ترجع هذه الظاهرة إلى أسباب عدة كنا قد ذكرنا بعضها ضمن أسباب تدني مستويات التعليم بصفة عامة، ويمكنني الآن أن أقتصر هنا على سببين رئيسيين في نظري هما:
- عدم أخذ المواد المدرسة أصلا باللغة الأم، ولاسيما الرياضيات والمواد العلمية، وذلك ما تم تأكيده من طرف الدراسات المقامة في هذا المجال؛ فبعد إصلاح 1999 الذي اعتمد فيه تدريس المواد العلمية والرياضية باللغة الأجنبية، تبيّنُ الدراسات الوطنية والإقليمية تراجع أداء تلامذتنا في الرياضيات: في المرحلة الابتدائية، ونقص الاهتمام لديهم بالعلوم والتكنولوجيا في المرحلة الإعدادية، والثانوية، ومرد ذلك العزوف عن المواد العلمية والضعف فيها إلى كون هؤلاء الأطفال- في المرحلة الأساسية- تلقوا تعليمهم للمواد العلمية بلغة أجنبية، وذلك ما تؤيده كذلك الدراسات التي أجريت من قبل: اليونسكو، والبنك الدولي، حيث تؤكد أن التلاميذ يتعلمون بشكل أفضل وأسرع وبحماس عندما يدرسون العلوم بلغاتهم المتداولة؛ وأن التدريس في جميع المواد باللغة الأم ليس فقط يزيد درجة الفهم للمتعلمين، ولكنه أيضا يمهد الطريق لمزيد من التنمية الوطنية. وهذا كذلك ما يؤيده الخبراء من أقطار متفرقة على سبيل المثال: الفيليبين توصلت إلى أن التدريس باللغة المحلية يشجع الأطفال على البقاء في المدارس بدلا من التسرب، وأن الأطفال الذين يتعلمون بلغتهم الأم يحصلون على تقديرات عالية في اختبارات العلوم والرياضيات، مع العلم أن الفيليبين فيها 120 لغة محلية. ويعد من الأسباب الأساسية لتلك الأزمة سبب آخر، هو تغييب الإملاء عن مسابقة دخول الإعدادية، عندما كان من يحصل على خمسة أخطاء في الإملاء يقصى من المسابقة كانت المستويات مرتفعة، وذلك لأن التلميذ كان يجتهد لتقوية مستواه في الإملاء، ولشدة علاقة الإملاء باللغة يتقوى مستواه فيها، وبما أن اللغة حاملة لجميع المواد فبقوة التلميذ فيها يقوى في بقية المقرر، وعلى هذا تكون إعادة الإملاء للمسابقة بقوته القديمة ضمانة للرفع من مستوى التلاميذ؛ هذان سببان رئيسيان يكفي كل واحد منهما في التأثير سلبا على نسب النجاح، يضاف إلى ذلك ضعف أداء المدرس، حين انعدم لديه الضمير المهني مع غياب المحفزات من مكافأة وعقوبة، وانعدام المعايير التي يتم عن طريقها إسناد المهام لأصحاب الكفاءات، لو رضي المدرس وبذل مجهودا أكثر لكانت النتائج أبلغ.