهري في واقع الصحافة؟

محمد سالم الداه:  لا أستطيع أن أكذب نتائجها بسبب أني لا أعرف الطريقة التي بنيت عليها، لكن استطيع  أن أقرأ ما بين السطور، ولا بد أن ندرك أن للغرب إعلامه المضلل و أن له حرياته وديموقراطيته المضللة، ومن يرى ما يجري الآن في فلسطين وفي غزة بالذات يدرك أنه أمام إعلام مضلل، وسياسيين مضللين.

وما يتعلق بالعرب والمسلمين، وما يصلنا من الغرب، ينبغي أن نتحفظ عليه ومن مدحوه، وقالو عنه كذا وكذا فلعل ذلك لهدف من الأهداف في إطار سياسة المصالح الماضية أو المستشرفة  في المستقبل، هذ ا النوع من القراءة  قد لا يكون مفهوما  عند الكثيرين.

موقع الفكر: يقول البعض إن هدف الدولة من مؤسسة الاشهار هو جني مليارات من الأوقية؟

محمد سالم الداه: الإشهار بالنسبة لي تدور حوله  استفهامات كثيرة جدا، وكما قلت لكم ظهرت  فكرته في  التسعينيات،  حيث التقينا خلال تلك الفترة بالوزير الرشيد ولد صالح رحمه الله بخصوصه وضغطنا عليه بوصفنا مؤسسات إعلامية حينها  لا تستطيع الحصول على إشهار إلا بالطرق  الخاصة وكل يجرب أسلوبه  ويبحث عن اشتراكات لمؤسسته.

لكن الإشهار كدعم من الدولة،  على غرار  ما يحصل في الدول كلها غير موجود وليس هناك ما ينظمه وواصلنا النضال، ولم نحضر في ورشة ولا مؤتمر إلا وأثرنا فيه مسألة الإشهار .

ظهرت مؤسسة الإشهار في فترة الوزير سيد محمد محم وزير الاعلام وكانت فكرة ممتازة وكانت تنفيذا لتوصية قديمة، والمفارقة أننا كمؤسسات صحفية  لم نجد لها  نتيجة ، وهذا التحصيل الذي تمارسه مؤسسة الإشهار لا نعرف أين يذهب.

وأنا طرحت سؤالا من قبل دون جواب: عما تحصله مؤسسة الإشهار و الطريقة التي يتم تحصيله بها وأين يذهب؟.

 لماذا المؤسسات الإعلامية التي أنشأت لها هذه المؤسسة لم تستفد منها، وعمرها الآن خمس سنوات والسؤال مازال مطروحا، نود  من الإدارة أن تجيبنا عليه 

وحين كنت نقيبا يفد علي الصحفيين  بتقييمهم  لهذه المؤسسة لتي لم يحصلوا منها سوى أنها فرضت عليهم الضرائب .

موقع الفكر: ما تقويمكم  لخمس سنوات من حكم الرئيس محمد ولد الغزواني ؟

محمد سالم الداه:  هذا سؤال سياسي بامتياز .

موقع الفكر: أنت حرفي أن تجيب أو تمتنع..

محمد سالم الداه:  على كل حال أنا عندي نظرة للرئيس محمد الغزواني لأني التقيت به مرتين، واحدة في لقائه مع الصحفيين وكانت خطوة غير عادية لأنه التقى جميع الأجيال الصحفية، وأعطاهم فرصة وتحدثوا كلهم وطرحت عليه قضايا إصلاح الصحافة واهتم بها .

وفي المرة الثانية التقيت به في إطار اللقاء الذي خص به المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين وأعطانا الوقت وما طرحنا عليه من المقترحات تعاطى معه بشكل ايجابي، وبالتالي نظرتي له أنه إنسان يستمع، مستعد للإصلاح ومستعد للتعاطي الإيجابي، ويظهر لي أن مشكلته الوحيدة في الأدوات التي اختارها لتنفيذ تعهداته.

فتعهداته جيدة ورؤيته جيدة،  لكنه لم يوفق في اختيار الأشخاص المنفذين، الأشخاص الذين عندهم كفاءات، وعندهم مصداقية وغير مشوهة ولم يسبق أن جربوا ومارسوا مسائل أصبحت عالقة بأذهان الرأي العام وبالتالي ما تقوم به لن يستمع له  ولن يستفاد منه.

يظهر لي أن هذا كان عائقا،  ومعناه أن ما كان مفترضا أن يقام به للصحافة سنت له قوانين لكنها لم تطبق، والجهات التي تطبقها لم يضغط عليها الصحفيين والرئيس بوصفه هو الجهة المسؤولة عن التنفيذ..  وبالتالي مازالت وضعية الصحافة التي نعرفها بصفها وعلى حالها.

في الجانب السياسي تعاطى مع الفرقاء السياسيين  واستمع لهم وتعاطى مع مبادرتهم التي وجدها، لكنه وجد الطبقة السياسية،  في موت سريري، و في مراحلها الاخيرة وهذا واضح على الأحزاب السياسية اليوم تناقضاتها وتمزقها وبالتالي يمكن أن يكون عدم الاستجابة عائد إلى أنه لم يعد هناك ما يساعده على تطوير المشاركة السياسية وتطوير نتائج الحوارات السياسية التي جرت .

وهو أيضا حال الارتياح التي حصلت من خلال رأي العام والصحافة والسياسيين لم يقدمه إلى الامام وهذا نتيجة لماذا ؟

نتيجة من وجهة نظري  إلى أن الرئيس  ليس لديه فريق للتفكير الاستراتيجي  يساعد في هذه القضايا، أو ليس عنده مركز للدراسات الاستراتيجية في الدولة ، الرئيس مثلا عنده مهامه فعلا ويوزعها لكن يجب أن يكون عنده فريق يفكر له ويقدم له خطط وخلاصات استراتيجية تمكنه من توجيه ما يريد من هذه الناحية ناقص فالسياسي التفكيري، الاستراتيجي غائب عن الرئيس والباقي معه الأدوات والتي فيها ما يقال فمثلا أغلبها تعاطى مع الأنظمة ، وبالتالي بلا مصداقية إن أراد أن يتكلم أو يبرهن على مسألة .

أيضا حالة الارتياح التي حصلت عليها من خلال الرأي العام والصحافة والسياسيين لم يقدمه للأمام .

ثانيا يذهب أغلب الناس إلى أن الفساد مازال  مستشر في هذه المرحلة  بشكل غير عادي، وهذا واضح من خلال كلامه هو حين قال: إن المأمورية الثانية هي مأمورية محاربة الفساد .

ونرى أيضا أنه لا يوجد تعاطي بما يكفي مع هؤلاء المفسدين، هناك أشخاص مفسدين ولديهم ملفات فساد وتعرضوا للتحقيق للمساءلة بسبب فسادهم و أعادوا  ما أخذوا، ثم تم اسناد مناصب لهم من جديد وهم الآن يديرون مؤسسات متعددة وقد أدينوا  في ملفات فساد .

معناه أن أمام الرئيس  مأموريته القادمة لينجز فيها مالم ينجز في المأمورية الأولى، ومهم أن ينجز فيها ليكون مخرجا له من المراحل اللاحقة .

ولابد  أن يملأ هذا الفراغ السياسي، واضح انها لا يستطيع أن يستمر، فلابد أن يعرف الطريقة التي يملأ بها الفراغ السياسي .

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم ؟

محمد سالم الداه: واقع التعليم أنا بالنسبة لي التعليم لم يحدث  فيه جديد ومازال قطعا اشكالية كبرى وهذا كله سببه التعليم وضحيته هذه الأجيال التالية التي لا تعرف لغة معينة، لا تعرف العربية ولا تعرف اللغة الفرنسية .

وكل مرة يأتي وزير جديد ، ووزير التعليم النابع من التعليم لا يوجد، لم أر وزيرا للتعليم منبثق من قطاع التعليم .

معناه أن التعليم لابد أن يكون عليه وزير سبق أن كان مدربا ثم أصبح استاذا ثانويا ثم استاذا جامعيا، وسبق أن كان مديرا لإحدى الإدارات وهكذا هذ الشخص هو الذي يمكن أن تكون له رؤية من خلال التجربة وهؤلاء الوزراء السياسيين ما يقدمونه يؤخذ منه ويرد، وعنده اشكال وهذا واضح ، التظاهرات التي يقوم بها المعلمون ويقوم بها الاساتذة وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية التي مازلنا غير قادرين على تحسينها ، معلم أو أستاذ  لم توفر له الظروف طبيعية، ومازال يشكوا من وضعه وعنده ارتداد نفسي ينعكس على أدائه وعلى نفسي .

وهاهم للأسف في التظاهرات يتعرضون للضرب معناه أن التعليم للأسف ماذا طرأ عليه؟

هذا التعليم يمكن أن يكون طرأت عليه ايجابيا تعليم اللغات وأيضا المدرسة الجمهورية التي أنشأت ووضع لها من الدعاية وهي ما تزال غير ملموسة حتى في الزي الموحد للأطفال وهي فكرة جيدة عندما تعود لهذه المدارس الابتدائية الرسمية والخاصة تجد نسبة 1-6 بالمئة مازال ملتزما بهذا الزي الموحد.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيره؟

محمد سالم الداه:  كلمتي الأخيرة أن هذا الميدان يحتاج جهدا جماعيا، ويحتاج لأناس صادقين وأهل كفاءة.

وبلدنا يحتاج تكاثف الجهود، وأن الذين يريدون فساده وتخريبه وإخراجه عن المسار مستخدمين بعض الدعايات والمهرجانات والروايات من هنا وهناك.

أنا من أهم المسائل عندي الأمن والاستقرار والتعليم والصحة وكثير من التحديات من أي شكل من أشكال الانتخابات ويهمني أن يكون رئيس الجمهورية يأخذه  في اهتماماته ومستعد للقيام به، و كوننا ننشغل دائما في الشق السياسي و نهمل الشؤون الأخرى هذا في العوائق التي مازالت تعترضنا.