القَفْزَة الأخيرة موقع الفكر

هناك قفزة تكون في آخر السباق يعرفها العدّاؤون والمتسابقون، وهذه القفزة كثيرًا ما قدَّمت أقوامًا وأخَّرتْ آخرين، فمن كانت قفزته صحيحة قوية سبق وفاز، ومن كانت قفزته ضعيفة عَبَثِيَّة تأخَّرتْ مرتبتُهُ التي حاز.
وهناك قفزةٌ من السفينة أو المركب، وهي قفزة الهروب قبل الوصول، وهي غالبًا قفزةُ الخوف من مشهد النهاية، وهؤلاء يَفِرُّونَ من حضور لحظات الاختبار، ويؤثرون النجاة بلا كُلْفةٍ أو ثمن، فهم أشحَةٌ على الخير، وهؤلاء تبلغ حسرتهم مداها عند نجاة القوم وسفينتهم، وفوزهم بغنيمة الصبر والمرابطة، وتذوقهم حلاوة المكابدة والمجاهدة، ثم حصولهم على الجائزة والمكافأة. 
وهناك قفزةٌ إلى أعلى، فترى المتسابق فيها يجري ويُسرع، ويندفع بقوة إلى الأمام، حتى إذا وصل إلى حاجز الوثب، وَثَبَ وثبةً عالية؛ ليتخطَّى الحاجز دون مساسٍ أو عرقلة، ثم يهبط بسلام، ليُعلِنَ الحكام فوز هذا البطل الهمام.
إننا الآن في مرحلة القفزة الأخيرة، حيث لم يتبقَّ على نهاية السباق الرمضاني إلا ساعات معدودات.
فيا أيها المتسابقون المسارعون، السّاعون إلى رضوان ربهم وجنته، هَلُمَّ إلى الوثبة الأخيرة؛ فقفزتُكُمْ قفزةٌ فوق جسر جهنم، ثم هبوطكم عند بابٍ يقال له الريان، لا يدخله إلا الصائمون الفائزون.
اجمعوا قوتكم، واشحذوا عزيمتكم وهِمَّتَكم، وشُدُّوا مآزِرَكُم، وانطلقوا، لا تلوون على شيء، واقفزوا القفزة الأخيرة طولًا وعرضًا وارتفاعًا، دون كسلٍ أو تراخٍ أو تأخير، عسى أن نكون من الفائزين المُكرَّمين، والعِبْرَةُ يا إخواني بالخواتيم.
وأخيرًا، 
أجمل التهاني للمقبولين، وأحَرّ التعازي للمحرومين.
اللهم أعِنَّا ووفقنا وسدِّدْنا، واكتبنا من المقبولين، ولا تجعلنا من المحرومين.

الخبير التربوي فؤاد علوان