تجريده مع جماعة من الإخوان من جنسيتهم المصرية:
وفي هذا الوقت كان سعيد في الخارج مع جماعة من الإخوان، فاتهمهم رجال الثورة بأنهم يعملون ضد وطنهم، ويقومون بأعمال مضادّة للثورة، فجرَّدوا هؤلاء من جنسيتهم المصرية، وهم: عبد الحكيم عابدين، وسعيد رمضان، وكامل الشريف، وسعد الوليلي.
والعرب يقولون: ربَّ ضارة نافعة، والصوفية يقولون: كم من محنة في طيها منحة، والله تعالى يقول: {فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا} (النساء:19).
فإنَّ هذا القرار الظالم قد أعفى هؤلاء الإخوة جميعًا من الدخول في محنة 1954م، الثانية والقاسية. واقتضى بقاءهم في الخارج نشيطين عاملين للإسلام.
وظلَّ سعيد في الخارج، كما ظل يصدر من سوريا مجلته الشهرية «المسلمون»، وقد جعل رئاسة تحريرها للدكتور مصطفى السباعي، ثم تولَّى هو رئاستها بعد ذلك، إلى أن توقَّفت.
إنشاء المركز الإسلامي بسويسرا:
ثم أنشأ «المركز الإسلامي» في جنيف بسويسرا، بمعاونة من السعودية وغيرها.
وفي هذه الفترة اتهمت السلطات المصرية سعيد رمضان ومعه مجموعة، بتهمة إعداد مؤامرة ضد مصر، وإعلان الانقلاب عليها. وكانت هذه التهمة الملفقة «حبل النجاة» من الاعتقال والتعذيب، ومعاناة محنة 1954م.
وكان سعيد يطوف في هذه المرحلة بلاد العالم الإسلامي، يستنفر القاعدين، ويوقظ النائمين، ويحرِّك الساكنين، ويتعرَّف على رجالات الأمة الإسلامية في كل مكان.
وقد سعى مع بعض إخوانه سعيًا حثيثًا لدى الملك سعود، حتى أنشأ «رابطة العالم الإسلامي» لتكون منبرًا شعبيًّا عالميًّا لنصرة الإسلام وقضاياه.
مزايا لسعيد رمضان:
كان سعيد رمضان يتمتع بجملة مزايا قلَّما تتوافر لكثير من الدعاة، بعضها هبات من الله تعالى يمحنها من شاء من عباده، وبعضها مكتسبة يحصّلها المرء بالسعي وجهاد النفس وبذل الجهد، ومن جد وجد، ومن زرع حصد.
من هذه المزايا:
أولًا: بشاشة وجهه، وابتسامته الدائمة، وشخصيته الجاذبة، بلا تكلف ولا افتعال؛ وهو ما جعله قريبًا محببًا إلى الناس، ولا سيما الشباب.
ثانيًا: لباقته وحضور بديهته في الحوار والرد على الأسئلة المحرجة، والإجابة المقنعة أو حسن التخلص منها.
ثالثًا: فصاحة لسانه، وقوة تأثيره في خطابته، وشدُّ الجماهير إليه.
رابعًا: قوة عاطفته، وحيوية مشاعره، التي تنتقل منه إلى سامعيه، فتجعله يبكي ويبكي، ويتأثر ويؤثر.
خامسًا: قربه من الإمام الشهيد، وثقة الإمام به، حتى إنه كلَّفه بمهام كبيرة على صغر سنه.
سادسًا: اتصاله بالدعوة ورجالها، ونشاطه فيها منذ عهد مبكر من عمره.
سابعًا: رحلته إلى أقطار شتى، وتعرفه على كثير من رجالات العالم الإسلامي، وخصوصًا العاملين للدعوة الإسلامية، والبعث الإسلامي.
ثامنًا: قدرته على الاتصال بالشخصيات الكبيرة، وتأثيره فيهم، واستفادته من ذلك لصالح الدعوة.