الدكتور بومية ولد أبياه لموقع الفكر:إصلاح التعليم يستدعي تحسين ظروف المدرسين

الدكتور بومية ولد أبياه لموقع الفكر:إصلاح التعليم يستدعي تحسين ظروف المدرسين

قال الدكتور بوميه ولد ابياه إن مستوى التعليم ضعيف جدا وهو ما تعكسه نسب النجاح الضئيلة في الشهادات الوطنية مضيفا إن من أسباب تردي التعليم وجود هوة سحيقة بين التعليم الأصلي والنظامي..

وطالب ولد ابياه في حوار خاص مع موقع الفكر إلى قيام تعليم عصري يجمع المنهج التنظيمي العصري والمحتوي العلمي على خد تعبيره.

وبخصوص اللغة العربية قال الدكتور بوميه إنها ليست عاجزة وإنما أهلها هم العاجزون مضيفا إن إصلاح التعليم يستدعي تحسين الظروف والوسائل اللوجستية للمدرسين بما في ذلك الرواتب.

وثمن الدكتور بوميه دور الجمعية الثقافية الإسلامية في التأسيس للصحوة إلا أنه لا يرى ضرورة لإعادة الترخيص لها ولا لحصر العمل للإسلام في جمعية واحدة.

ونصح الشباب بالإقبال على اللغة العربية والمحاظر وأن يحافظوا عليها بالعمل على تغيير طريقة التفكير السائدة لدى طلاب المحاظر.

وتعرض الدكتور بوميه إلى جوانب من مسيرته العلمية وعطاءاته في مجال التعليم والتأليف وإنجازاته بعدما تقلد وظائف سامية في قطاع التعليم والتربية وفيما يلي نص المقابلة.

موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد  بشخصكم الكريم من حيث الاسم وتاريخ ومحل الميلاد وأهم الشهادات والمناصب التي تقلدتم؟ 
د. بوميه بن أبياه : الاسم الحقيقي محمد عبد الله بن محمد سعيد بن محمد بن أبياه وغلب علي لقب بوميه تفاؤلا بأن أعيش مائة سنة في الطاعة، وقليل من الناس من يعرف اسمي الحقيقي ،لأن بوميه هو الاسم المعتمد في بطاقة التعريف وجواز السفر والشهادات والمؤهلات، وقد نشأت كما ينشأ فتيان المجموعة الاجتماعية التي أنتمي إليها من حيث تعلم القرءان في الكتاتيب ، وقد فتحت في حينا مدرسة سنة 1962م فانتزعني أبي منها انتزاعا وذهب بي بعيدا إلى محظرة الشيخ محمدً بن محمد النابغة بن الشيخ محمدُ بن حبيب الرحمن فمكثت معه زمانا ،ثم ذهبت إلى شيخ الأجيال وابن شيخ الأجيال التاه بن يحظيه بن عبد الودود ودرست عليه الألفية ثم التحقت بمعهد أبي تلميت، وكان آنذاك بمثابة الجامعة حيث يدرس فيه علماء كبار من أمثال الشيخ محمد عالي بن عبد الودود والشيخ محمد بن أبي مدين أصول الفقه المالكي في مختصر الشيخ خليل ،وأخذت عن الشيخ محمد بن أبي مدين في مصطلح الحديث طلعة الأنوار وألفية العراقي وبعض المؤلفات.
وحصلت على شهادة الثانوية العامة وكان أول امتحان لشهادة الثانوية العامة باللغة العربية وذلك عام 1975م. ثم عملت معلما ودخلت بعدها المدرسة العليا لأساتذة التعليم ،لأتخرج بعدها أستاذا وذهبت إلى تونس ودرست فيها سنتين في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في علوم التربية وطرق التدريس ،ثم ذهبت إلى المغرب وحصلت على شهادة الماستر ثم سجلت في شهادة الدكتوراه، وحصلت على الدكتوراه من جامعة محمد الخامس كلية الآداب، ثم قضى الله أن سافرت إلى دولة الكويت وقضيت فيها فترة ثم سافرت إلى الإمارات وقضيت فيها فترة ثم رجعت إلى البلد و بعد أن تقاعدت استقر بي المقام في البلد،وبدأت التدريس في محظرة افتتحتها وبعد مجيء هذا الوباء الذي أسأل الله أن يرفعه عنا وعن سائر بلاد المسلمين، توقف التدريس والآن أفكر في التدريس عن بعد. 

موقع الفكر: يقال إنكم من وضع برنامج الآداب الأصلية ما حقيقة هذا الموضوع؟
د. بوميه بن ابياه: برنامج التعليم سبقني بكثير من الزمن، والتعليم كما تعلمون كان تعليما فرنسيا ،واستمر التعليم الفرنسي امتدادا للمستعمر إلى غاية سنة 1964م. بدأ بعض الوطنيين يطرح قضية الأصالة في التعليم وأنه كما الاستقلال في المجال السياسي يجب أن يتم الاستقلال في المجال الثقافي ،والعلمي وكان لهذا التفكير صدى كبير، ومن بين من نادى به الوالد محمذً بن باباه والوالد أحمد بن سيدي باب وغيرهما من الأطر ،وبذلوا مجهودا كبيرا ومر بعدة مراحل الأولى منها مرحلة  1967م. وهي أن يؤتى بسنة تمهيدية قبل التعليم وتكون باللغة العربية لكي يتكون لدى الأبناء أساس قوي ،واستمر هذا حتى السبعينات إلى أن حدث إصلاح 73 19م. ويمكن القول إنه كان بداية التعليم في البلد وتم طرح برامج وما إن دخلت سنة 1975م. حتى اكتملت الصورة ونظمت أول شهادة للبكالوريا باللغة العربية. ونظمت كذلك أول شهادة ختم الدروس الإعدادية باللغة العربية سنة 1972م. واستمرالتعليم على ما فيه من النواقص، وبالنسبة للبرامج فلم يكن هناك برنامج بالمعنى القوي والمعنى التربوي الدقيق وإنما كانت فيه أفكار ورؤوس أقلام وعناوين وابتداء من سنة 1980م. بدأ إصلاح جديد للتعليم ودعيت إلى الإسهام في هذا البرنامج عام تخرجي  من المدرسة العليا للتعليم ،وفي السنة الثالثة والرابعة من المدرسة كانوا يستعينون بي في قضية البرنامج وطريقة طرح أسئلة البكالوريا والشهادة الإعدادية ،ولما تخرجت حولت إلى الثانوية العربية وقد بناها معمر القذافي، وكنت أول من درس فيها، ووجدنا التعليم دون برامج وكل أستاذ يدرس ما يريد ويقضي الوقت فيما يريد، وطرحنا القضية على الجهات المعنية، وبالذات فإن التربية الإسلامية لم يكن لها من وجود وإنما كانت مادة تسمى التربية المدنية والأخلاقية، يدرس فيها الأستاذ ما يشاء وكان بعض الأساتذة يستغلها لنشر إيديولوجيته، واستطعنا في هذه المرحلة أن نضع برنامجا للتربية الإسلامية ابتداء من السنة الأولى من التعليم  الإعدادي حتى السنة السادسة من التعليم الثانوي.
ولما كان ضارب التربية الإسلامية يومئذ هزيلا حيث لا يتعدى عشرين درجة من أصل ثمان مائة درجة  وهذا شيء ضعيف قلنا ينبغي أن يتغير هذا الأمر، فبذلنا بعض الجهود، وكان بعض القائمين على العمل ـ جزاهم الله خيراـ عونا لنا، وكان المفتش العام يومئذ لكبيد بن محمدً بن حمديت من أهم من أعاننا على هذا الموضوع، واستطعنا تخصيص برنامج للتربية الإسلامية ولما لم يكن ممكنا تطبيقه في المدرسة يومئذ اقترحنا أن تكون هنالك ثانوية عامة، منطلقة من العلوم الشرعية وتسمى بالعلوم الأصلية وسميت بكالوريا الأصلية ،وكثير من الناس في العامية ينطقها بالحرف اللاتيني باك، "o " ولما تقررت كانت فتحا خاصة بالنسبة لأهل المحاظر ،وبذلنا فيه مجهودا كبيرا وساعدنا عليه العلماء القائمون حينئذ كمحمد يحيى بن الشيخ الحسين ،ومحمد بن أحمد مسكه،وبذلوا جهودا كبيرة في إقناع السلطة القائمة يومها، وما زالت موجودة ولله الحمد، وهي موجودة في المغرب والجزائر وكانت موجودة في فترة ما بتونس، وكان لنا الشرف أن قيضنا الله للمساهمة في إقامة هذه الشهادة بهذا الشكل، وفي تعليم هذه الأجيال وتربيتها على هذا المبدأ، نحمد الله أن وفق لذلك، ونسأله تعالى أن يتغمد ويرحم الإخوة الذين ساهموا وساعدوا، وقاموا معنا في هذا المجال بواسع رحمته، وأن يحفظ الأحياء منهم وكل من ساعد في هذا المجال من الإعلاميين والتربويين. 

موقع الفكر: رغم هذا الإنجاز توجد منغصات تطرح في مادة الفلسفة فما تعليقكم؟
د. بوميه بن ابياه: من الطبيعي أن ينفتح البلد على التعليم الأصلي في كل مكان،وأن ينفتح على البرامج التعليمية في الدول العربية ،ومادة الفلسفة مقررة في الدول العربية والفلسفة لا تقوم على أساس إسلامي، فبعض الفلاسفة ملحد وبعضهم وجودي، وبعضهم ليس هذا ولا ذاك، وبطبيعة الحال لطرح هذه الأفكار حصل نقاش وأحيانا يكون حادا وتتبادل فيه التهم بالإلحاد والزندقة، ولا أريد النزول إلى المستويات التي قد حصلت ولكن من المهم أن هذا حصل وكان أن حور برنامج الفلسفة حتى لا يكون فيه ما يخالف الشريعة الإسلامية، وهذا من المنجزات وصيغ ما يسمى ببرنامج الفلسفة الإسلامية .
 فعلماء الكلام المسلمين الذين تكلموا في الفلسفة كابن رشد وابن سينا ورسائل إخوان الصفا والإمام الغزالي وغيرهم، وصار جزء من برنامج الثانوية الأصلية وبقيت الفلسفة في التعليم الثانوي العام  كما هي إطارها أجنبي ومرجعيتها أجنبية، وأساتذتها في أغلبهم أجانب ومع ذلك المجتمع له قوة آيديولوجية وفكرية واستطاع أن يستوعب هذا كله وأن يتكيف معه وأن تسير القافلة على الطريق الجاد. 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم؟ 
د. بوميه بن ابياه: هذا في الحقيقة سؤال كبير، فالتعليم له أهله القائمون عليه ونرجو للمجلس الذي عين التوفيق من الله عز وجل، لأهله فرديا وجماعيا وأقول على مستوى انطباعاتي الشخصية إن مستوى التعليم ضعيف جدا، وهذا الضعف مشاهد في جميع المستويات، سواء في المترشحين للثانوية العامة أو المترشحين لشهادة الدروس الإعدادية، ونسبة النجاح ضيئلة جدا وبصفتي مخضرما جمع بين التعليمين النظامي والأصلي أقول إن هناك هوة سحيقة بين التعليم الأصلي والنظامي وهذا الفراغ الذي يقع بين التعليمين يجب أن نقوم بجهود كبيرة حتى نسده وهذا الفراغ أجسده كالآتي: 
فالتعليم الأصلي والمتخرجون من المحاظر لديهم مادة علمية غزيرة لا سيما في المستوى المطلوب، ولكنهم من حيث التنظيم وترتيب الأفكار ضعفاء جدا، وينقصهم التكوين في هذا المجال، وخريجو التعليم العصري يدربون على تنظيم  الأفكار وترتيبها والمنهجية، ولكن بضاعتهم العلمية مزجاة وضعيفون جدا، فالمتخرج من الثانوية العربية العصرية وأحيانا الأصلية لا يستطيع أن يكتب مقالا، وبالتالي الضعف في المستوى كبير جدا، وهذا الفراغ الذي حصل هو ضعف في المنهج من جانب، وضعف في المحتوى من جانب آخر ينبغي أن يسد، وأن يقوم تعليم عصري يجمع بين الحسنيين ، يجمع المنهج التنظيمي العصري وبين المحتوى العلمي، وإذا حصل هذا المنهج فإن التعليم سينجح وستتخرج أجيال قادرة على توصيل رسالة العلم، وما نجحت الثورة والنهضة في مصر إلا بالجمع بين هذين المستوين، وهما ترتيب الأفكار والمناهج والتركيز على عناصر البحث، واستيعاب المحتوى العلمي وهذا هو ما أرانا الله تعالى أنه هو الطريقة الصحيحة، وهذا يجب أن يكون شاملا ويجب أن تتغير طرق التدريس تماما.

موقع الفكر: ما ذا تمثل المحظرة بالنسبة لكم؟
د. بوميه بن ابياه: أقول إن المحظرة كنز ثمين لا ينفد ومعدن عريق لا ينبغي أن يفرط فيه، ينبغي أن يصان ويحافظ عليه وأن تصاغ مخرجاته بعناية فائقة. ونحن الآن لدينا المادة ،عندنا الذهب، ولكننا لا نستطيع تصفيته وإخراجه بالشكل الذي نستعمله، وكذلك العلم عندنا ولا نستطيع إخراجه بالشكل الذي نريد تصفيته، والذهب والحديد والنحاس نبعثه إلى الخارج فتعود إلينا بضاعتنا، وقد حولت وغيرت بشكل آخر، ولم تعد كما هي ولذلك التعليم المحظري يجب أن يحافظ عليه لأنه كنز ومعدن يعبر،عن أصالة المجتمع ولكن يجب أن تعطى له وسائل جبارة ،والقضاء عليه خيانة للبلد وللإسلام وللغة العربية ولكن ينبغي أن يصاغ صياغة تمكن أهله من توصيل رسالتهم.

موقع الفكر: هل اللغة العربية مؤهلة لأن تكون لغة الإدارة والعلم؟
د. بوميه بن ابياه: هذا الموضوع تقليدي وقد طرح في بداية القرن في مصر والعراق ولا شك أنكم تحفظون قصيدة حافظ إبراهيم، وقد استطاعت بعض الدول العربية أن تعرب كل تعليمها بما في ذلك أكثرها  تعقيدا كالطب والهندسة فاللغة ليست عاجزة مطلقا وإنما أهلها هم العاجزين. 

موقع الفكر: هل تقرضون الشعر في كل الأغراض؟
د. بوميه بن ابياه: أنا ممن يقول الشعر في بعض المراثي  و الإخوانيات ولكن لست من الشعراء وما يهمني من الشعر هو معرفة اللغة العربية لغة القرءان وأن تدرب الأجيال على معرفته وتفهم لغة القرءان.

موقع الفكر: هل لكم من مؤلفات؟
د. بوميه بن ابياه: مؤلفات محدودة في شرح المعلقات العشر  ولامية الشنفرى ولامية الأفعال وبعض أبواب ألفية بن مالك وفي الأساس إملاءات على الطلاب. 

موقع الفكر: هنالك مبادرة لتطوير اللغة العربية هل أنتم على علم بها؟ 
د. بوميه بن ابياه: لم تصلني دعوة إليها ولكني واحد من أهلها بطبيعة الحال.

موقع الفكر: هل الإشكال اللغوي تربوي أم سياسي؟ 
د. بوميه بن ابياه: أرى أنه إشكال تربوي قبل كل شيء وأن الطريقة التي تدرس بها اللغة العربية ينقصها الكثير من الأمور من حيث طرق التدريس والتوصيل، والأساتذة المشرفون والمنهج المتبع، هذا كله فيه نواقص ولو أنه تم لكان الأمر مختلفا، وسأعطي مثالا فنحن يتخرج عندنا الطالب بشهادة البكالوريا  وهو لا يستطيع أن يحرر مقالة تحريرا صحيحا، بينما في اللغات الأجنبية عندما يصل الطالب إلى مرحلة البكالوريا يكون قد انتهى من مسألة النحو والصرف وهذا الأمر يعود في بعضه إلى المنهج وطريقته وبعضه يرجع إلى طرق التدريس المتبعة. 

موقع الفكر: تدني نسبة النجاح في الامتحانات الوطنية هل يعود إلى الجدية والصرامة في االتقويم والتصحيح أم إلى ضعف مستويات الطلاب؟
د. بوميه بن ابياه: فيه عوامل كثيرة ليس هذا محل ذكرها، بعضها يرجع إلى الأساتذة والمعلمين والتلاميذ، ويحتاج ملتقيات أكبر وما سوى ذلك مجرد انطباعات ولا ينبغي أن تعتبر علما إلا إذا قننت ودرست. 

موقع الفكر: لو طلب منكم ثلاثة أولويات لإصلاح التعليم؟ 
د. بوميه بن ابياه: أولا تكوين المدرس في التعليم الأساسي والثانوي، فينبغي أن تعطى العناية لتكوين المدرسين ولو أدى ذلك إلى تغيير مدارس التكوين وبرامجها،   وثانيا ينبغي أن يصاغ البرنامج على أساس علمي، ومواصفات المنهج العلمي التي منها ما هو اجتماعي ومنها ما هو لغوي، وهي أسس كثيرة وتبقى الوسائل اللوجستية بما فيها رواتب المعلمين، وقد قضيت عشرين سنة وأنا نقيب المعلمين وأعرف مشاكلهم وظروفهم.

موقع الفكر: ماذا أنجزتم خلال فترة توليكم نقابة المعلمين؟ 
د. بوميه بن ابياه:  توليت نقابة المعلمين سنة 1981م. حتى عام 1995 وكانت مهمتنا رفع بعض المظالم وزيادة الرواتب وبذلنا الجهود المناسبة ولكن الظروف لم تكن مناسبة.

موقع الفكر: ما تقويمكم للدور الذي لعبته الجمعية الثقافية الإسلامية في هذا البلد؟
د. بوميه بن ابياه: أرى أن عملها كان عملا رائدا جدا، وأرى أنها أسست لصحوة إسلامية قوية وأنها نبهت المجتمع وكونته على التربية الإسلامية، وكان لأعضائها الشيخ كاكيه ومحمد يحيى بن فتى والأخ عبدو محم دور هام في ذلك.
 
موقع الفكر: لم لا تطالبون برفع الظلم عنها؟
د. بوميه بن ابياه: الجمعيات موجودة ولله الحمد في مختلف المجالات وليس بالضرورة أن تنحصر في جمعية واحدة. 

موقع الفكر: ما هي أهم الكتب التي تدرسون للطلاب في المحظرة؟
د. بوميه بن ابياه: لا ندرس إلا الكتب التقليدية ولكن ما نراهن عليه هو طرق الدريس وطرق التوصيل وطرق الأداء، ففي النحو مثلا لم نبتدع نحوا جديدا وإنما ندرس النحو الذي كان ، فقط الجديد معنا هو طريقة التدريس المتبعة، وقد قلت في مقابلة مع قناة الجزيرة إن طريقة التدريس المتبعة هي التي نرى أن يعاد إليه الاعتبار. 

موقع الفكر: ما هي الطريقة الجديدة عندكم لتدريس النحو؟
د. بوميه بن ابياه: الطريقة الجديدة عندنا تعتمد الآتي: 
ـ تكوين المتعلم وإشراكه في الموضوع بحيث تعطى له الأدوات اللغوية الكافية لفهم العلوم ويدرب على فهمها واستعمالها؛ 
ـ  لا نبدأ له بالمتون القديمة وإنما نفهمه محتواه، ونعطيه محتوى المتن ونعطيه القاعدة الأصلية حتى تكون لديه فكرة عن الموضوع، ونستدرجه إليها وعندما يفهمها تماما نأتي إلى المتن، والمتن هو آخر ما يوصل إليه، وهذه الطريقة جربتها في الخليج وقد لا نلتزم بنص الألفية مثلا في موضوع الضمير من الكافية أو من احمرار ابن بونا أو الموصول الحرفي من السيوطي، والمهم ليس النص وإنما المهم تغيير طريقة التدريس، والطريقة التلقينية هي المقصودة بالنقد وليس هذا من عندي بل تجده عند عبد الرحمن بن خلدون في المقدمة، يقول بالحرف الواحد " تجد طالب العلم بعد كثير من ذهاب أعمارهم بملازمة الدرس سكوتا لا ينطقون ولا يفاوضون وعنايتهم بالحفظ أكثر من اللازم فتجد واحدا منهم ملكته قاصرة إن فاوض أو ناظر أو علم . 
وأعطيك مثالا حيث كنا في المشرق ويأتي الطلبة من موريتانيا ومن بقية الدول العربية فيلقى إليهم نفس السؤال فيأتي الطالب بنظم وغمغمة ولا يستطيع أن يعطي موضوعا علميا، ويأتي الطالب الآخر والموريتاني أعلم منه ويمكن أن يدرسه ولكن الطالب الآخر درس بطريقة منهجية فيقال إن الطالب المشرقي عالم، والموريتاني جاهل والعكس صحيح ولكن ترتيب الأفكار والمنهج هو ما ينقص الموريتاني، فبعض الناس لديه المحتوى وينقصه المنهج العلمي والبعض الآخر لديه المنهج وينقصه المحتوى فنعطي كلا ما يحتاجه. فإذا اجتمع هذا بهذا حصل المراد. 

موقع  الفكر: هل من كلمة أخيرة؟ 
د. بوميه بن ابياه: أحب أن أوجه كلمة أخيرة إلى الشباب الموريتاني وإلى العاملين في مختلف هذه الحقول، وهي أن يتجهوا إلى اللغة العربية وأن يتجهوا إلى المحاظر ويحافظوا عليها ويحاولون جادين أن يغيروا طريقة التفكير وألا يأخذوا إلا شيئا يستطيعون استيعابه والتصرف فيه أحسن التصرف، فيستطيعون التصرف فيه ونقده ويستطيعون تغييره وتحويره، وإعادة الصياغة فيه وهو ما يعني تغييرالعقلية العلمية وهذا ما أوصي به طلاب المحظرة ومشائخها.